المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

22- ويقول إبليس - حين يقضى الله الأمر بتنعيم الطائعين وتعذيب العاصين - لمن اتبعه : إن الله تعالى وعدكم وعداً حقاً بالبعث والجزاء فأنجزه ، ووعدتكم وعداً باطلا بأن لا بعث ولا جزاء فأخلفتكم وعدي ، وما كان لي عليكم قوة أقهركم بها على اتباعي ، لكن دعوتكم بوسوستي إلى الضلالة فأسرعتم إلى طاعتي ، فلا تلوموني بوسوستي ، ولوموا أنفسكم على إجابتي وما أنا اليوم بمغيثكم من العذاب ، وما أنتم بمغيثيّ . إني جحدت اليوم إشراككم إياي مع الله في الدنيا حيث أطعتموني كما يطيع العبد ربه . إن الكافرين لهم عذاب مؤلم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

قوله تعالى : { وقال الشيطان } ، يعني : إبليس ، لما قضي الأمر ، أي : فرغ منه فأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار . قال مقاتل : يوضع له منبر في النار ، فيرقاه فيجتمع عليه الكفار باللائمة فيقول لهم : { إن الله وعدكم وعد الحق } ، فوفى لكم به ، { ووعدتكم فأخلفتكم } ، وقيل : يقول لهم : قلت لكم لا بعث ولا جنة ولا نار . { وما كان لي عليكم من سلطان } ، ولاية . وقيل : لم آتكم بحجة فيما دعوتكم إليه ، { إلا أن دعوتكم } ، هذا استثناء منقطع معناه : لكن { دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } ، بإجابتي ومتابعتي من غير سلطان ولا برهان ، { ما أنا بمصرخكم } ، بمغيثكم ، { وما أنتم بمصرخي } ، بمغيثي . قرأ الأعمش و حمزة بمصرخي بكسر الياء ، والآخرون بالنصب لأجل التضعيف ، ومن كسر فلالتقاء الساكنين ، حركت إلى الكسر ، لأن الياء أخت الكسرة ، وأهل النحو لم يرضوه ، وقيل : إنه لغة بني يربوع . والأصل بمصرخيني فذهب النون لأجل الإضافة ، وأدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة . { إني كفرت بما أشركتمون من قبل } أي : كفرت بجعلكم إياي شريكا في عبادته وتبرأت من ذلك . { إن الظالمين } ، الكافرين ، { لهم عذاب أليم } .

أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا محمد بن أحمد الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أنبأنا عبد الله بن محمود ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن رشدين بن سعد ، أخبرني عبد الرحمن بن زياد ، عن دخين الحجري ، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة ذكر الحديث ثم قال : " يقول عيسى عليه السلام ذلكم النبي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور من مجلسي من أطيب ريح شمها أحد ، حتى آتى ربي عز وجل فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ، ثم يقول الكفار : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا ؟ فيقولون : ما هو غير إبليس ، هو الذي أضلنا ، فيأتونه فيقولون له : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فقم أنت فاشفع لنا ، فإنك أنت أضللتنا . فيقوم فيثور من مجلسه أنتن ريح شمها أحد ، ثم تعظم جهنم ، ويقول عند ذلك : { إن الله وعدكم وعد الحق } ، الآية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

لقد قضي الأمر ، وانتهى الجدل ، وسكت الحوار . . وهنا نرى على المسرح عجبا ونرى الشيطان . . هاتف الغواية ، وحادي الغواة . . نراه الساعة يلبس مسوح الكهان ، أو مسوح الشيطان ! ويتشيطن على الضعفاء والمستكبرين سواء ، بكلام ربما كان أقسى عليهم من العذاب :

( وقال الشيطان - لما قضي الأمر - إن الله وعدكم وعد الحق ، ووعدتكم فأخلفتكم . وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي . فلا تلوموني ولوموا أنفسكم . ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي . إني كفرت بما أشركتمون من قبل . إن الظالمين لهم عذاب أليم . )

الله ! الله ! أما إن الشيطان حقا لشيطان ! وإن شخصيته لتبدو هنا على أتمها كما بدت شخصية الضعفاء وشخصية المستكبرين في هذا الحوار . .

إنه الشيطان الذي وسوس في الصدور ، وأغرى بالعصيان ، وزين الكفر ، وصدهم عن استماع الدعوة . . هو هو الذي يقول لهم وهو يطعنهم طعنة أليمة نافذة ، حيث لا يملكون أن يردوها عليه - وقد قضي الأمر - هو الذي يقول الآن ، وبعد فوات الأوان :

( إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم ) !

ثم يخزهم وخزة أخرى بتعييرهم بالاستجابة له ، وليس له عليهم من سلطان ، سوى أنهم تخلوا عن شخصياتهم ، ونسوا ما بينهم وبين الشيطان من عداء قديم ، فاستجابوا لدعوته الباطلة وتركوا دعوة الحق من الله :

( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) !

ثم يؤنبهم ، ويدعوهم لتأنيب أنفسهم . يؤنبهم على أن أطاعوه ! :

( فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ) !

ثم يخلي بهم ، وينفض يده منهم ، وهو الذي وعدهم من قبل ومناهم ، ووسوس لهم أن لا غالب لهم ؛ فأما الساعة فما هو بملبيهم إذا صرخوا ، كما أنهم لن ينجدوه إذا صرخ :

( ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي ) . .

وما بيننا من صلة ولا ولاء !

ثم يبرأ من إشراكهم به ويكفر بهذا الإشراك :

( إني كفرت بما أشركتمون من قبل ) !

ثم ينهي خطبته الشيطانية بالقاصمة يصبها على أوليائه :

( إن الظالمين لهم عذاب أليم ) !

فيا للشيطان ! ويا لهم من وليهم الذي هتف بهم إلى الغواية فأطاعوه ، ودعاهم الرسل إلى الله فكذبوهم وجحدوه !

/خ27

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

يخبر تعالى عما خطب به إبليس [ لعنه الله ]{[15804]} أتباعه ، بعدما قضى الله بين عباده ، فأدخل المؤمنين الجنات ، وأسكن الكافرين الدركات ، فقام فيهم إبليس - لعنه الله - حينئذ خطيبا ليزيدهم حزنا إلى حزنهم{[15805]} وغَبنا إلى غبْنهم ، وحسرة إلى حسرتهم ، فقال : { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ } أي : على ألسنة رسله ، ووعدكم في اتباعهم النجاة والسلامة ، وكان وعدًا حقا ، وخبرا صدقا ، وأما أنا فوعدتكم وأخلفتكم ، كما قال الله تعالى : { يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا } [ النساء : 120 ] .

ثم قال : { وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ } أي : ما كان لي عليكم فيما دعوتكم إليه من دليل ولا حجة على صدق ما وعدتكم به ، { إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } بمجرد ذلك ، هذا وقد أقامت عليكم الرسل الحجج والأدلة الصحيحة على صدق ما جاءوكم به ، فخالفتموهم فصرتم إلى ما أنتم فيه ، { فَلا تَلُومُونِي } اليوم ، { وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ } فإن الذنب لكم ، لكونكم خالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم إلى الباطل ، { مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ } أي : بنافعكم ومنقذكم ومخلصكم مما أنتم فيه ، { وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ } أي : بنافعي بإنقاذي مما أنا فيه من العذاب والنكال ، { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ }

قال قتادة : أي بسبب ما أشركتمون من قبل .

وقال ابن جرير : يقول : إني جحدت أن أكون شريكا لله ، عز وجل .

وهذا الذي قال هو الراجح{[15806]} كما قال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ } [ الأحقاف : 5 ، 6 ] ، وقال : { كَلا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا } [ مريم : 82 ] .

وقوله : { إِنَّ الظَّالِمِينَ } أي : في إعراضهم عن الحق واتباعهم الباطل { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

والظاهر من سياق الآية : أن هذه الخطبة تكون من إبليس بعد دخولهم النار ، كما قدمنا . ولكن قد ورد في حديث رواه ابن أبي حاتم - وهذا لفظه - وابن جرير من رواية عبد الرحمن بن زياد : حدثني دخين{[15807]} الحَجْري ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا جمع الله الأولين والآخرين ، فقضى بينهم ، ففرغ من القضاء ، قال المؤمنون : قد قضى بيننا ربنا ، فمن يشفع لنا ؟ فيقولون : انطلقوا بنا إلى آدم - وذكر نوحا ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى - فيقول عيسى : أدلكم على النبي الأمي . فيأتوني ، فيأذن الله لي أن أقوم إليه فيثور{[15808]} [ من ]{[15809]} مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط ، حتى آتي ربي فيشفعني ، ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ، ثم يقول الكافرون هذا : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فمن يشفع لنا ؟ ما هو إلا إبليس هو الذي أضلنا ، فيأتون إبليس فيقولون : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فقم أنت فاشفع لنا ، فإنك أنت أضللتنا . فيقوم فيثور من مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط ، ثم يعظم نحيبهم{[15810]} { وَقَالَ{[15811]} الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ } {[15812]} .

وهذا سياق ابن أبي حاتم ، ورواه ابن المبارك عن رِشْدين بن سعد ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن دُخَيْن{[15813]} عن عُقْبَة ، به مرفوعا{[15814]} .

وقال محمد بن كعب القُرظي ، رحمه الله : لما قال أهل النار : { سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ } قال لهم إبليس : { إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ } الآية ، فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم ، فنودوا : { لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإيمَانِ فَتَكْفُرُونَ } [ غافر : 10 ] .

وقال عامر الشعبي : يقوم خطيبان يوم القيامة على رءوس الناس ، يقول الله لعيسى ابن مريم : { أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ } إلى قوله : { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ } [ المائدة : 116 ، 119 ] ، قال : ويقوم إبليس - لعنه الله - فيقول : { وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي } الآية .


[15804]:- زيادة من أ.
[15805]:- في ت : "خزيا إلى خزيهم".
[15806]:- في أ : "الأرجح".
[15807]:- في ت ، أ : "دجين".
[15808]:- في ت ، أ : "فيفور".
[15809]:- زيادة من ت ، أ ، والطبري.
[15810]:- في ت ، أ : "بجهنم".
[15811]:- في ت ، أ : "ويقول" وهو خطأ.
[15812]:- تفسير الطبري (16/562) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (17/320) من طريق ابن وهب : أخبرني ابن نعيم (كذا في المعجم) عن دخين ، عن عقبة مرفوعا. وقال الهيثمي في المجمع (10/376) : "فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، وهو ضعيف" وضعف السيوطي إسناده أيضا.
[15813]:- في أ : "دجين".
[15814]:- ورواه الطبري في تفسيره (16/562) من طريق سويد بن نصر ، عن ابن المبارك به.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الشّيْطَانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إِنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ وَوَعَدتّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَانٍ إِلاّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوَاْ أَنفُسَكُمْ مّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيّ إِنّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : وقال إبليس لما قُضِي الأمر ، يعني لما أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار واستقرّ بكلّ فريق منهم قَرارهم : إن الله وعدكم أيها الأتباع النار ، ووعدتكم النّصْرة فأخلفتكم وعدي ، ووفى الله لكم بوعده . وَما كانَ لي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ يقول : وما كان لي عليكم فيما وعدتكم من النصرة من حجة تثبت لي عليكم بصدق قولي إلاّ أنْ دَعَوْتُكُمْ وهذا الاستثناء المنقطع عن الأوّل كما تقول : ما ضربته إلا أنه أحمق ، ومعناه : ولكن دعوتكم فاسْتَجَبْتُمْ لي يقول : إلا أن دعوتكم إلى طاعتي ومعصية الله ، فاستجبتم لدعائي . فَلا تَلُومُونِي على إجابتكم إياي وَلُومُوا أنْفُسَكُمْ عليها . ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ يقول : ما أنا بمغيثكم وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ ولا أنتم بمغيثيّ من عذاب الله فمنجّي منه . إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ يقول : إني جحدت أن أكون شريكا لله فيما أشركتموني فيه من عبادتكم من قبلُ في الدنيا . إنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ يقول : إنّ الكافرين بالله لهم عذاب أليم من الله مُوجع ، يقال : أصرخت الرجل : إذا أغثته إصراخا ، وقد صَرَخ الصارخ يَصْرُخ ، ويَصْرَخ قليلة وهو الصّريخ والصّراخ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن عامر في هذه الاَية : ما أنا بمُصْرِخِكُمْ وَما أنْتُمْ بِمِصْرِخِيّ إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ قال : خطيبان يقومان يوم القيامة : إبليس ، وعيسى ابن مريم فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول هذا القول وأما عيسى عليه السلام فيقول : ما قُلْتُ لَهُمْ إلاّ ما أمَرْتَنِي بِهِ أن اعْبُدُوا اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ وكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدا ما دُمْتُ فِيهِمْ ، فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كنْتَ أنْتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وأنْتَ عَلى كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، عن داود ، عن الشعبي ، قال : يقوم خطيبان يوم القيامة : أحدهما عيسى ، والاَخر إبليس فأما إبليس فيقوم في حزبه فيقول : إنّ اللّهَ وَعَدكُمْ وَعْدَ الحَقّ فتلا داود حتى بلغ : بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ فلا أدري أتمّ الاَية أم لا ؟ وأما عيسى عليه السلام فيقال له : أأنْتَ قُلْتَ للنّاسِ اتّخِذُونِي وأُمّيَ إلَهْينِ مِنْ دُونِ اللّهِ فتلا حتى بلغ : إنّكَ أنْتَ العَزِيزُ الحَكيمُ .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عليّ بن عاصم ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر ، قال : يقول خطيبان يوم القيامة على رءوس الناس ، يقول الله عزّ وجلّ : يا عيسى ابن مريم أأنْتَ قُلْتَ للنّاسِ اتّخِذُونِي وأُمّيَ إلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ . . . إلى قوله : هَذّ يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ قال : ويقوم إبليس فيقول : وَما كانَ ليَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إلاّ أنْ دَعَوْتُكُم المثنى ، فاسْتَجَبْتُمْ لِي ، فَلا تَلُومُوني وَلُومُوا أنْفُسَكُمْ ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ وما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثيّ .

حدثنا الحسين ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : ثني خالد ، عن داود ، عن الشعبي ، في قوله : ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ قال : خطيبان يقومان يوم القيامة فأما إبليس فيقول هذا وما عيسى فيقول : ما قُلْتُ لَهُمْ إلاّ ما أمَرْتَنِي بِهِ .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن رشدين بن سعد ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن زياد ، عن دُخَين الحَجْرِي ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكر الحديث قال : «يقول عيسَى : ذلِكُمُ النّبِيّ الأُمّيّ فَيَأْتُونَنِي ، فَيأْذَنُ اللّهُ لي أنْ أقُومَ فَيَثُورُ مِنْ مَجْلِسِي مِنْ أطْيَبِ رِيحٍ شَمّها أحَدٌ حتى آتِىَ رَبّي ، فَيُشَفعّنِي ، وَيَجْعَلَ لِي نُورا إلى نُورٍ مِنْ شَعْرِ رأسِي إلى ظُفْرِ قَدَمي ، ثُمّ يَقولُ الكافِرُونَ : قَدْ وَجَدَ المُؤْمِنُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَهُمْ فَقُمْ أنْتَ فاشْفَع لَنا ، فإنّكَ أنْتَ أضْلَلْتَنا ، فَيَقُومُ فَيَثُورُ مِنْ مَجْلِسِهِ أنْتَنُ رِيحٍ شَمّها أحَدٌ ، ثُمّ يَعْظُمُ نَحِيبُهُمْ ، وَيَقُولُ عِنْدَ ذلكَ : إنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فأخْلَفْتُكمْ . . . الاَية » .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن ، في قوله : وَما كانَ ليَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ قال : إذا كان يوم القيامة ، قام إبليس خطيبا على منبر من نار ، فقال : إنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فأخْلَفْتُكُمْ . . . إلى قوله : وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ قال : بناصريّ إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ قال : بطاعتكم إياي في الدنيا .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : أخبرنا ابن المبارك عمن ذكره ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي ، قال في قوله : وَقالَ الشّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ إنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ قال : قام إبليس يخطبهم فقال : إنّ اللّهَ وَعْدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ . . . إلى قوله : ما أنا بِمْصْرِخِكُمْ يقول : بمغن عنكم شيئا ، وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْركْتُمُونَ مِنْ قَبْلُ قال : فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم ، قال : فنودوا : لَمَقْتُ اللّهِ أكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أنْفُسَكُمْ . . . الاَية .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثيّ .

وقوله : إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ يقول : عصيت الله قبلكم .

حدثني محمدبن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ قال : هذا قول إبليس يوم القيامة ، يقول : ما أنتم بنافعيّ وما أنا بنافعكم ، إني كفرت بِمَا أشركتمونِ من قبل قال : شرِكته : عبادته .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : بِمُصْرِخِيّ قال : بمغيثيّ .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، قال : ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجيّ .

حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، قال : خطيب السوء إبليس الصادق ، أفرأيتم صادقا لم ينفعه صدقه إنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ وَوَعَدْتُكُمْ فأخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ ليَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ أقهركم به ، إلاّ أنْ دَعَوْتُكُمْ فاسْتَجَبْتُمْ لي قال : اطعتموني ، فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أنْفُسَكُمْ حين أطعتموني ، ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ ما أنا بناصركم ولا مغيثكم ، وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخِيّ : وما أنتم بناصريّ ولا مغيثيّ لما بي ، إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إنّ الظّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن الحكم ، عن عمرو بن أبي ليلى أحد بني عامر ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظيّ يقول : وَقالَ الشّيْطانُ لَمّا قُضِيَ الأمْرُ قال : قام أبليس عند ذلك ، يعني حين قال أهل جهنم : سَوَاءٌ عَلَيْنا أجَزِعْنا أمْ صَبَرْنا مالَنا مِنْ مَحِيصٍ ، فخطبم فقال : إنّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَقّ ، وَوَعَدْتُكُمْ فأخْلَفْتُكُمْ . . . إلى قوله : ما أنا بِمُصْرِخِكُمْ يقول : بمغن عنكم شيئا ، وَما أنْتُمْ بِمُصْرِخيّ إنّي كَفَرْتُ بِمَا أشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ قال : فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم ، قال : فنودوا : لَمَقْتُ اللّهِ أكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

{ وقال الشيطان لما قُضي الأمر } أحكم وفرغ منه ودخل أهل الجنة الجنّة وأهل النار النار خطيبا في الأشقياء من الثقلين . { إن الله وعدكم وعد الحق } وعدا من حقه أن ينجزه أو وعدا أنجزه وهو الوعد بالبعث والجزاء . { ووعدتكم } وعد الباطل وهو أن لا بعث ولا حساب وإن كانا فالأصنام تشفع لكم . { فأخلفتكم } جعل تبين خلف وعده كالأخلاف منه . { وما كان لي عليكم من سلطان } تسلط فألجئكم إلى الكفر والمعاصي . { إلا أن دعوتكم } إلا دعائي إياكم إليها بتسويلي وهو ليس من جنس السلطان ولكنه على طريقة قولهم :

تحية بينهم ضرب وجيع *** . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا . { فاستجبتم لي } أسرعتم إجابتي . { فلا تلوموني } بوسوستي فإن من صرح العداوة لا يلام بأمثال ذلك . { ولوموا أنفسكم } حيث أطعتموني إذ دعوتكم ولم تطيعوا ربكم لما دعاكم ، واحتجت المعتزلة بأمثال ذلك على استقلال العبد بأفعاله وليس فيها ما يدل عليه ، إذ يكفي لصحتها أن يكون لقدرة العبد مدخل ما في فعله وهو الكسب الذي يقوله أصحابنا . { ما أنا بمصرخكم } بمغيثكم من العذاب . { وما أنتم بمصرخيّ } بمغيثي وقرأ حمزة بكسر الياء على الأصل في التقاء الساكنين ، وهو أصل مرفوض في مثله لما فيه من اجتماع ياءين وثلاث كسرات مع أن حركة ياء الإضافة الفتح ، فإذا لم تكسر وقبلها ألف فبالحري أن لا تكسر وقبلها ياء ، أو على لغة من يزيد ياء على ياء الإضافة إجراء لها مجرى الهاء والكاف في : ضربته ، وأعطيتكه ، وحذف الياء اكتفاء بالكسرة . { إني كفرت بما أشركتمون من قبل } " ما " إما مصدرية و{ من } متعلقة بأشركتموني أي كفرت اليوم بإشراككم إياي من قبل هذا اليوم أي في الدنيا بمعنى تبرأت منه واستنكرته كقوله : { ويوم القيامة يكفرون بشرككم } . أو موصولة بمعنى من نحو ما في قولهم : سبحان ما سخركن لنا ، و{ من } متعلقة ب { كفرت } أي كفرت بالذي أشركتمونيه وهو الله تعالى بطاعتكم إياي فيما دعوتكم إليه من عبادة الأصنام وغيرها من قبل إشراككم ، حين رددت أمره بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام وأشرك منقول من شركت زيدا للتعدية إلى مفعول ثان . { إن الظالمين لهم عذاب أليم } تتمة كلامه أو ابتداء كلام من الله تعالى وفي حكاية أمثال ذلك لطف للسامعين وإيقاظ لهم حتى يحاسبوا أنفسهم ويتدبروا عواقبهم .