المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (5)

5- ولقد أرسلنا موسى مؤيداً بمعجزاتنا ، وقلنا له : أخرج قومك بني إسرائيل من ظلمات الكفر والجهل إلى نور الإيمان والعلم ، وذكّرهم بالوقائع والنقم التي أوقعها الله بالأمم قبلهم . إن في ذلك التذكير دلائل عظيمة على وحدانية الله ، تدعو إلى الإيمان وإلى كل ما يتحقق به كمال الصبر على البلاء ، والشكر على النعماء ، وهذه صفة المؤمن .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (5)

قوله تعالى : { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور } . أي : من الكفر إلى الإيمان بالدعوة ، { وذكرهم بأيام الله } ، قال ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد وقتادة : بنعم الله . وقال مقاتل : بوقائع الله في الأمم السالفة . يقال : فلان عالم بأيام العرب ، أي : بوقائعهم ، وإنما أراد بما كان في أيام الله من النعمة والمحنة ، فاجتزأ بذكر الأيام عنها لأنها كانت معلومة عندهم . { إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } ، الصبار : الكثير الصبر ، والشكور : الكثير الشكر ، وأراد : لكل مؤمن ، لأن الصبر والشكر من خصال المؤمنين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (5)

{ 5 - 8 } { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ *وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ * وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ }

يخبر تعالى : أنه أرسل موسى بآياته العظيمة الدالة على صدق ما جاء به وصحته ، وأمره بما أمر الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بل وبما أمر به جميع الرسل قومهم { أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } أي : ظلمات الجهل والكفر وفروعه ، إلى نور العلم والإيمان وتوابعه .

{ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ } أي : بنعمه عليهم وإحسانه إليهم ، وبأيامه في الأمم المكذبين ، ووقائعه بالكافرين ، ليشكروا نعمه وليحذروا عقابه ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي : في أيام الله على العباد { لآيات لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أي : صبار في الضراء والعسر والضيق ، شكور على السراء والنعمة . فإنه يستدل بأيامه على كمال قدرته وعميم إحسانه ، وتمام عدله وحكمته ، ولهذا امتثل موسى عليه السلام أمر ربه ، فذكرهم نعم الله فقال : { اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (5)

وكذلك كانت رسالة موسى . بلسان قومه .

( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا : أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ، وذكرهم بأيام الله . إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور . وإذ قال موسى لقومه : اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون ، يسومونكم سوء العذاب ، ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ، وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم . وإذ تأذن ربكم : لئن شكرتم لأزيدنكم ، ولئن كفرتم إن عذابي لشديد . وقال موسى : إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ) . .

والتعبير يوحد بين صيغة الأمر الصادر لموسى والصادر لمحمد - عليهما صلاة الله وسلامه - تمشيا مع نسق الأداء في السورة - وقد تحدثنا عنه آنفا - فإذا الأمر هناك :

( لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) . .

والأمر هنا :

( أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ) . .

الأولى للناس كافة والثانية لقوم موسى خاصة ، ولكن الغاية واحدة :

( أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ) . . ( وذكرهم بأيام الله ) . .

وكل الأيام أيام الله . ولكن المقصود هنا أن يذكرهم بالأيام التي يبدو فيها للبشر أو لجماعة منهم أمر بارز أو خارق بالنعمة أو بالنقمة ؛ كما سيجيء في حكاية تذكير موسى لقومه . وقد ذكرهم بأيام لهم ، وأيام لأقوام نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم . فهذه هي الأيام .

( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) . .

ففي هذه الأيام ما هو بؤسى فهو آية للصبر ، وفيها ما هو نعمى فهو آية للشكر . والصبار الشكور هو الذي يدرك هذه الآيات ، ويدرك ما وراءها ، ويجد فيها عبرة له وعظة ؛ كما يجد فيها تسرية وتذكيرا .

/خ27

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (5)

وقوله : { ولقد أرسلنا موسى } الآية ، آيات الله هي العصا واليد وسائر التسع{[7004]} . وقوله : { أن أخرج } تقديره : بأن أخرج ، ويجوز أن تكون { أن } مفسرة لا موضع لها من الإعراب{[7005]} ، وأما { الظلمات } و { النور } فيحتمل أن يراد بها من الكفر إلى الإيمان . وهذا على ظاهر أمر بني إسرائيل في أنهم كانوا قبل بعث موسى أشياعاً متفرقين في الدين ، قوم مع القبط في عبادة فرعون ، وكلهم على غير شيء ، وهذا مذهب الطبري - وحكاه عن ابن عباس - وإن صح أنهم كانوا على دين إبراهيم وإسرائيل ونحو هذا ف { الظلمات } الذل والعبودية ،

و { النور } العزة والدين والظهور بأمر الله تعالى .

قال القاضي أبو محمد : وظاهر هذه الآية وأكثر الآيات في رسالة موسى عليه السلام أنها إنما كانت إلى بني إسرائيل خاصة ، في معنى الشرع لهم وأمرهم ونهيهم بفروع الديانة ، وإلى فرعون وأشراف قومه في أن ينظروا ويعتبروا في آيات موسى فيقروا بالله ويؤمنوا به تعالى وبموسى ومعجزته ويتحققوا نبوته ويرسلوا معه بني إسرائيل .

قال القاضي أبو محمد : ولا يترتب هذا إلا بإيمان به ، وأما أن تكون رسالته إليهم لمعنى اتباعه والدخول في شرعه فليس هذا بظاهر القصة ولا كشف الغيب ذلك ، ألا ترى أن موسى خرج عنهم ببني إسرائيل ؟ فلو لم يتبع لمضى بأمته ، وألا ترة أنه لم يدع القبط بجملتهم وإنما كان يحاور أولي الأمر ؟ وأيضاً فليس دعاؤه لهم على حد دعاء نوح وهود وصالح أممهم في معنى كفرهم ومعاصيهم ، بل في الاهتداء والتزكي وإرسال بني إسرائيل .

ومما يؤيد هذا أنه لو كانت دعوته لفرعون والقبط على حدود دعوته لبني إسرائيل فلم كان يطلب بأمر الله أن يرسل معه بني إسرائيل ؟ بل كان يطلب أن يؤمن الجميع ويتشرعوا بشرعه ويستقر الأمر . وأيضاً فلو كان مبعوثاً إلى القبط لرده الله إليهم حين غرق فرعون وجنوده ، ولكن لم يكونوا أمة له فلم يرد إليهم .

قال القاضي أبو محمد : واحتج من ذهب إلى أن موسى بعث إلى جميعهم بقوله تعالى في غير آية { إلى فرعون وملئه }{[7006]} [ الأعراف : 103 ] ، و { إلى فرعون وقومه }{[7007]} [ النمل : 12 ] والله أعلم .

وقوله : { وذكرهم } الآية . أمر الله عز وجل موسى أن يعظ قومه بالتهديد بنقم الله التي أحلها بالأمم الكافرة قبلهم وبالتعديد لنعمه عليهم في المواطن المتقدمة ، وعلى غيرهم من أهل طاعته ليكون جريهم على منهاج الذين أنعم عليهم وهربهم من طريق الذين حلت بهم النقمات ، وعبر عن النعم والنقم ب «الأيام » إذ هي في أيام{[7008]} ، وفي هذه العبارة تعظيم هذه الكوائن المذكور بها ، ومن هذا المعنى قولهم : يوم عصيب ، ويوم عبوس ، ويوم بسام ، وإنما الحقيقة وصف ما وقع فيه من شدة أو سرور ، وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت : { أيام الله } : نعمه : وعن فرقة أنها قالت : { أيام الله } : نقمه .

قال القاضي أبو محمد : ولفظة «الأيام » تعم المعنيين ، لأن التذكير يقع بالوجهين جميعاً .

وقوله : { لكل صبار شكور } إنما أراد لكل مؤمن ناظر لنفسه ، فأخذ من صفات المؤمن صفتين تجمع أكثر الخصال وتعم أجمل الأفعال{[7009]} .


[7004]:الآيات التسع هي: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، و الدم، والعصا، ويده البيضاء، والسنين، والنقص في الثمرات.
[7005]:فتكون بمعنى "اي"، كقوله تعالى: {و انطلق الملأ منهم أن امشوا} بمعنى : أي امشوا.
[7006]:تكررت في الآيات: (103 من الأعراف، و 75 من يونس، و 97 من هود، و46 من المؤمنون، و32 من القصص، و46 من الزخرف).
[7007]:من الآية (12) من سورة (النمل).
[7008]:إطلاق الأيام على النقم والبلايا مشهور وكثير في كلام العرب، وكانوا يطلقون الأيام على الوقائع والحروب، كيوم ذي قار، ويوم الفجار، ويوم فضة، و يوم حليمة، ومن ذلك قول الشاعر: وأيامنا مشهورة في عدونا وإذا كانت أيام الوقائع بلايا على المغلوب، فهي نعم على الغالب المنتصر، وكانوا يفخرون بها ويذكرونها على أنها نعم الله عليهم، قال عمرو بن كلثوم: وأيام لنا غر طوال عصينا الملك فيها أن ندينا فأيامهم غر لعلوهم على الملك وامتناعهم عليه، وهي طوال على أعدائهم، وبهذا الفهم لمعنى البيت قد يكون من الصعب تفسير الأيام بأنها نعم الدنيا.
[7009]:في الأصول: "فأخذ من صفات (المؤمنين) صفتين (تجمع) أكثر الخصال، (وتعم) أجمل الأفعال"، وهي عادة لابن عطية.