النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

قوله عز وجل : { ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم رُدَّتْ إليهم } أي وجدوا التي كانت بضاعتهم وهو ما دفعوه في ثمن الطعام الذي امتاروه .

{ قالوا يا أبانا ما نبغي } فيه وجهان :

أحدهما : أنه على وجه الاستفهام بمعنى ما نبغي بعد هذا الذي قد عاملنا به ، قاله قتادة .

الثاني : معناه ما نبغي بالكذب فيما أخبرناك به عن الملك ، حكاه ابن عيسى .

{ هذه بضاعتنا ردت إلينا } احتمل أن يكون قولهم ذلك له تعريفاً واحتمل أن يكون ترغيباً ، وهو أظهر الاحتمالين .

{ ونمير أهلنا } أي نأتيهم بالميرة ، وهي الطعام المقتات ، ومنه قول الشاعر :

بعثتك مائراً فمكثت حولاً *** متى يأتي غياثك من تغيث .

{ ونمير أهلنا } هذا ترغيب محض ليعقوب .

{ ونحفظ أخانا } وهذا استنزال .

{ ونزداد كيل بعير } وهو ترغيب وفيه وجهان :

أحدهما : كيل البعير نحمل عليه أخانا .

والثاني : كيل بعير هو نصيب أخينا لأن يوسف قسّط الطعام بين الناس فلا يعطى الواحد أكثر من حمل بعير .

{ ذلك كَيْلٌ يسير } فيه وجهان :

أحدهما : أن الذي جئناك به كيل يسير لا ينفعنا .

والثاني : أن ما نريده يسير على من يكيل لنا ، قاله الحسن . فيكون على الوجه الأول استعطافاً ، وعلى الثاني تسهيلاً .

وفي هذا القول منهم وفاءٌ ، ليوسف فيما بذلوه من مراودة في اجتذاب أخيهم لأنهم قد راودوه من سائر جهات المراودة ترغيباً واستنزالاً واستعطافاً وتسهيلاً .