قوله تعالى : { إنما التوبة على الله } قال الحسن : يعني التوبة التي يقبلها ، فيكون " على " بمعنى عند ، وقيل : من الله .
قوله تعالى : { للذين يعملون السوء بجهالة } . قال قتادة : أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن كل ما عصي به الله فهو جهالة ، عمداً كان أو لم يكن . وكل من عصى الله فهو جاهل . وقال مجاهد : المراد من الآية العمد ، قال الكلبي : لم يجهل أنه ذنب لكنه جهل عقوبته . وقيل : معنى الجهالة : اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية .
قوله تعالى : { ثم يتوبون من قريب } . قيل : معناه قبل أن يحيط السوء بحسناته فيحبطها ، وقال السدي والكلبي : القريب : أن يتوب في صحته قبل مرض موته . وقال عكرمة : قبل الموت ، وقال الضحاك : قبل معاينة ملك الموت .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، أنا علي بن الجعد ، أنا ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نغير عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) .
وأخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان أنا أبو جعفر محمد ابن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أنا حميد بن زنجويه ، أنا أبو الأسود ، أنا ابن لهيعة ، عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الشيطان قال : وعزتك يا رب ، لا أبرح أغوي عبادك مادامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب عز وجل : وعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروني .
{ إنما التوبة على الله } أي إن قبول التوبة كالمحتوم على الله بمقتضى وعده من تاب عليه إذا قبل توبته . { للذين يعملون السوء بجهالة } متلبسين بها سفها فإن ارتكاب الذنب سفها وتجاهل ، ولذلك قيل من عصى الله فهو جاهل حتى ينزع عن جهالته . { ثم يتوبون من قريب } من زمان قريب ، أي قبل حضور الموت لقوله تعالى : { حتى إذا حضر أحدهم الموت } وقوله عليه الصلاة والسلام : " إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر " وسماه قريبا لأن أمد الحياة قريب لقوله تعالى : { قل متاع الدنيا قليل } . أو قبل أن يشرب في قلوبهم حبة فيطبع عليها فيتعذر عليهم الرجوع ، و{ من } للتبعيض أي يتوبون في أي جزء من الزمان القريب الذي هو ما قبل أن ينزل بهم سلطان الموت ، أو يزين السوء . { فأولئك يتوب الله عليهم } وعد بالوفاء بما وعد به وكتب على نفسه بقوله { إنما التوبة على الله } { وكان الله عليما } فهو يعلم بإخلاصهم في التوبة { حكيما } والحكيم لا يعاقب التائب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.