قوله تعالى : { يسألونك ماذا ينفقون } . وفي قوله " ماذا " وجهان من الإعراب . أحدهما أن يكون محله نصباً بقوله ( ينفقون ) تقديره : " أي شيء ينفقون " والآخر . أن يكون رفعاً بما ، ومعناه " ما الذي ينفقون " .
قوله تعالى : { قل ما أنفقتم من خير } . أي من مال .
قوله تعالى : { فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم } . يجازيكم به . قال أهل التفسير : كان هذا قبل فرض الزكاة فنسخت بالزكاة .
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ( 215 ) .
أي : يسألونك عن النفقة ، وهذا يعم السؤال عن المنفق والمنفق عليه ، فأجابهم عنهما فقال : ( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ ) أي : مال قليل أو كثير ، فأولى الناس به وأحقهم بالتقديم ، أعظمهم حقا عليك ، وهم الوالدان الواجب برهما ، والمحرم عقوقهما ، ومن أعظم برهما ، النفقة عليهما ، ومن أعظم العقوق ، ترك الإنفاق عليهما ، ولهذا كانت النفقة عليهما واجبة ، على الولد الموسر ، ومن بعد الوالدين الأقربون ، على اختلاف طبقاتهم ، الأقرب فالأقرب ، على حسب القرب والحاجة ، فالإنفاق عليهم صدقة وصلة ، ( وَالْيَتَامَى ) وهم الصغار الذين لا كاسب لهم ، فهم في مظنة الحاجة لعدم قيامهم بمصالح أنفسهم ، وفقد الكاسب ، فوصى الله بهم العباد ، رحمة منه بهم ولطفا ، ( وَالْمَسَاكِينِ ) وهم أهل الحاجات ، وأرباب الضرورات الذين أسكنتهم الحاجة ، فينفق عليهم ، لدفع حاجاتهم وإغنائهم .
( وَابْنَ السَّبِيلِ ) أي : الغريب المنقطع به في غير بلده ، فيعان على سفره بالنفقة ، التي توصله إلى مقصده .
ولما خصص الله تعالى هؤلاء الأصناف ، لشدة الحاجة ، عمم تعالى فقال : ( وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ) من صدقة على هؤلاء وغيرهم ، بل ومن جميع أنواع الطاعات والقربات ، لأنها تدخل في اسم الخير ، ( فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) فيجازيكم عليه ، ويحفظه لكم ، كل على حسب نيته وإخلاصه ، وكثرة نفقته وقلتها ، وشدة الحاجة إليها ، وعظم وقعها ونفعها .
قال مُقَاتل بن حَيّان : هذه الآية في نفقة التطوّع . وقال السدي : نَسَختها الزكاة . وفيه نظر . ومعنى الآية : يسألونك كيف ينفقون ؟ قاله ابن عباس ومجاهد ، فبين لهم تعالى ذلك ، فقال : { قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } أي : اصرفُوها في هذه الوجوه . كما جاء في الحديث : " أمك وأباك ، وأختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك " . وتلا ميمون بن مِهْرَان هذه الآية ، ثم قال : هذه مواضع النفقة ما ذكر فيها طبلا ولا مزمارًا ، ولا تصاوير الخشب ، ولا كُسوة الحيطان .
ثم قال تعالى : { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } أي : مهما صَدَرَ منكم من فعل معروف ، فإن الله يعلَمُه ، وسيجزيكم على ذلك أوفرَ الجزاء ؛ فإنه لا يظلم أحدًا مثقالَ ذَرّة .
{ يسألونك ماذا ينفقون } عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ( أن عمرو بن الجموح الأنصاري كان شيخا ذا مال عظيم ، فقال يا رسول الله ماذا تنفق من أموالنا وأين نضعها فنزلت ) { قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل } سئل عن المنفق فأجيب ببيان المصرف لأنه أهم فإن اعتداد النفقة باعتباره ، ولأنه كان في سؤال عمرو وإن لم يكن مذكورا في الآية ، واقتصر في بيان المنفق على ما تضمنه قوله ما أنفقتم من خير . { وما تفعلوا من خير } في معنى الشرط . { فإن الله به عليم } جوابه أي إن تفعلوا خيرا فإن الله يعلم كنهه ويوفي ثوابه ، وليس في الآية ما ينافيه فرض الزكاة لينسخ به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.