تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{يَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلۡ مَآ أَنفَقۡتُم مِّنۡ خَيۡرٖ فَلِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (215)

تنظيم الصدقات

{ يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوه من خير فإن الله به عليم( 215 ) }

المفردات :

المساكين : هم من لا يجدون كفايتهم ولو مع العمل قال تعالى : أما السفينة فكانت لمساكين يعلمون في البحر . ( الكهف : 79 ) .

ابن السبيل : الغريب المنقطع عن وطنه ولا مال معه ، ويمكن إطلاقه على اللاجئ أو المهاجر ، ولا مال يكفيه .

المعنى الإجمالي :

يسألك المؤمنون في شأن الإنفاق ، إن الإنفاق يكون من المال الطيب ، ويعطي للوالدين والأقربين واليتامى والمساكين ، ومن انقطع عن ماله وأهله ، وما تفعلوه من عمل الخير فإن الله يعلمه وهو يثيبكم عليه .

التفسير :

{ يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل }

سبب النزول : قال الألوسي : عن ابن جريج قال : سأل المؤمنين رسول الله صلى الله عليه وسلم أين يضعون أموالهم ؟ فأنزل الله تعالى : يسألونك ماذا ينفقون . الآية .

وفي تفسير مقاتل : لما أمره الله بالصدقة قال عمرو بن الجموح الأنصاري : يا رسول الله كم ننفق ؟ وعلى من ننفق ؟ فأنزل الله هذه الآية .

المعنى : يسألك أصحابك يا محمد أي شيء ينفقونه من أصناف الأموال ؟ قل لهم : ما أنفقتم من أموالكم فاجعلوه للوالدين قبل غيرهما ، ليمون أداء الحق تربيتهما ووفاء لبعض حقوقهما ، وللأقربين وفاء لحق القرابة والرحم ، ولليتامى لأنهم فقدوا الأب الحاني الذي يسد عوزهم والمساكين لفقرهم واحتياجهم . وابن السبيل لأنه كالفقير لغيبة ماله وانقطاعه عن بلده .

ولقد سارت هذه الآية مع نوازع الفطرة ، فالإنسان يحب أول ما يحب أفراد أسرته الأقربين ، عياله ووالديه ، فحثته على الإنفاق عليهم ليمسح آلامهم وليوثق روابط الأسرة ، التي شاء الله أن تكون اللبنة الأولى في بناء الإنسانية .

ثم سار الإسلام بالمنفق خطوة أخرى وراء أهله المقربين ، وحثه على الإنفاق على اليتامى الصغار الضعاف ، ثم المساكين الذين لا يجدون ما ينفقون ، ثم أبناء السبيل الذين قد يكون لهم مل ولكنهم انقطعوا عنه وحالت بينهم وبينه الحوائل .

والإسلام بهذا يقود النفوس إلى الخير والتطهر والزكاة ويهدف إلى إعطاء هؤلاء المحتاجين وكفالتهم ويقود نفوس المجتمع كله إلى التماسك والتعاطف .

والأكثرون على أن الآية في صدقة التطوع ، ويل في الزكاة . واستدل بها من أباح صرفها للوالدين .

والأول أرجح لعموم كلمة " خير " وخصوص الزكاة وكونها مقدرة .

{ وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم }

وهذا تذييل قصد به الحض على فعل الخير في جميع مجالاته ولجميع الأفراد المحتاجين له . لأن المؤمن عندما يشعر بأن الله يرى عمله ويجازيه عليه بما يستحق ، يشجعه ذلك على الاستمرار في عمل الخير .

***