فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

{ ولما فتحوا } بحضرة أبيهم { متاعهم } أي أوعية الطعام أو ما هو أعم من ذلك مما يطلق عليه اسم المتاع سواء كان الذي فيه طعاما أو غير طعام { وجدوا بضاعتهم } التي حملوا إلى مصر ليمتاروا بها وهي ثمن الطعام وقد تقدم بيانها { ردت إليهم } وجملة { قالوا يا أبانا } مستأنفة كما تقدم { ما نبغي } ما للاستفهام الإنكاري ، والمعنى أي شيء نطلب من هذا الملك بعد أن صنع معنا من الإحسان برد البضاعة والإكرام عند القدوم إليه وتوفير ما أردناه من الميرة وأرادوا بهذا الكلام تطييب قلب أبيهم .

وقال قتادة : ما نبغي وراء هذا وقيل إن ما نافية أي ما نبغي في القول وما نزيد فيما وصفنا لك من إحسان الملك إلينا وإكرامه لنا ، وقرئ بالفوقية خطابا ليعقوب أي : أي شيء تطلب وراء هذا الإحسان أو أي شيء تطلب من الدليل على صدقنا .

ثم برهنوا على ما نفوه من التزييد في وصف الملك بقولهم { هذه بضاعتنا ردت إلينا } فإن من تفضل عليهم برد ذلك حقيق بالثناء عليه منهم ، مستحق لما وصفوه به وهي جملة مقررة لما دل عليه الاستفهام من الإنكار لطلب شيء مع كونها قد ردت إليهم .

{ ونمير أهلنا } نجلب إليهم الميرة وهي الطعام يقال مار أهله يميرهم إذا حمل لهم الطعام وجلبه من بلد آخر إليهم والمائر الذي يأتي بالطعام وقرأ السلمي بضم النون { ونحفظ أخانا } بنيامين مما تخافه عليه { ونزداد } بسبب إرساله معنا { كيل } حمل { بعير } زائد على ما جئنا به هذه المرة لأنه كان يكال لكل رجل ومر بعير قال مجاهد حمل حمار وهي لغة ، قال أبو عبيدة : يعني أن الحمار يقال له في بعض اللغات بعير .

{ ذلك } أي زيادة كيل بعير لأخينا { كيل يسير } يسهل على الملك ولا يمتنع علينا من زيادته له لكونه يسيرا لا يتعاظمه ولا يضايقنا فيه ، وقيل إن المعنى ذلك المكيل لأجلنا قليل نريد أن ينضاف إليه حمل بعير لأخينا ، واختار الزجاج الأول ، وقيل إن هذا من كلام يعقوب جوابا على ما نزله أولاده { ونزداد كيل بعير } يعني أن حمل شيء يسير لا يخاطر لأجله بالولد وهو ضعيف لأن جواب يعقوب هو :