نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَۖ قُلۡ مَآ أَنفَقۡتُم مِّنۡ خَيۡرٖ فَلِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِۗ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (215)

ولما كانت النفقة من أصول ما بنيت عليه السورة من صفات المؤمنين{ ومما رزقناهم ينفقون }[ البقرة : 3 ] ثم كرر الترغيب فيها في تضاعيف الآي إلى أن أمر بها في أول آيات الحج الماضية آنفاً مع أنها من دعائم بدايات الجهاد إلى أن تضمنتها الآية السالفة مع القتل الذي هو{[9528]} نهاية الجهاد كان هذا موضع السؤال عنهما فأخبر تعالى عن ذلك على طريق النشر المشوش وذلك مؤيد لما فهمته في{[9529]} البأساء والضراء فإن استعماله في القرآن أكثر من المرتب فقال معلماً لمن سأل : {[9530]} هل سأل{[9531]} المخاطبون بذلك عنهما ؟ { يسئلونك{[9532]} ماذا } {[9533]} أي أيّ شيء{[9534]} { ينفقون } {[9535]} من الأموال{[9536]} . وقال الحرالي : لما كان منزل القرآن على نحو متصرف المرء في الأزمان كان انتظام خطابه متراجعاً بين خطاب{[9537]} دين{[9538]} يتلقى عن الله وبين إقامة {[9539]} بحكم يكون{[9540]} العبد فيه خليفة الله في نفاذ أمره وبين إنفاق يكون فيه خليفة في أيصال فضله ، لأن الشجاعة والجود - {[9541]} خلافة{[9542]} والجبن والبخل عزل عنها ، فكان في طي ما تقدم من الخطاب{[9543]} الإحسان والإنفاق ، وكان حق ذلك أن لا يسأل عماذا ينفق ، لأن المنفق هو الفضل كله ، قال صلى الله عليه وسلم : " يا ابن آدم ! إن تبذل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك " ففي هذا السؤال ممن سأله له{[9544]} نوع تلدد{[9545]} من نحو ما تقدم لبني إسرائيل في أمر البقرة من مرادة المسألة ، لم{[9546]} يستأذن الصديق رضي الله تعالى عنه حين أتى بماله كله ولا{[9547]} استأذن عمر رضي الله عنه حين أتى بشطر ماله ولا استأذن سعد بن الربيع حين خرج لعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنهما عن شطر ماله وإحدى زوجتيه ؛ فكان في هذا السؤال إظهار مثل الذين خلوا من قبلهم{[9548]} ولولا أن الله رحيم لكان جوابهم : تنفقون{[9549]} الفضل ، فكان يقع{[9550]} واجباً ولكن الله لطف بالضعيف لضعفه وأثبت الإنفاق وأبهم قدره{[9551]} في نكس الإنفاق بأن يتصدق على الأجانب مع حاجة من الأقارب فقال تعالى خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم وإعراضاً منه عن السائلين لما في السؤال من التبلد الإسرائيلي - انتهى . فقال : { {[9552]} قل ما أنفقتم من خير } أي من مال{[9553]} وعدل عن بيان المنفق{[9554]} ما هو إلى بيان المصرف{[9555]} لأنه أنفع على وجه عرف منه سؤالهم و{[9556]} هو كل{[9557]} مال عدّوه خيراً فقال معبراً بالماضي ليكون أشمل : { {[9558]} ما أنفقتم من خير{[9559]} } فعمم المنفق منه وهو كل مال{[9560]} تعدونه{[9561]} خيراً{[9562]} وخص المصرف مبيناً أهمه لأن النفقة لا يعتد بها إلا أن تقع موقعها فقال : فللوالدين{[9563]} } لأنهما أخرجاه إلى الوجود{[9564]} في عالم الأسباب { {[9565]} والأقربين{[9566]} } {[9567]} لما لهم من الحق المؤكد بأنهم كالجزء لما لهم من قرب القرابة{[9568]} { {[9569]} واليتامى{[9570]} } {[9571]} لتعرضهم للضياع{[9572]} لضعفهم .

وقال الحرالي : لأنهم أقارب بعد الأقارب باليتم الذي أوجب خلافة الغير عليهم - انتهى { {[9573]} والمساكين{[9574]} } لمشاركتهم الأيتام{[9575]} في الضعف {[9576]} وقدرتهم في الجملة على نوع كسب{[9577]} . {[9578]} قال الحرالي{[9579]} : وهم المتعرضون لغة والمستترون الذين لا يفطن لهم ولا يجدون ما يغنيهم شرعاً ولغة نبوية{[9580]} - انتهى . { {[9581]} وابن السبيل{[9582]} } لضعفه بالغربة {[9583]} والآية محكمة فحمل ما فيها على ما يعارض غيرها{[9584]} .

ولما خص من ذكر عمم وبشر بقوله : { وما تفعلوا من خير{[9585]} } أي مما يعد خيراً من عين أو معنى من هذا أو غيره{[9586]} مع هؤلاء أو غيرهم{[9587]} { فإن الله } المحيط علماً وقدرة بكل شيء{[9588]} . {[9589]} ولما كان {[9590]} على طريق الاستئناف{[9591]} في مقام الترغيب والترهيب لكونه وكل الأمر إلى المنفقين{[9592]} و{[9593]} كان سبحانه عظيم الرفق بهذه الأمة {[9594]} أكِد علمه بذلك فقدم بذلك{[9595]} فقدم{[9596]} الظرف إشارة إلى أن له غاية النظر إلى أعمالهم الحسنة فقال : { {[9597]} به عليم{[9598]} * } أي{[9599]} بالغ العلم وهو أولى من جازى على الخير . وقال الحرالي{[9600]} : ختم بالعلم لأجل دخول الخلل على النيات{[9601]} في الإنفاق لأنه من أشد شيء تتباهى{[9602]} به النفس فيكاد{[9603]} لا يسلم لها{[9604]} منه إلا ما لا تعلمه شمالها التي هي التفاتها وتباهيها ويختص بيمينها التي هي صدقها وإخلاصها - انتهى .


[9528]:زيد من م ومد وظ.
[9529]:في ظ: من.
[9530]:ليس في م.
[9531]:ليس في م.
[9532]:نزلت في عمرو بن المجموح كان شيخا كبيرا ذا مال كثير سأل بماذا أتصدق على ما أنفق – قاله أبو صالح عن ابن عباس....ومناسبة هذه الآية لما قبلها أن الصبر على النفقة وبذل المال هو من أعظم ما تحلى به المؤمن وهو من أقوى الأسباب الموصلة إلى الجنة حتى لقد ورد: الصدقة تطفئ غضبي الرب – البحر المحيط 2 / 142.
[9533]:هكذا في م ومد متأخرا عن "ماذا" وقدمه في الأصل على "ماذا" وليس في ظ.
[9534]:هكذا في م ومد متاخرا عن "ماذا" وقدمه في الأصل على "ماذا" وليس في ظ.
[9535]:ليس في ظ.
[9536]:ليس في ظ.
[9537]:من م وظ ومد، وفي الأصل: خطابه.
[9538]:من ظ ومد وفي م: وبين وفي الأصل: ومن.
[9539]:من م وظ ومد، وفي الأصل: يحكم بكون.
[9540]:من م وظ ومد، وفي الأصل: يحكم بكون.
[9541]:من م ومد وظ، وفي الأصل: جود.
[9542]:من م ومد وفي الأصل وظ: خلافه.
[9543]:زيد في م "و".
[9544]:ليس في مد.
[9545]:من ظ ومد وفي الأصل وم: تلذذ.
[9546]:في مد: لمن.
[9547]:في الأصل: بمما، والتصحيح من م وظ ومد.
[9548]:من م وظ ومد، وفي الأصل: قبلكم.
[9549]:من م وظ ومد، وفي الأصل: ينفقون.
[9550]:ليس في م
[9551]:زيدت من م ومد وظ.
[9552]:من م وظ ومد. (غير أن العبارة من "أي من مال" إلى "ما أنفقتم من خير" ليست في مد) وفي الأصل بياض.
[9553]:من م وظ ومد (غير أن العبارة من "أي من مال" إلى "ما أنفقتم من خير" ليست في مد) وفي الأصل بياض.
[9554]:من م، وفي الأصل: السبق.
[9555]:من م، وفي الأصل: الصرف.
[9556]:في م: يوكل – كذا.
[9557]:في م: يوكل – كذا.
[9558]:من م وفي الأصل بياض.
[9559]:من م، وفي الأصل بياض.
[9560]:في م: ما والعبارة من "وعدل" إلى هنا ليست في ظ.
[9561]:من ظ ومد وفي الأصل وم: يعدونه.
[9562]:زيد في م: فللوالدين والأقربين، والعبارة من هنا إلى "فقال" ليست في ظ وفي البحر المحيط 2 / 142: هذا بيان لمصرف ما ينفقونه وقد تضمن المسؤل عنه وهو المنفق بقوله "من خير" ويحتمل أن يكون "ماذا" سؤالا عن المصرف على حذف مضاف، التقدير: مصرف ماذا ينفقون أي يجعلون إنفاقهم، فيكون الجواب إذ ذاك مطابقا، ويحتمل أن يكون حذف من الأول الذي هو السؤال المصرف ومن الثاني الذي هو الجواب ذكر المنفق وكلاهما مراد وإن كان محذوفا وهو نوع من البلاغة تقدم نظيره في قوله: "ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق" وقال الزمخشري: قد تضمن قوله تعالى: "ما أنفقتم من خير" بيان ما ينفقونه وهو كل خير وبني الكلام على ما هو أهم وهو بيان المصرف لأن النفقة لا يعتد بها إلا ان تقع موقعها كقول الشاعر: إن الصنيعة لا تكون صنيعة حتى يصاب بها طريق المصنع انتهى كلامه وهو لا بأس له "ومن خير" يتناول القليل والكثير، وبدأ في المصرف بالأقرب ثم بالأحوج فالأحوج.
[9563]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض. والعبارة من هنا إلى "الأسباب" ليست في ظ.
[9564]:من م ومد، وفي الأصل: الوجوه.
[9565]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9566]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9567]:ليست في ظ.
[9568]:ليست في ظ
[9569]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9570]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9571]:ليست في ظ ولفظ "للضياع" كرره في الأصل ثانيا.
[9572]:ليست في ظ. ولفظ "للضياع" كرره في الأصل ثانيا.
[9573]:من م ومد وظ وفي الأصل بياض.
[9574]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9575]:في مد: للأيتام.
[9576]:من م ومد وظ وفي الأصل بياض.
[9577]:من م ومد وظ وفي الأصل بياض.
[9578]:ليست في مد.
[9579]:ليست في مد.
[9580]:في الأصل: نبوته، والتصحيح من م ومد وظ.
[9581]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9582]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9583]:العبارة المحجوزة سقطت من الأصل.
[9584]:العبارة من "والآية" إلى هنا زيدت من م ومد، وليست في ظ.
[9585]:العبارة من "ولما" إلى هنا زيدت من م ومد وظ.
[9586]:العبارة من "أي" إلى هنا زيدت من م ومد، وليست في ظ.
[9587]:العبارة من "مع هؤلاء" إلى هنا زيدت من م ومد غير أن في م: من – مكان: مع و: غيره – مكان: غيرهم.
[9588]:العبارة من "فإن" إلى هنا زيدت من م ومد وظ، غير ان في م: لكل – مكان: بكل.
[9589]:العبارة من هنا إلى "المنفقين" ليست في ظ.
[9590]:ليست في م ومد.
[9591]:ليست في م ومد.
[9592]:في مد: المتقين.
[9593]:زيد في ظ: لما.
[9594]:ليست في م ومد وظ.
[9595]:ليست في م ومد وظ.
[9596]:في ظ: قدم.
[9597]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9598]:من م ومد وظ، وفي الأصل بياض.
[9599]:ليس في ظ.
[9600]:وقال الأندلسي في البحر المحيط 2 / 143: ولما كان أولا السؤال عن خاص أجيبوا بخاص ثم اتى بعد ذلك الخاص التعميم في أفعال الخير وذكر المجازاة علىف علها، وفي قوله: "فإن الله به عليم" دلالة على المجازاة لأنه إذا كان عالما به جازى عليه فهي جملة خبرية وتتضمن الوعد بالمجازاة.
[9601]:من م وظ ومد، وفي الأصل: الثبات.
[9602]:في ظ: يتباهى.
[9603]:في ظ: يكاد.
[9604]:في ظ: منها.