محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

[ 65 ] { ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير 65 } .

{ ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم } أي وجدوا دراهمهم ، ثمن طعامهم في متاعهم .

روي أن أحدهم فتح متاعه ليأخذ علفا لدابته ، فرأى فضته في فم متاعه فقال لإخوته : قد ردت دراهمي وها هي في متاعي ثم لما وصلوا كنعان ، وأخذوا يفرغون أوعيتهم ، وجد كل واحد منهم صرة دراهمه في وعائه ، فاستطارت قلوبهم ، ودهشوا وحمدوا عناية الله بهم .

{ قالوا يا أبانا ما نبغي } أي ماذا نبتغي وراء ذلك ؟ هل من زيادة ؟ أي : لا مزيد على ما فعل ، لأنه أكرمنا ، وأحسن مثوانا ، بإنزالنا عنده ، ورد الثمن علينا . والقصد إلى / استنزاله عن رأيه : أو : لا نبغي في القول ولا نكذب فيما حكينا لك ، من إحسانه الداعي إلى امتثال أمره . أو : ما نبغي وما ننطق إلا بالصواب فيما نشير به عليك من تجهيزنا مع أخينا . وقرئ على الخطاب . أي : أي شيء تطلب وراء هذا من الدليل على صدقنا ؟ .

{ هذه بضاعتنا ردت إلينا } جملة مستأنفة موضحة لما دل عليه الإنكار من بلوغ اللطف غايته ، كأنهم قالوا : كيف لا ، وهذه بضاعتنا ردت إلينا تفضلا من حيث لا ندري ؟

{ ونمير أهلنا } معطوف على مقدر مفهوم . أي : فنستظهر بها ، ونمير أهلنا إذا رجعنا إلى الملك . أي : نأتيهم بميرة ، أي بطعام . يقال : ( ماره ) أتاه بطعام ومنه : ( ما عنده خير ولا مير ) .

{ ونحفظ أخانا } أي : فلا يصيبه شيء مما تخافه { ونزداد كيل بعير } أي باستصحابه { ذلك كيل يسير } أي سهل على هذا الملك المحسن لسخائه ، فلا يضايقنا فيه . أو المعنى قصيرة المدة ، ليس سبيل مثله أن تطول مدته بسبب الحبس والتأخير أو المعنى : ذلك الذي يكال لنا دون أخينا شيء يسير قليل ، فابعث أخانا معنا حتى نتسع ونتكثر بمكيله .

وقال ابن كثير : هذا من تمام الكلام وتحسينه . أي : إن هذا يسير في مقابلة أخذ أخيهم لا يعدل هذا . فلا يكون من كلامهم ، والجملة محتملة الكل .