قوله : { والقمر قَدَّرْنَاهُ } قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو برفع «القمر » . والباقون بنصبه{[46213]} . فالرفع على الابتداء{[46214]} والنصب بإضمار فعل على الاشتغال{[46215]} . والوجهان مستويان لتقدم جملةٍ ذاتِ وجهين وهي قوله : { والشَّمْسُ تجري } . فإن راعيت صدرها رفعت لتعطف جملة اسمية على مثلها وإن راعيت عَجْزَهَا نصبت لتعطف فعلية على مثلها{[46216]} . وبهذه الآية يبطل ( قول ){[46217]} الأخفش : إنه لا يجوز النصب{[46218]} في الاسم إلا إذا كان في جملة الاشتغال ضمير يعود على الاسم الذي تضمنته جملةٌ ذات وجهين قال : لأن المعطوف على الخبر خبر فلا بد من ضمير يعود على المبتدأ فيجوز : «أَزْيْدٌ قَامَ{[46219]} وعمراً أكْرَمْتُه فِي دَارِهِ » ولو لم يقل «في داره » لم يجز ووجه الردّ من هذه الآية أن أربعة{[46220]} من السبعة نصَبُوا وليس في جملة الاشتغال ضمير يعود على الشمس وقد أجمع على النصب في قوله تعالى :
{ والسمآء رَفَعَهَا } [ الرحمن : 7 ] بعد قوله : { والنجم والشجر يَسْجُدَانِ } [ الرحمن : 6 ] .
قوله : { مَنَازِلَ } فيه أَوْجُهٌ :
أحدها : أنه مفعول ثان لأن «قَدَّرْنَا » بمعنى صَيَّرْنَا{[46221]} .
الثاني : أنَّه حال ولا بد من حذف مضاف قبل منازل تقديره : ذَا مَنَازِلَ{[46222]} قال الزمخشري : لا بُدَّ من تقدير لفظ يتم به معنى الكلام ، لأن القمر لم يجعل نفسه مَنَازلَ{[46223]} .
الثالث : أنه ظرف أي قدرنا مَسِيرَهُ فِي مَنَازِلَ{[46224]} . وتقدم نحوه أول يونس{[46225]} .
قوله : { حتى عَادَ كالعرجون } العامة على ضم العين والجيم . وفي وزنه وجهان :
أحدهما : أنه فُعْلُولٌ . فنونه أصلية وهذا هو المرجح{[46226]} .
والثاني : وَهُو قول الزجاج : أن نونه مزيدة ووزنه فُعْلُونٌ{[46227]} مشتقاً من الانْعِرَاج ، وهو الانعطاف وقرأ سُلَيْمَانُ{[46228]} التَّيْمِيُّ بكسر العين وفتح الجيم وهما لغتان كالبُزيون{[46229]} والبِزْيُون والعرجون عُود العِذْق ما بين الشماريخ إلى مَنْبِتِهِ من النخلة{[46230]} وهو تشبيه بديع شبه به القمر في ثلاثة أشياء دقَّتِهِ واستقواسه واصْفِرَارِهِ لأن العِذق الذي عليه الشماريخ إذا قَدِمَ وعَتِقَ دَقَّ وتَقَوَّسَ واصْفَرَّ{[46231]} . والقديم ما تَقَادَمُ عَهْدُهُ بحكم العادة ولا يشترط في جواز إطلاق لفظ القديم عليه مدةً بعينها بل إنما يعتبر العادة حتى لا يقال لمدينة بنيت من سنةٍ أو سنتين لبنائها قديم أو هي مدينة قديمةٌ ويقال لبعض الأشياء : إنّه قديم وإن لم يكن له سنةٌ ( واحدة ) ولهذا جاز أن يقال : بَيْتٌ قديمٌ وبناء قديم ولم يجز ( أن يقال ){[46232]} في العالم : إنه قديم ؛ لأن القِدَم في البيت والبناء يثبت بحكم تقادم العهد ومرور السنين عليه وإطلاق القديم على العالم بِتَمَادِي الأزمنة عند من ( لا ){[46233]} يعتقد أنه لا أول له ولا سابق عليه{[46234]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.