غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ} (173)

161

ورجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق وقالوا : إنما خرجتم لتشربوا السويق وأنزل الله في المؤمنين { الذي قال لهم الناس } يعني نعيم بن مسعود كما ذكرناه . وإنما عبر عن الإنسان الواحد بالناس لأنه من جنس الناس كما يقال : فلان يركب الخيل وما له إلا فرس واحد . ولأن الواحد إذا قال قولاً وله أتباع يقولون مثل قوله ويرضون به ، حسن إضافة ذلك الفعل إلى الكل كقوله تعالى :{ وإذا قتلتم نفساً }[ البقرة :72 ] وحين قال نعيم ذلك القول لم يخل من ناس من أهل المدينة يضامّونه ويصلون جناح كلامه ، وقال ابن عباس ومحمد بن إسحق : مر ركب من عبد القيس بأبي سفيان فدسهم إلى المسلمين ليخوفوهم وضمن لهم عليه جعلاً - حمل بعير من زبيب - .

وقال السدي : هم منافقو المدينة كانوا يثبطون المسلمين عند الخروج ويقولون : إن الناس قد جمعوا لكم يعني أبا سفيان وأصحابه . والمفعول محذوف أي جمعوا لكم الجموع . والعرب تسمي الجيش جمعاً . { فاخشوهم فزادهم } قول نعيم أو قول المثبطين { إيماناً } لأنهم لم يسمعوا قولهم وأخلصوا عنده النية والعزم على الجهاد ، وأظهروا حمية الإسلام فكان ذلك أثبت ليقينهم وأقوى لاعتقادهم . واستدل بالآية من قال : إن الطاعات داخلة في مسمى الإيمان وأنه يزيد وينقص بحسب زيادتها ونقصانها . وأما من قال : الإيمان عبارة عن نفس التصديق فتأويله أن الزيادة وقعت في ثمرات الإيمان ، ولكنها جعلت في الإيمان مجازاً . وقد مر تحقيق الكلام لنا في هذا المعنى في أوائل الكتاب . وكما أنهم أضمروا ذلك بحسب الاعتقاد وافقوا الخليل عليه السلام حين ألقي في النار فأظهروه باللسان وقالوا : حسبنا الله . وقد مر إعراب مثله في البقرة في قوله :{ فحسبه جهنم }[ البقرة :206 ] { ونعم الوكيل } الكافي أو الكافل أو الموكول إليه هو .

/خ175