مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ} (173)

{ الذين قَالَ لَهُمُ الناس } بدل من الذين استجابوا { إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } روي أن أبا سفيان نادى عند انصرافه من أحد : يا محمد موعدنا موسم بدر القابل . فقال عليه السلام " إن شاء الله " فلما كان القابل خرج أبو سفيان في أهل مكة فألقى الله الرعب في قلبه فبدا له أن يرجع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمراً فقال : يا نعيم إني واعدت محمداً أن نلتقي بموسم بدر وقد بدا لي أن أرجع فالحق بالمدينة ، فثبطهم ولك عندي عشرة من الإبل ، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم : أتريدون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم فوالله لا يفلت منكم أحد فقال عليه السلام " والله لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد " فخرج في سبعين راكباً وهم يقولون «حسبنا الله ونعم الوكيل » حتى وافوا بدراً وأقاموا بها ثماني ليال وكانت معهم تجارة فباعوها وأصابوا خيراً ، ثم انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين ولم يكن قتال ، ورجع أبو سفيان إلى مكة فسمى أهل مكة جيشه جيش السويق وقالوا : إنما خرجتم لتأكلوا السويق . فالناس الأول نعيم وهو جمع أريد به الواحد أو كان له أتباع يثبطون مثل تثبيطه ، والثاني أبو سفيان وأصحابه . { فاخشوهم } فخافوهم { فَزَادَهُمُ } أي المقول الذي هو «إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم » أو القول ، أو نعيم { إيمانا } بصيرة وإيقاناً { وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله } كافينا الله أي الذي يكفينا الله .

يقال أحسبه الشيء إذا كفاه وهو بمعنى المحسب بدليل أنك تقول «هذا رجل حسبك » فتصف به النكرة لأن إضافته غير حقيقية لكونه في معنى اسم الفاعل { وَنِعْمَ الوكيل } ونعم الموكول إليه هو .