بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّمَا ٱلتَّوۡبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٖ فَأُوْلَـٰٓئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (17)

ثم قال تعالى : { إِنَّمَا التوبة عَلَى الله } يعني قبول التوبة على الله ويقال : توفيقه على الله ، ويقال : إنما التجاوز من الله { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السوء بجهالة } قال ابن عباس رضي الله عنه : كل مؤمن يذنب فهو جاهل في فعله ، ويقال : إنما الجهالة أنهم يختارون اللذة الفانية على اللذة الباقية ، وذلك الجهل لا يسقط عنهم العذاب إلا أن يتوبوا . قوله { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } قال ابن عباس : كل من تاب قبل موته فهو قريب { فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ الله عَلَيْهِمْ } أي يقبل توبتهم { وَكَانَ الله عَلِيماً حَكِيماً } يعني { عليماً } بأهل التوبة { حكيماً } حكم بالتوبة . وقال مقاتل : نزلت الآية في رجل من قريش ، سكر وذكر شعراً ذكر فيه اللات والعزى وأنكر البعث ، فلما أصبح أخبر بذلك فندم على ذلك واسترجع ، فنزلت الآية { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } يعني قبل الموت . قال : حدّثنا محمد بن الفضل ، قال : حدّثنا محمد بن جعفر ، قال : حدّثنا إبراهيم بن يوسف ، قال : حدّثنا أبو حفص ، عن صالح المري ، عن الحسن قال : من عيّر أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه ابتلاه الله به .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ الله يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يغَرْغِرْ » وقال الحسن : إن إبليس لما أهبط من الجنة ، قال : بعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام الروح في جسده . قال الله تعالى : فبعزتي لا أحجب التوبة عن ابن آدم ما لم يغرغر بنفسه . قال أبو العالية الرياحي : نزلت أول الآية في المؤمنين ، والوسطى في المنافقين ، والأخرى في الكافرين . فأما توبة المؤمنين فذكرها قد مضى .