وقوله : { يَسْأَلُونَكَ ماذَا يُنْفِقُونَ . . . }
تجعل " ما " في موضع نصبِ وتوقِع عليها " ينفِقون " ، ولا تنصبها ب ( يَسْألونك ) لأنّ المعنى : يسألونك أي شيء ينفقون . وإن شِئت رفعتها من وجهين ؛ أحدهما أن تجعل " ذا " اسما يرفع ما ، كأنك قلت : ما الذي ينفقون . والعرب قد تذهب بهذا وذا إلى معنى الذي ؛ فيقولون : ومن ذا يقول ذاك ؟ في معنى : من الذي يقول ذاك ؟ وأنشدوا :
عَدَسْ ما لِعبّادٍ عليكِ إِمارة *** أَمِنْتِ وهذا تحمِلين طَلِيق
كأنه قال : والذي تحملين طليق . والرفع الآخر أن تجعل كلّ استفهام أوقعت عليه فعلا بعده رفعا ؛ لأنّ الفعل لا يجوز تقديمه قبل الاستفهام ، فجعلوه بمنزلة الذي ؛ إذ لم يعمل فيه الفعل الذي يكون بعدها . ألا ترى أنك تقول : الذي ضربت أخوك ، فيكون الذي في موضع رفع بالأَخِ ، ولا يقع الفعل الذي يليها عليها . فإذا نويت ذلك رفعت قولَه : { قلِ العفو كذلك } ؛ كما قال الشاعر :
ألا تسأَلانِ المرء ماذا يُحاوِل *** أَنَحْبٌ فَيُقْضَى أم ضَلالٌ وباطِل
رفع النحب ؛ لأنه نوى أن يجعل " ما " في موضع رفع . ولو قال : أنحبا فيقضى أم ضلالا وباطلا كان أبين في كلام العرب . وأكثر العرب تقول : وأيُّهم لم أضرب وأيُّهم إلاّ قد ضربت رفع ؛ للعلّة من الاستئناف من حروف الاستفهام وألاّ يسبقها شيء .
ومما يشبه الاستفهام مما يُرفع إذا تأخَّر عنه الفعل الذي يقع عليه قولهم : كلُّ الناس ضربت . وذلك أن في ( كلّ ) مِثْل معنى هل أحدٌ [ إلاّ ] ضربت ، ومثل معنى أي رجل لم أضرب ، وأي بلدة لم أدخل ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : كلُّ الناس ضربت ؛ كان فيها معنى : ما منهم أحد إلا قد ضربت ، ومعنى أيهم لم أضرب . وأنشدني أبو ثَرْوان :
وقالوا تعرَّفْها المنازلَ ممن مِنىً *** وما كُلُّ من يغشى مِنىً أنا عارف
رفعا ، ولم أسمع أحدا نَصَب كل . قال : وأنشدونا :
وما كُلُّ مَنْ يَظَّنُّنِي أنا مُعتِب *** وما كُلُّ ما يُرْوَى على أقول
ولا تتوهَّم أنهم رفعوه بالفعل الذي سبق إليه ؛ لأنهم قد أنشدونا :
قد عَلِقَت أُمّ الخيار تدَّعى *** على ذنبا كُلُّه لم أصنع
أرَجَزا تريد أم قريضا *** أم هكذا بينهما تعريضا
فرفع كُلاّ وبعدها ( أجد ) ؛ لأن المعنى : ما منهما واحد إلا أجده هيّنا مستريضا . ويدلّك على أن فيه ضمير جحد قولُ الشاعر :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.