تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلۡ مَآ أَنفَقۡتُم مِّنۡ خَيۡرٖ فَلِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (215)

الآية 215 وقوله تعالى : ( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير ) فظاهر هذا القول لم يخرج له الجواب ؛ لأن السؤال عما ينفق ؟ فخرج الجواب على من ينفق ؟ غير أنه يحتمل أن يكون : ماذا ؟ بمعنى : من ؛ وذلك مستعمل في اللغة غير ممتنع . ويحتمل أن يكونوا سألوا سؤالين : أحدهما عما ينفق ؟ والثاني على من{[2426]} ينفق ؟ فخرج لأحدهما الجواب على ما كان من السؤال : على من ينفق ؟ ولم يخرج جواب ما كان من السؤال : عما ينفق ؟ وهذا أيضا جائز ، كثير في القرآن : أن تكثر الأسئلة{[2427]} ، ويخرج الجواب لبعض ، ولا يخرج لبعض . ويكون جواب سؤال : ممن ينفق ؟ في قوله تعالى : ( قل العفو ) [ البقرة : 219 ] ، فيكون على ما ذكره ، والله أعلم .

ويدل لما قلنا : إنه كان ثم سؤالان : أحدهما : عما ينفق ؟ والآخر : على من ينفق ؟ ما روي عن عمرو بن الجموح الأنصاري رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله كم ننفق ؟ وعلى من ننفق ؟ فأنزل الله تعالى : ( يسألونك ماذا ينفقون ) الآية " [ السيوطي في الدر المنثور : 1/585 ] . ثم اختلف في هذه النفقة .

قال بعضهم : هذه النفقة كانت تطوعا{[2428]} ، فنسخت بالزكاة ، وقيل : هذه النفقة صدقة يتصدقون بها على الوالدين والأقربين الذين يرثون ، نسختها آية المواريث ، وقيل : فيه الأمر بالإنفاق على الوالدين والأقربين عند الحاجة ، وكان هذا أقرب ، والله أعلم . وفيه دلالة لزوم نفقة الوالدين والمحارم .


[2426]:- من الأصل و ط ع، في م: ما.
[2427]:- من ط ع، في الأصل و م: الأسولة.
[2428]:- يف النسخ الثلاث: تطوع