فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ} (173)

قوله : { الذين قَالَ لَهُمُ الناس } المراد بالناس هنا : نعيم بن مسعود ، كما سيأتي بيانه ، وجاز إطلاق لفظ الناس عليه لكونه من جنسهم . وقيل : المراد بالناس : ركب عبد القيس الذين مروا بأبي سفيان . وقيل : هم : المنافقون . والمراد بقوله : { إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } أبو سفيان ، وأصحابه ، والضمير في قوله : { فَزَادَهُمُ } راجع إلى القول المدلول عليه ، ب { قال } ، أو إلى المقول ، وهو : { إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخشوهم } أو إلى القائل ، والمعنى : أنهم لم يفشلوا لما سمعوا ذلك ، ولا التفتوا إليه ، بل أخلصوا لله ، وازدادوا طمأنينة ، ويقيناً . وفيه دليل على أن الإيمان يزيد ، وينقص .

قوله : { وَقَالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل } حسب مصدر حسبه ، أي : كفاه ، وهو بمعنى الفاعل ، أي : محسب بمعنى كافي . قال في الكشاف : والدليل على أنه بمعنى المحسب أنك تقول : هذا رجل حسبك ، فتصف به النكرة ؛ لأن إضافته لكونه بمعنى اسم الفاعل غير حقيقية . انتهى . والوكيل هو : من توكل إليه الأمور ، أي : نعم الموكول إليه أمرنا ، أو الكافي ، أو الكافل ، والمخصوص بالمدح محذوف ، أي : نعم الوكيل الله سبحانه .

/خ175