إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلۡ مَآ أَنفَقۡتُم مِّنۡ خَيۡرٖ فَلِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (215)

{ يَسْألُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ } أي من أصناف أموالِهم { قُلْ مَا أَنفَقْتُم منْ خَيْرٍ } ما إما شرطية وإما موصولة حُذف العائدُ إليها أي ما أنفقتموه من خير أي خير كان ففيه تجويزُ الإنفاق من جميع أنواعِ الأموالِ وبيانٌ لما في السؤال ، إلا أنه جُعل من جملة ما في حيز الشرطِ أو الصلة وأُبرِز في معرِض بيانِ المصرِفِ حيث قيل : { فللوالدين والأقربين } للإيذان بأن الأهمَّ بيانُ المصارفِ المعدودة لأن الاعتدادَ بالإنفاق بحسب وقوعِه في موقعه ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه جاء عمْرُو بنُ الجَموحِ وهو شيخٌ هِمٌّ له مالٌ عظيم فقال : يا رسول الله ماذا نُنفق من أموالنا وأين نضعُها ؟ فنزلت { واليتامى } أي المحتاجين منهم { والمساكين وابن السبيل } ولم يتعرضْ للسائلين والرقاب إما اكتفاءً بما ذكر في المواقع الأُخَرِ ، وإما بناءً على دخولهم تحت عموم قوله تعالى : { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ } فإنه شاملٌ لكل خير واقعٍ في أي مصرِفٍ كان { فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ } فيوفّي ثوابَه ، وليس في الآية ما ينافيه فرضُ الزكاة ليُنْسخَ به كما نُقل عن السُدي .