تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ} (39)

الآية 39 وقوله تعالى : { والقمر قدّرناه منازل } [ أي قدّرنا له ]{[17463]} منازل : تزداد ، وتستوي ، وتنتقص . وكذلك جعل للشمس منازل أيضا ، تزداد ، وتنتقص ، وتستوي . لكن جعل منازل القمر في تغييره في نفسه يتغير ، ويزداد ، ويستوي ، وينتقص .

وأما الشمس فإنه جعل تغييرها في الزيادة والنقصان في الأزمنة والأوقات . فأما في نفسها فليس فيها تغيير ولا نقصان فهو ، والله أعلم ، لما ذكر أنه جعل القمر سببا للوصول إلى معرفة الأوقات والحساب والحج بقوله : { يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحج } [ البقرة : 189 ] وعلى ذلك جعل طلوعه وغروبه مختلفا في الليل والنهار وفي كل وقت وكل ساعة ، وأما الشمس فإنها في نفسها على حالة واحدة ، لا زيادة فيها ، ولا نقصان ، ولا تغيير إلا في القوت الذي تنكسف ، وكذلك طلوعها وغروبها في وقت واحد ، لا يختلف ، ولا يتغير ، إلا في أزمنتها وأوقاتها ، فإنه يأخذ هذا من هذا ، وهذا من هذا .

وأما الأيام فإنه لم يجعل فيها تغييرا ، فهي ، والله أعلم ، لما يشتد على الناس حفظها ، ولا جعلها{[17464]} سببا لتعريف الأوقات والحساب .

وقوله تعالى : { حتى عاد كالعُرجون القدير } قيل : إنه عود الكِباسة القديم الذي قد أتى عليه حول ، فاستقوس ، ودقّ شبه القمر آخر ليلة يطلع بها{[17465]} أو أول ليلة . قال بعضهم : شبّه القمر بالعرجون القديم ، وهو العِذق اليابس المنحني القديم الذي أتى عليه الحول ، وهما واحد .


[17463]:في الأصل وم: قدرناه.
[17464]:في الأصل وم: جعل.
[17465]:في الأصل وم: به.