فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (17)

{ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما }

أمر الله تعالى عباده بالإنابة إليه ، والعودة إلى سبيله ومنهاجه ، والرجوع عما فعلوا من عصيان ، فقال تقدست أسماؤه : ( وأنيبوا إلى ربكم . . ) ( {[1333]} ) ، وقال عز ثناؤه : ( . وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) ( {[1334]} ) ؛ وقال : ( يأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا . . ) ( {[1335]} ) ؛ ووعد سبحانه بقبول من أناب إليه( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيآت . . ) ( {[1336]} ) ، والتائبون هم أهل الفوز برضاه : ( . . إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) ( {[1337]} ) ؛ ومن أسمائه الحسنى : التواب : ( . . وأن الله تواب حكيم ) ( {[1338]} ) ؛ فكأن معنى الآية : ما قبول توبة من تاب إلا مِن المولى سبحانه ، فإن على تأتي بمعنى مِن ، وحروف الجر ينوب بعضها عن بعض كما في الآية الكريمة : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده . . ) ( {[1339]} ) ، أي : منهم ؛ وذلك القبول يمنح للذين يفعلون المعاصي ثم يتوبون دون تسويف وتأخير ؛ فهؤلاء المنيبون يتجاوز الله عن سيآتهم ؛ وأما { بجهالة } فقد نقل عن مجاهد أنه قال : الجهالة هنا العمد ، وقال قتادة : أجمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية فهي بجهالة ، عمدا كانت أو جهلا ؛ وقال الزجاج : اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية .


[1333]:من سورة الزمر. من الآية 54.
[1334]:من سورة النور. من الآية 31.
[1335]:من سورة التحريم. من الآية 8.
[1336]:من سورة الشورى. من الآية 25.
[1337]:من ور البقرة. من الآية 222.
[1338]:من سور النور. من الآية 10.
[1339]:من سورة التوب . من الآية 104.