السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَٰعَهُمۡ وَجَدُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ رُدَّتۡ إِلَيۡهِمۡۖ قَالُواْ يَـٰٓأَبَانَا مَا نَبۡغِيۖ هَٰذِهِۦ بِضَٰعَتُنَا رُدَّتۡ إِلَيۡنَاۖ وَنَمِيرُ أَهۡلَنَا وَنَحۡفَظُ أَخَانَا وَنَزۡدَادُ كَيۡلَ بَعِيرٖۖ ذَٰلِكَ كَيۡلٞ يَسِيرٞ} (65)

{ ولما } أرادوا تفريغ ما قدموا به من الميرة { فتحوا متاعهم } ، أي : أوعيتهم التي حملوها من مصر { وجدوا بضاعتهم } ، أي : ما كان معهم من كنعان لشراء القوت { ردّت إليهم } والوجدان ظهور الشيء للنفس بحاسة أو ما يغني عنها ، فكأنه قيل : ما قالوا ؟ فقيل : { قالوا } ، أي : لأبيهم عليه السلام { يا أبانا ما } استفهامية ، أي : أي شيء { نبغي } ، أي : نريد ، جميع القراء أثبتوا الياء وقفاً ووصلاً لثباتها في الرسم ، فكأنه قال لهم : ما الخبر ؟ فقالوا بياناً لذلك ؟ وتأكيداً للسؤال في استصحاب أخيهم : { هذه بضاعتنا ردّت إلينا } هل من مزيد على ذلك أكرمنا وأحسن مثوانا وباع منا وردّ علينا متاعنا .

ولما كان التقدير ونرجع بها إليه بأخينا ، فيظهر له نصحنا وصدقنا { ونمير أهلنا } ، أي : نجلب إليهم الميرة برجوعنا إليه ، والميرة الأطعمة التي تحمل من بلد إلى بلد { ونحفظ أخانا } فلا يصيبه شيء مما تخشى عليه تأكيداً للوعد بحفظه { ونزداد كيل بعير } لأخينا { ذلك كيل يسير } ، أي : سهل على الملك لسخائه وحرصه على البذل ، وقيل : قصير المدّة ليس سبيل مثله أن تطول مدّته بحسب الحبس والتأخير ، وقيل قليل فابعث أخانا حتى نبدل تلك القلة كثرة ، فكأنه قيل : ما قال لهم ؟ .