لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ أَنۡ أَخۡرِجۡ قَوۡمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَذَكِّرۡهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (5)

أَخْرجْ قومَك بدعوتك من ظلمات شكهم إلى نور اليقين ، ومنْ إشكالِ الجهل إلى رَوْحِ العِلْم ، وذَكِّرْهُم بأيام الله ؛ ما سلف لهم من وقت الميثاق ، وما رفع عنهم من البلاء في سابق أحوالهم .

ويقال ذكِّرْهُم بأيام الله وهي ما سبق لأرواحهم من الصفوة وتعريف التوحيد قبل حلولها في الأشباح :

سقياً لها ولطيبها ولحسنها وبهائها ***

أيام لم ( . . . . . ) *** . . .

ويقال ذكِّرْهم بأيام الله وهي التي كان العبدُ فيها في كتم العدم ، والحق يتولَّى عباده قبل أن يكون لِلعبادِ فِعْلٌ ؛ فلا جُهْدَ للسابقين ، ولا عناءَ ولا تَرْكَ للمقتصدين ، ولا وقع من الظالم لنفسه ظلم .

إذ كان متعلق العلم متناول القدرة ، والحكم على الإرادة . . ولم يكن للعبد اختيار في تلك الأيام .

قوله : { إِنَّ في ذَلِكَ لآيات لِكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } .

{ صَبَّارٍ } : راضٍ بحكمه واقف عند كون لذيذ العيش يَسُرُّه .

{ شَكُورٍ } : محجوبٌ بشهود النِّعم عن استغراقه في ظهور حقه . . . هذا واقفٌ مع صبره وهذا واقف مع شكره ، وكلٌّ مُلْزَمٌ بحده وقَدْرِه : والله غالب على أمره ، مقدّسٌ في نَفْسِه مُتعزَّزٌ بجلال قُدْسِه .