قوله تعالى : { الذين قال لهم الناس } . ومحل " الذين " خفض أيضاً مردود على الذين الأول وأراد بالناس نعيم بن مسعود ، في قول مجاهد وعكرمة فهو من العام الذي أريد به الخاص كقوله تعالى ( أم يحسدون الناس ) . يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وحده ، وقال محمد بن إسحاق وجماعة أراد بالناس الر كب من عبد القيس .
قوله تعالى : { إن الناس قد جمعوا لكم } . يعني أبا سفيان وأصحابه .
قوله تعالى : { فاخشوهم } . فخافوهم واحذروهم ، فإنه لا طاقة لكم بهم .
قوله تعالى : { فزادهم إيماناً } . تصديقاً ويقيناً وقوة .
قوله تعالى : { وقالوا حسبنا الله } . أي : كافينا الله .
قوله تعالى : { ونعم الوكيل } . أي الموكول إليه الأمور ، فعيل بمعنى مفعول .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أحمد بن يونس ، أخبرنا أبو بكر عن أبي حصين ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين ( قال إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
{ الذين قال لهم الناس } يعني الركب الذين استقبلوهم من عبد قيس أو نعيم بن مسعود الأشجعي ، وأطلق عليه الناس لأنه من جنسهم كما يقال فلان يركب الخيل وما له إلا فرس واحد لأنه انضم إليه ناس من المدينة وأذاعوا كلامه . { إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم } يعني أبا سفيان وأصحابه روي : أنه نادى عند انصرافه من أحد : يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت فقال عليه الصلاة والسلام : إن شاء الله تعالى ، فلما كان القابل خرج في أهل مكة حتى نزل بمر الظهران فأنزل الله الرعب في قلبه وبدا له أن يرجع ، فمر به ركب من عبد قيس يريدون المدينة للميرة فشرط لهم حمل بعير من زبيب أن ثبطوا المسلمين . وقيل : لقي نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فسأله ذلك والتزم له عشرا من الإبل ، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم أتوكم في دياركم فلم يفلت منكم أحد إلا شريد افترون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم ففتروا ، فقال عليه السلام : والذي نفسي بيده لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون حسبنا الله . { فزادهم إيمانا } الضمير المستكن للمقول أو لمصدر قال أو لفاعله أن أريد به نعيم وحده ، والبارز للمقول لهم والمعنى : إنهم لم يلتفتوا إليه ولم يضعفوا بل ثبت به يقينهم بالله وازداد إيمانهم وأظهروا حمية الإسلام وأخلصوا النية عنده ، وهو دليل على أن الإيمان يزيد وينقص ويعضده قول ابن عمر رضي الله عنهما ( قلنا يا رسول الله الإيمان يزيد وينقص ، قال : نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار ) وهذا ظاهر إن جعل الطاعة من جملة الإيمان وكذا إن لم تجعل فإن اليقين يزداد بالإلف وكثرة التأمل وتناصر الحجج . { وقالوا حسبنا الله } محسبنا وكافينا ، من أحسبه إذا كفاه ويدل على أنه بمعنى المحسب إنه لا يستفيد بالإضافة تعريفا في قولك هذا رجل حسبك . { ونعم الوكيل } ونعم الموكول إليه هو فيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.