قوله تعالى : { والقمر قدرناه } أي : قدرنا له منازل ، قرأ ابن كثير ، و نافع ، وأهل البصرة والقمر برفع الراء لقوله : { وآية لهم الليل والشمس والقمر } وقرأ الآخرون بالنصب لقوله : ( ( قدرناه ) ) أي : قدرنا القمر ، { منازل } وقد ذكرنا أسامي المنازل في سورة يونس ، فإذا صار القمر إلى آخر المنازل دق فذلك قوله : { حتى عاد كالعرجون القديم } والعرجون : [ عود العذق ] الذي عليه الشماريخ ، فإذا قدم وعتق ويبس وتقوس واصفر ، فشبه القمر في دقته وصفرته في آخر المنازل به .
( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ) . .
والعباد يرون القمر في منازله تلك . يولد هلالاً . ثم ينمو ليلة بعد ليلة حتى يستدير بدراً . ثم يأخذ في التناقص حتى يعود هلالاً مقوساً كالعرجون القديم . والعرجون هو العذق الذي يكون فيه البلح من النخلة .
والذي يلاحظ القمر ليلة بعد ليلة يدرك ظل التعبير القرآني العجيب : ( حتى عاد كالعرجون القديم ) . . وبخاصة ظل ذلك اللفظ( القديم ) . فالقمر في لياليه الأولى هلال . وفي لياليه الأخيرة هلال . . ولكنه في الأولى يبدو وكأن فيه نضارة وفتوة . وفي الأخير يطلع وكأنما يغشاه سهوم ووجوم ، ويكسوه شحوب وذبول . ذبول العرجون القديم ! فليست مصادفة أن يعبر القرآن الكريم عنه هذا التعبير الموحي العجيب !
والحياة مع القمر ليلة بعد ليلة تثير في الحس مشاعر وخواطر ندية ثرية موحية عميقة . والقلب البشري الذي يعيش مع القمر دورة كاملة ، لا ينجو من تأثرات واستجابات ، ومن سبحات مع اليد المبدعة للجمال والجلال ؛ المدبرة للأجرام بذلك النظام . سواء كان يعلم سر هذه المنازل والأشكال القمرية المختلفة أو لا يعلم . فالمشاهدة وحدها كفيلة بتحريك القلب ، واستجاشة الشعور ، وإثارة التدبر والتفكير .
{ والقمر قدرناه } قدرنا مسيره . { منازل } أو سره في منازل وهي ثمانية وعشرون : والسرطان ، البطين ، الثريا ، الدبران ، الهقعة ، الهنعة ، الذراع ، النثرة ، الطرف ، الجبهة ، الزبرة ، الصرفة ، العواء ، السماك ، الغفر ، الزبانا ، الاكليل ، القلب ، الشولة ، النعائم ، البلدة ، سعد الذابح ، سعد بلع ، سعد السعود ، سعد الأخبية ، فرغ الدلو المقدم ، فرغ الدلو المؤخر ، الرشا ، وهو بطن الحوت ينزل كل ليلة في واحد منها لا يتخطاه ولا يتقاصر عنه ، فإذا كان في آخر منازله وهو الذي يكون فيه قبيل الاجتماع دق واستقوس ، وقرأ الكوفيون وابن عامر { والقمر } بنصب الراء . { حتى عاد كالعرجون } كالشمراخ المعوج ، فعلون من الانعراج وهو العوجاج ، وقرئ { كالعرجون } وهما لغتان كالبزيون والبزيون . { القديم } العتيق وقيل ما مر عليه حول فصاعدا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.