جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوۡتُكُمۡ فَٱسۡتَجَبۡتُمۡ لِيۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوٓاْ أَنفُسَكُمۖ مَّآ أَنَا۠ بِمُصۡرِخِكُمۡ وَمَآ أَنتُم بِمُصۡرِخِيَّ إِنِّي كَفَرۡتُ بِمَآ أَشۡرَكۡتُمُونِ مِن قَبۡلُۗ إِنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (22)

{ وَقَالَ الشَّيْطَانُ{[2569]} لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ } : لما فرغ منه ودخل أهل الجنة الجنة ، والنار النار ، { إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ } : وعدا من حقه الإنجاز أو أنجزه وهو الوعد بالبعث وأن الناجي من اتبع الرسل ، { وَوَعَدتُّكُمْ } إنه غير كائن والناجي عابد الصنم ، { فَأَخْلَفْتُكُمْ } ، كما قال يعدهم ويمنيهم ، و ما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ } : ليس لي عليكم دليل ولا حجة ، أو ليس تسلط فألجئكم إلى الآثام ، { إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ } : لكن دعوتكم{[2570]} ، { فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم } : حيث أجبتموني ، وما أطعتم ربكم مع ظهور حجته ، { مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ } : بمغيثكم ، { وَمَا أنتم بِمُصْرِخِيَّ } : بمغيثي ، { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } ، إني جحدت و تبرأت أن أكون شريكا لله تعالى ، فما مصدرية ، ومن متعلقة بأشر كتموني ، أي : كفرت اليوم بإشراككم{[2571]} إياي في الدنيا ، وقيل : كفرت بسبب إشراككم إياي في الدنيا ، ما{[2572]} بمعنى من ، ومن متعلقة بكفرت ، أي : كفرت قبل إشراككم ، أي : حين أبيت السجود بالذي أشركتمونيه{[2573]} وهو الله تعالى ، { إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ابتداء كلام من الله ، أو تتمة كلام إبليس{[2574]} .


[2569]:قيل: هذا بعد تعيين كل قوم لمنازلهم من الجنة والنار ولكنه في الموقف فقد نقل من حديث عقبة بن عامر "أن الكافرين يقولون: وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا؟ فقيل شفيعكم إبليس، فقاموا إليه، فقام خطيبا وقال: {إن الله وعدكم} الآية" / 12 وجيز.
[2570]:إشارة إلى أن الاستثناء منقطع، قال الزمخشري أي إلا دعائي إياكم بوسوستي وليس الدعاء من جنس السلطان لكنه على طريقة قوله تحية بينهم ضرب وجيع، فعنده أن الاستثناء متصل /12 منه.
[2571]:منقول عن قتادة و الأول هو الوجه / 12.
[2572]:نحو سبحان ما سخر كن لنا / 12.
[2573]:يقال شركنيه فلان: جعلني له شريكا / 12.
[2574]:وهو الظاهر / 21 وجيز.