الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

أخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن عساكر بسند ضعيف ، عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا جمع الله الأوّلين والآخرين وقضى بينهم وفرغ من القضاء ، يقول المؤمنون : قد قضى بيننا ربنا وفرغ من القضاء ، فمن يشفع لنا إلى ربنا ؟ فيقولون : آدم ، خلقه الله بيده وكلمه . فيأتونه فيقولون : قد قضى ربنا وفرغ من القضاء ، قم أنت فاشفع إلى ربنا . فيقول : ائتوا نوحاً ، فيأتون نوحاً عليه السلام فيدلهم على إبراهيم عليه السلام ، فيأتون إبراهيم عليه السلام فيدلهم على موسى عليه السلام ، فيأتون موسى عليه السلام فيدلهم على عيسى عليه السلام ، فيأتون عيسى عليه السلام فيقول : أدلكم على العربي الأمي ، فيأتوني ، فيأذن الله لي أن أقوم إليه ، فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد قط . . . حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نوراً من شعر رأسي إلى ظفر قدمي . ويقول الكافرون عند ذلك : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، ما هو إلا إبليس . . . فهو الذي أضلنا . فيأتون إبليس فيقولون : قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، قم أنت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا ، فيقوم إبليس فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط ، ثم يعظم لجهنم ويقول عند ذلك { إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم . . . } » الآية .

وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي - رضي الله عنه - في قوله { وقال الشيطان لما قضي الأمر . . . } الآية . قال : قام إبليس يخطبهم فقال { إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم . . . } إلى قوله { ما أنا بمصرخكم . . . } يقول : بمغن عنكم شيئاً { وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل } قال : فلما سمعوا مقالته ، مقتوا أنفسهم فنودوا { لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم } [ غافر : 10 ] الآية .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن الحسن - رضي الله عنه - قال : إذا كان يوم القيامة ، قام إبليس خطيباً على منبر من نار فقال { إن الله وعدكم وعد الحق . . . } إلى قوله { وما أنتم بمصرخي } قال : بناصري { إني كفرت بما أشركتمون من قبل } قال : بطاعتكم إياي في الدنيا .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن الشعبي - رضي الله عنه - في هذه الآية ، قال : خطيبان يقومان يوم القيامة ، إبليس وعيسى ابن مريم ، فأما إبليس ، فيقوم في حزبه فيقول هذا القول . وأما عيسى عليه السلام فيقول { ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد } [ المائدة : 117 ] .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : إن من الناس ، من يذلله الشيطان كما يذلل أحدكم قعوده من الإِبل .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - في قوله { ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ } قال : ما أنا بنافعكم وما أنتم بنافعي { إني كفرت بما أشركتمون من قبل } قال : شركة عبادته .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { ما أنا بمصرخكم } قال : ما أنا بمغيثكم .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : { بمصرخيّ } قال : بمغيثيّ .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر ، عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله { إني كفرت بما أشركتمون من قبل } يقول : عصيت الله فيكم .