قوله تعالى { إنما التوبة على الله } يعني التوبة التي يقبلها الله تعالى فيكون على بمعنى عند وقيل على بمعنى من أي من الله وقال أهل المعاني إن الله تعالى وعد قبول التوبة من المؤمنين في قوله كتب ربكم على نفسه الرحمة وإذا وعد الله شيئاً أنجز ميعاده وصدق فيه فمعنى قوله على الله أوجب على نفسه من إيجاب أحد عليه لأنه تعالى يفعل ما يريد { للذين يعلمون السوء } يعني الذنوب والمعاصي سميت سوءاً لسوء عاقبتها إذا لم يتب منها { بجهالة } قال قتادة أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن كل شيء عصى الله به فهو جهالة عمداً كان أو غيرهن وكل من عصى الله فهو جاهل . وقال ابن عباس : من عمل السوء فهو جاهل من جهالته عمل السوء فكل من عصى الله سمي جاهلاً وسمي فعله جهالة وإنما سمي من عصى الله جاهلاً لأنه لم يستعمل ما معه من العلم بالثواب والعقاب وإذا لم يستعمل ذلك سمي جاهلاً بهذا الاعتبار وقيل معنى الجهالة أن يأتي الإنسان بالذنب مع العلم بأنه ذنب لكنه يجهل عقوبته وقيل معنى الجهالة هو اختيار اللذة الفانية على اللذة الباقية { ثم يتوبون من قريب } يعني يتوبون بعد الإقلاع عن الذنب بزمان قريب لئلا يعد في زمرة المصرين وقيل القريب أن يتوب في صحته قبل مرض موته وقيل قبل موته وقيل قبل معاينة ملك الموت ومعاينة أهوال الموت وإنما سميت هذه المدة قريبة لأن كل ما هو آت قريب وفيه تنبيه على أن عمر الإنسان وإن طال فهو قليل وأن الإنسان يتوقع في كل ساعة ولحظة نزول الموت به عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر " أخرجه الترمذي . الغرغرة أن يجعل المشروب في فم المريض فيردده في الحلق ولا يصل إليه ولا يقدر على بلعه وذلك عند بلوغ الروح إلى الحلقوم . وروى البغوي بسنده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الشيطان قال وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم " فقال الرب تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا أزال أغفر لهم ما استغفروني وقيل في معنى الآية إن القريب هو أن يتوب الإنسان قبل أن يحيط السوء بحسناته فيحبطها { فأولئك يتوب الله عليهم } يعني يقبل توبتهم { وكان الله عليماً حكيماً } قال ابن عباس : علم ما في قلوب عباده المؤمنين من التصديق واليقين فحكم بالتوبة قبل الموت ولو بقدر فواق ناقة وقيل في معنى الآية علم أنه إنما أتى بتلك المعصية باستيلاء الشهوة والجهالة عليه فحكم بالتوبة لمن تاب عنها وأناب عن قريب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.