92- إن تقسيم المنافقين ذلك التقسيم للاحتياط ، حتى لا يُقْتَل مؤمن على ظن أنه منافق ، لأن قتل المؤمن لا يجوز إلا أن يقع ذلك خطأ غير مقصود ، وفي حال قتل المؤمن خطأ إن كان يعيش في ولاية الدولة الإسلامية تدفع الدية لأهله تعويضاً عما فقدوه ، وتعتق رقبة مؤمنة ليعوض جماعة المؤمنين عما فقدت ، لأن عتق الرقبة المؤمنة إحياء لها بالحرية ، فكأنه يكتفي بتحرير رقبة مؤمنة ليعوض المؤمنين عن فقده{[43]} وإن كان ينتمي لقوم بينهم وبين المسلمين معاهدة سلم ، فإنه يجب تحرير رقبة مؤمنة ، وتسليم الدية لأهل المقتول ، لأنهم لعهدهم لا يتخذونها لإيذاء المسلمين ، وإذا كان القاتل خطأ لا يجد رقبة مؤمنة يعتقها ، فإنه يصوم شهرين متتابعين لا يفطر يوما فيهما ، لأن ذلك يكون تهذيباً لنفسه وتربية لها على الاحتراس ، واللَّه - سبحانه وتعالى - عليم بالنفوس والنيات ، حكيم يضع العقوبات في مواضعها .
قوله تعالى : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً } ، الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وذلك أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة فأسلم ، ثم خاف أن يظهر إسلامه لأهله فخرج هارباً إلى المدينة ، وتحصن في أطم من أطامها ، فجزعت أمه لذلك جزعاً شديداً وقالت لابنها الحارث وأبي جهل بن هشام ، وهما أخواه لأمه : والله لا يظلني سقف ، ولا أذوق طعاماً ، ولا شراباً ، حتى تأتوني به ، فخرجا في طلبه ، وخرج معهما الحارث بن زيد بن أبي أنيسة حتى أتوا المدينة ، فأتوا عياشاً وهو في الأطم ، قالا له : انزل ، فإن أمك لم يؤوها سقف بيت بعدك ، وقد حلفت ألا تأكل طعاماً ، ولا تشرب شراباً ، حتى ترجع إليها ، ولك عهد الله علينا أن لا نكرهك على شيء ، ولا نحول بينك وبين دينك ، فلما ذكروا له جزع أمه ، وأوثقوا له بالله نزل إليهم ، فأخرجوه من المدينة ، ثم أوثقوه بنسعة ، فجلده كل واحد منهم مائة جلدة ، ثم قدموا به على أمه فلما أتاها قالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثقاً مطروحاً في الشمس ما شاء الله ، فأعطاهم الذي أرادوا ، فأتاه الحارث بن زيد فقال : يا عياش ، أهذا الذي كنت عليه ؟ فوا الله لئن كان هدىً لقد تركت الهدى ، ولئن كانت ضلالة لقد كنت عليها ، فغضب عياش من مقالته ، وقال : والله لا ألقاك خالياً أبداً إلا قتلتك ، ثم إن عياشاً أسلم بعد ذلك وهاجر ، ثم أسلم الحارث بن زيد بعده وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس عياش حاضراً يومئذ ، ولم يشعر بإسلامه ، فبينما عياش يسير بظهر قباء إذ لقي الحارث فقتله ، فقال الناس : ويحك أي شيء قد صنعت إنه قد أسلم ؟ فرجع عياش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله قد كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته ، فنزل : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ } . وهذا نهى عن قتل المؤمن كقوله تعالى : { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله } . [ الأحزاب :53 ] .
قوله تعالى : { إلا خطأ } استثناء منقطع معناه : لكن إن وقع خطأ .
قوله تعالى : { ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } أي : فعليه إعتاق رقبة مؤمنة كفارة .
قوله تعالى : { ودية مسلمة }كاملة .
قوله تعالى : { إلى أهله } أي : إلى أهل القتيل الذين يرثونه .
قوله تعالى : { إلا أن يصدقوا } أي : يتصدقوا بالدية ، فيعقوا ويتركوا الدية .
قوله تعالى : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } ، أراد به : إذا كان الرجل مسلماً في دار الحرب منفرداً مع الكفار ، فقتله من لم يعلم بإسلامه فلا دية عليه ، وعليه الكفارة ، وقيل : المراد منه إذا كان المقتول مسلماً في دار الإسلام ، وهو من نسب قوم كفار ، وقرابته في دار الحرب حرب للمسلمين ، ففيه الكفارة ولا دية لأهله ، وكان الحارث بن زيد من قوم كفار ، حرب للمسلمين ، وكان فيه تحرير رقبة ، ولم يكن فيه دية ، لأنه لم يكن بين قومه وبين المسلمين عهد .
قوله تعالى : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } . أراد به : إذا كان المقتول كافراً ذمياً ، أو معاهداً فيجب فيه الدية ، والكفارة ، تكون بإعتاق رقبة مؤمنة ، سواء كان المقتول مسلماً ، أو معاهداً ، رجلاً كان أو امرأة ، حراً كان أو عبداً ، وتكون في مال القاتل .
قوله تعالى : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } ، والقاتل إن كان واجداً للرقبة ، أو قادراً على تحصيلها بوجود ثمنها ، فاضلاً عن نفقته ونفقة عياله وحاجته من مسكن ونحوه ، فعليه الإعتاق ، ولا يجوز أن ينتقل إلى الصوم ، فإن عجز عن تحصيلها فعليه صوم شهرين متتابعين ، فإن أفطر يوماً متعمداً في خلال الشهرين ، أو نسي النية ، أ أو نوى صوماً آخر ، وجب عليه استئناف الشهرين . وإن فصل يوماً بعذر مرض أو سفر ، فهل ينقطع التتابع ؟ اختلف أهل العلم فيه ، فمنهم من قال : ينقطع وعليه استئناف الشهرين ، وهو قول النخعي ، وأظهر قولي الشافعي رضي الله عنه ، لأنه أفطر مختاراً ، ومنهم من قال : لا ينقطع ، وعليه أن يبني ، وهو قول سعيد بن المسيب ، والحسن ، والشعبي ، ولو حاضت المرأة في خلال الشهرين وأفطرت أيام الحيض ، لا ينقطع التتابع ، فإذا طهرت بنت على ما أصابت ، لأنه أمر مكتوب على النساء لا يمكنهن الاحتراز عنه . فإن عجز عن الصوم ، فهل يخرج عنه بإطعام ستين مسكيناً ؟ فيه قولان : أحدهما : يخرج كما في كفارة الظهار . والثاني : لا يخرج لأن الشرع لم يذكر له بدلاً ، فقال : { فصيام شهرين متتابعين } .
قوله تعالى : { توبة من الله } أي : جعل الله ذلك توبة لقاتل الخطأ .
قوله تعالى : { وكان الله عليماً } . بمن قتل خطأ .
قوله تعالى : { حكيماً } . فيما حكم به عليكم . أما الكلام في بيان الدية ، فاعلم أن القتل على ثلاثة أنواع : عمد محض ، وشبه عمد ، وخطأ محض . أما المحض : فهو أن يقصد قتل إنسان بما يقصد به القتل غالباً فقتله ففيه القصاص عند وجود التكافؤ ، أو دية مغلظة في مال القاتل حالة . وشبه العمد : أن يقصد ضربه بما لا يموت مثله من مثل ذلك الضرب غالباً ، بأن ضربه بعصاً خفيفة ، أو حجر صغير ضربة أو ضربتين ، فمات فلا قصاص فيه ، بل يجب فيه دية مغلظة على عاقلته ، مؤجلة إلى ثلاث سنين . والخطأ المحض : هو أن لا يقصد قتله بل قصد شيئا آخر فأصابه فمات منه ، فلا قصاص فيه بل تجب دية مخففة على عاقلته ، مؤجلة إلى ثلاث سنين . وتجب الكفارة في ماله في الأنواع كلها ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه : قتل العمد لا يوجب الكفارة ، لأنه كبيرة كسائر الكبائر . ودية الحر المسلم مائة من الإبل ، فإذا عدمت الإبل وجبت قيمتها من الدراهم ، أو الدنانير في قول ، وفي قول : يجب بدل مقدر منها ، وهو ألف دينار ، أو اثنا عشر ألف درهم ، لما روي عن عمر رضي الله عنه : فرض الدية على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم . وذهب قوم إلى أن الواجب في الدية مائة من الإبل . أو ألف دينار ، أو اثنا عشر ألف درهم ، وهو قول عروة بن الزبير ، والحسن البصري رضي الله عنهما . وبه قال مالك ، وذهب قوم إلى أنها مائة من الإبل ، أو ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم ، وهو قول سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي . ودية المرأة نصف دية الرجل ، ودية أهل الذمة والعهد ثلث دية المسلم ، إن كان كتابياً ، وإن كان مجوسياً فخمس الدية . روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : دية اليهودي ، والنصراني أربعة آلاف درهم . ودية المجوسي ثمانمائة درهم . وهو قول سعيد بن المسيب والحسن ، وإليه ذهب الشافعي رضي الله عنه . وذهب قوم إلى أن دية الذمي والمعاهد مثل دية المسلم . روي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه وهو قول سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي . وقال قوم : دية الذمي نصف دية المسلم ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وبه قال مالك ، وأحمد ، رحمهما الله . والدية في العمد المحض ، وشبه العمد مغلظة بالسن ، فيجب ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وأربعون خلفة ، في بطونها أولادها ، وهو قول عمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت رضي الله عنهما . وبه قال عطاء ، وإليه ذهب الشافعي رضي الله عنه ، لما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، أنا أبو العباس الأصم أنا الربيع ، أنا الشافعي رضي الله عنه ، أنا ابن عيينة عن علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن ربيعة ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ألا إن في قتل العمد الخطأ بالسوط أو العصا مائة من الإبل مغلظة ، منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ) .
وذهب قوم إلى أن الدية المغلظة أرباع : خمس وعشرون بنت مخاض ، وخمس وعشرون بنت لبون ، وخمس وعشرون حقة ، وخمس وعشرون جذعة ، وهو قول الزهري ، وربيعة ، وبه قال مالك ، وأحمد ، وأصحاب الرأي . وأما دية الخطأ فمخففة ، وهي أخماس بالاتفاق ، غير أنهم اختلفوا في تقسيمها ، فذهب قوم إلى أنها عشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن لبون ، وعشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وسليمان بن يسار ، والزهري ، وربيعة ، وبه قال مالك والشافعي رحمهم الله . وأبدل قوم ، بني اللبون ببنات المخاض ، يروى ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وبه قال أحمد ، وأصحاب الرأي . ودية الأطراف على هذا التقدير . ودية المرأة فيها على النصف من دية الرجل ، والدية في قتل الخطأ وشبه العمد على العاقلة ، وهم عصبات القاتل من الذكور ، ولا يجب على الجاني منها شيء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجبها على العاقلة .
{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }
هذه الصيغة من صيغ الامتناع ، أي : يمتنع ويستحيل أن يصدر من مؤمن قتل مؤمن ، أي : متعمدا ، وفي هذا الإخبارُ بشدة تحريمه وأنه مناف للإيمان أشد منافاة ، وإنما يصدر ذلك إما من كافر ، أو من فاسق قد نقص إيمانه نقصا عظيما ، ويخشى عليه ما هو أكبر من ذلك ، فإن الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه الذي قد عقد الله بينه وبينه الأخوة الإيمانية التي من مقتضاها محبته وموالاته ، وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى ، وأي أذى أشد من القتل ؟ وهذا يصدقه قوله صلى الله عليه وسلم : " لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض "
فعلم أن القتل من الكفر العملي وأكبر الكبائر بعد الشرك بالله .
ولما كان قوله : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا } لفظا عاما لجميع الأحوال ، وأنه لا يصدر منه قتل أخيه بوجه من الوجوه ، استثنى تعالى قتل الخطأ فقال : { إِلَّا خَطَأً } فإن المخطئ الذي لا يقصد القتل غير آثم ، ولا مجترئ على محارم الله ، ولكنه لما كان قد فعل فعلاً شنيعًا وصورته كافية في قبحه وإن لم يقصده أمر تعالى بالكفارة والدية فقال :
{ وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً } سواء كان القاتل ذكرًا أو أنثى حرًّا أو عبدًا ، صغيرًا أو كبيرًا ، عاقلاً أو مجنونًا ، مسلمًا أو كافرًا ، كما يفيده لفظ " مَنْ " الدالة على العموم وهذا من أسرار الإتيان ب " مَنْ " في هذا الموضع ، فإن سياق الكلام يقتضي أن يقول : فإن قتله ، ولكن هذا لفظ لا يشمل ما تشمله " مَنْ " وسواء كان المقتول ذكرًا أو أنثى ، صغيرًا أو كبيرًا ، كما يفيده التنكير في سياق الشرط ، فإن على القاتل { تحرير رقبة مؤمنة } كفارة لذلك ، تكون في ماله ، ويشمل ذلك الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والصحيح والمعيب ، في قول بعض العلماء .
ولكن الحكمة تقتضي أن لا يجزئ عتق المعيب في الكفارة ؛ لأن المقصود بالعتق نفع العتيق ، وتمليكه منافع نفسه ، فإذا كان يضيع بعتقه ، وبقاؤه في الرق أنفع له فإنه لا يجزئ عتقه ، مع أن في قوله : { تحرير رقبة } ما يدل على ذلك ؛ فإن التحرير : تخليص من استحقت منافعه لغيره أن تكون له ، فإذا لم يكن فيه منافع لم يتصور وجود التحرير . فتأمل ذلك فإنه واضح .
وأما الدية فإنها تجب على عاقلة القاتل في الخطأ وشبه العمد . { مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ } جبرًا لقلوبهم ، والمراد بأهله هنا هم ورثته ، فإن الورثة يرثون ما ترك ، الميت ، فالدية داخلة فيما ترك وللدية تفاصيل كثيرة مذكورة في كتب الفقه .
وقوله : { إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } أي : يتصدق ورثة القتيل بالعفو عن الدية ، فإنها تسقط ، وفي ذلك حث لهم على العفو لأن الله سماها صدقة ، والصدقة مطلوبة في كل وقت . { فَإِنْ كَانَ } المقتول { مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ } أي : من كفار حربيين { وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } أي : وليس عليكم لأهله دية ، لعدم احترامهم في دمائهم وأموالهم .
{ وَإِنْ كَانَ } المقتول { مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } وذلك لاحترام أهله بما لهم من العهد والميثاق .
{ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ } الرقبة ولا ثمنها ، بأن كان معسرا بذلك ، ليس عنده ما يفضل عن مؤنته وحوائجه الأصلية شيء يفي بالرقبة ، { فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } أي : لا يفطر بينهما من غير عذر ، فإن أفطر لعذر فإن العذر لا يقطع التتابع ، كالمرض والحيض ونحوهما . وإن كان لغير عذر انقطع التتابع ووجب عليه استئناف الصوم .
{ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ } أي : هذه الكفارات التي أوجبها الله على القاتل توبة من الله على عباده ورحمة بهم ، وتكفير لما عساه أن يحصل منهم من تقصير وعدم احتراز ، كما هو واقع كثيرًا للقاتل خطأ .
{ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي : كامل العلم كامل الحكمة ، لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، في أي وقت كان وأي محل كان .
ولا يخرج عن حكمته من المخلوقات والشرائع شيء ، بل كل ما خلقه وشرعه فهو متضمن لغاية الحكمة ، ومن علمه وحكمته أن أوجب على القاتل كفارة مناسبة لما صدر منه ، فإنه تسبب لإعدام نفس محترمة ، وأخرجها من الوجود إلى العدم ، فناسب أن يعتق رقبة ويخرجها من رق العبودية للخلق إلى الحرية التامة ، فإن لم يجد هذه الرقبة صام شهرين متتابعين ، فأخرج نفسه من رق الشهوات واللذات الحسية القاطعة للعبد عن سعادته الأبدية إلى التعبد لله تعالى بتركها تقربا إلى الله .
ومدها تعالى بهذه المدة الكثيرة الشاقة في عددها ووجوب التتابع فيها ، ولم يشرع الإطعام في هذا الموضع لعدم المناسبة . بخلاف الظهار ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
ومن حكمته أن أوجب في القتل الدية ولو كان خطأ ، لتكون رادعة وكافة عن كثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك .
ومن حكمته أن وجبت على العاقلة في قتل الخطأ ، بإجماع العلماء ، لكون القاتل لم يذنب فيشق عليه أن يحمل هذه الدية الباهظة ، فناسب أن يقوم بذلك من بينه وبينهم المعاونة والمناصرة والمساعدة على تحصيل المصالح وكف المفاسد [ ولعل ذلك من أسباب منعهم لمن يعقلون عنه من القتل حذرًا من تحميلهم ]{[222]} ويخف عنهم{[223]} بسبب توزيعه عليهم بقدر أحوالهم وطاقتهم ، وخففت أيضا بتأجيلها عليهم ثلاث سنين .
ومن حكمته وعلمه أن جبر أهل القتيل عن مصيبتهم ، بالدية التي أوجبها على أولياء القاتل .
ذلك في علاقات المسلمين مع المعسكرات الأخرى . فأما في علاقات المسلمين بعضهم ببعض ، مهما اختلفت الديار - وفي ذلك الوقت كما في كل وقت كان هناك مسلمون في شتى الديار - فلا قتل ولا قتال . . لا قتل إلا في حد أو قصاص . . فإنه لا يوجد سبب يبلغ من ضخامته أن يفوق ما بين المسلم والمسلم من وشيجة العقيدة . ومن ثم لا يقتل المسلم المسلم أبدا . وقد ربطت بينهما هذه الرابطة الوثيقة . اللهم إلا أن يكون ذلك خطأ . . وللقتل الخطأ توضع التشريعات والأحكام . فأما القتل العمد فلا كفارة له . لأنه وراء الحسبان ! ووراء حدود الإسلام !
وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ . ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله - إلا أن يصدقوا - فإن كان من قوم عدو لكم - وهو مؤمن - فتحرير رقبة مؤمنة . وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة . فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين . توبة من الله . وكان الله عليما حكيمًا .
( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ، وغضب الله عليه ولعنه ، وأعد له عذابا عظيمًا ) . .
وهذه الأحكام تتناول أربع حالات : ثلاث منها من حالات القتل الخطأ - وهو الأمر المحتمل وقوعه بين المسلمين في دار واحدة - دار الإسلام - أو في ديار مختلفة بين شتى الأقوام - والحالة الرابعة حالة القتل العمد . وهي التي يستبعد السياق القرآني وقوعها ابتداء . فليس من شأنها أن تقع . إذ ليس في هذه الحياة الدنيا كلها ما يساوي دم مسلم يريقه مسلم عمدا . وليس في ملابسات هذه الحياة الدنيا كلها ما من شأنه أن يوهن من علاقة المسلم بالمسلم إلى حد أن يقتله عمدا . وهذه العلاقة التي أنشأها الإسلام بين المسلم والمسلم من المتانة والعمق والضخامة والغلاوة والإعزاز بحيث لا يفترض الإسلام أن تخدش هذا الخدش الخطير أبدا . . ومن ثم يبدأ حديثه عن أحكام القتل الخطأ :
( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) . .
فهذا هو الاحتمال الوحيد في الحس الإسلامي . . وهو الاحتمال الحقيقي في الواقع . . فإن وجود مسلم إلى جوار مسلم مسألة كبيرة . كبيرة جدا . ونعمة عظيمة . عظيمة جدا . ومن العسير تصور أن يقدم مسلم على إزالة هذه النعمة عن نفسه ؛ والإقدام على هذه الكبيرة عن عمد وقصد . . إن هذا العنصر . . المسلم . . عنصر عزيز في هذه الأرض . . وأشد الناس شعورا بإعزاز هذا العنصر هو المسلم مثله . . فمن العسير أن يقدم على إعدامه بقتله . . وهذا أمر يعرفه أصحابه . يعرفونه في نفوسهم ومشاعرهم . وقد علمهم الله إياه بهذه العقيدة . وبهذه الوشيجة . وبهذه القرابة التي تجمعهم في رسول الله [ ص ] ثم ترتقي فتجمعهم في الله سبحانه الذي ألف بين قلوبهم . ذلك التأليف الرباني العجيب .
فأما إذا وقع القتل خطأ فهناك تلك الحالات الثلاث ، التي يبين السياق أحكامها هنا :
الحالة الأولى : أن يقع القتل على مؤمن أهله مؤمنون في دار الإسلام . ويجب في هذه الحالة تحرير رقبة مؤمنة ، ودية تسلم إلى أهله . . فأما تحرير الرقبة المؤمنة ، فهو تعويض للمجتمع المسلم عن قتل نفس مؤمنة باستحياء نفس مؤمنة . وكذلك هو تحرير الرقاب في حس الإسلام . وأما الدية فتسكين لثائرة النفوس ، وشراء لخواطر المفجوعين ، وتعويض لهم عن بعض ما فقدوا من نفع المقتول . . ومع هذا يلوح الإسلام لأهل القتيل بالعفو -إذا اطمأنت نفوسهم إليه - لأنه أقرب إلى جو التعاطف والتسامح في المجتمع المسلم .
ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ، ودية مسلمة إلى أهله - إلا أن يصدقوا . .
والحالة الثانية : أن يقع القتل على مؤمن وأهله محاربون للإسلام في دار الحرب . . وفي هذه الحالة يجب تحرير رقبة مؤمنة لتعويض النفس المؤمنة التي قتلت ، وفقدها الإسلام . ولكن لا يجوز أداء دية لقومه المحاربين ، يستعينون بها على قتال المسلمين ! ولا مكان هنا لاسترضاء أهل القتيل وكسب مودتهم ، فهم محاربون ، وهم عدو للمسلمين .
والحالة الثانية : أن يقع القتل على مؤمن قومه معاهدون - عهد هدنة أو عهد ذمة - ولم ينص على كون المقتول مؤمنا في هذه الحالة . مما جعل بعض المفسرين والفقهاء يرى النص على إطلاقه . ويرى الحكم بتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله - المعاهدين - ولو لم يكن مؤمنا . لأن عهدهم مع المؤمنين يجعل دماءهم مصونة كدماء المسلمين .
ولكن الذي يظهر لنا أن الكلام ابتداء منصب على قتل المؤمن . ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ) . . ثم بيان للحالات المتنوعة التي يكون فيها القتيل مؤمنا . وإذا كان قد نص في الحالة الثانية فقال : إن كان من قوم عدو لكم - وهو مؤمن فقد كان هذا الاحتراز مرة أخرى بسبب ملابسة أنه من قوم عدو . ويؤيد هذا الفهم النص على تحرير رقبة مؤمنة في هذه الحالة الثالثة . مما يوحي بأن القتيل مؤمن فأعتقت رقبة مؤمنة تعويضا عنه . وإلا لكفى عتق رقبة إطلاقا دون شرط الإيمان . .
وقد ورد أن النبى [ ص ] ودى بعض القتلى من المعاهدين : ولكن لم يرد عتق رقاب مؤمنة بعددهم . مما يدل على أن الواجب في هذه الحالة هو الدية . وأن هذا ثبت بعمل رسول الله [ ص ] لا بهذه الآية . وأن الحالات التي تتناولها هذه الآية كلها هي حالات وقوع القتل على مؤمن . سواء كان من قوم مؤمنين في دار الإسلام ، أو من قوم محاربين عدو للمسلمين في دار الحرب ، أو من قوم بينهم وبين المسلمين ميثاق . . ميثاق هدنة أو ذمة . . وهذا هو الأظهر في السياق .
قال جمهور المفسرين : معنى هذه الآية : وما كان في إذن الله وفي أمره للمؤمن أن يقتل مؤمناً بوجه ، ثم استثنى منقطعاً ليس من الأول ، وهو الذي تكون فيه إلا بمعنى لكن ، والتقدير لكن الخطأ قد يقع .
وهذا كقول الشاعر [ الهذلي ] : [ البسيط ]
أَمْسى سَقَامُ خَلاءً لاَ أَنيسَ بِهِ *** إلاّ السِّباعُ وإلاَّ الرّيحُ بِالغُرَفِ{[4188]}
قال القاضي أبو محمد : سقام اسم واد ، والغرف شجر يدبغ بلحائه ، وكما قال جرير : [ الطويل ]
مِنَ البِيضِ لَمْ تَطُغَنْ بَعيداً وَلَمْ تَطَأْ . . . على الأرْضِ إلاّ ريطَ بُرْدٍ مُرَحَّلِ{[4189]}
وفي هذا الشاهد نظر ، ويتجه في معنى الآية وجه آخر ، وهو أن تقدر { كان } بمعنى استقر ووجد ، كأنه قال ، وما وجد ولا تقرر ولا ساغ { لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأً } ، إذ هو مغلوب فيه أحياناً ، فيجيء يا فلان أن تتكلم بهذا إلا ناسياً ، إعظاماً العمد وبشاعة شأنه ، كما تقول : ما كان لك مقصوراً غير مهموز{[4190]} ، وقرأ الحسن والأعمش مهموزاً ممدوداً{[4191]} ، وقال مجاهد وعكرمة والسدي وغيرهم نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة المخزومي حين قتل الحارث بن يزيد بن نبيشة{[4192]} ، وذلك أنه كان يعذبه بمكة ، ثم أسلم الحارث وجاء مهاجراً فلقيه عياش بالحرة ، فظنه على كفره فقتله ، ثم جاء فأخبر النبي عليه السلام فشق ذلك عليه ونزلت الآية ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قم فحرر »{[4193]} .
وقال أبو زيد : نزلت في رجل قتله أبو الدرداء كان يرعى غنماً وهو يتشهد فقتله وساق غنمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزلت الآية{[4194]} .
وقيل : نزلت في أبي حذيفة اليمان حين قتل خطأ يوم أحد ، وقيل غير هذا ، والله أعلم وقوله تعالى : { ومن قتل مؤمناً } الآية ، بيّن الله تعالى في هذه الآية حكم المؤمن إذا قتل المؤمن خطأ ، وحقيقة الخطأ أن لا يقصده بالقتل ، ووجوه الخطأ كثيرة لا تحصى ، يربطها عدم القصد ، قال ابن عباس والحسن والشعبي والنخعي وقتادة وغيرهم : «الرقبة المؤمنة » هي الكبيرة التي قد صلت وعقلت الإيمان ، ولا يجزىء في ذلك الصغير ، وقال عطاء بن أبي رباح : يجزىء الصغير المولود بين المسلمين ، وقالت جماعة منهم مالك بن أنس : يجزىء كل من يحكم له بحكم الإسلام في الصلاة عليه إن مات ودفنه ، قال مالك : ومن صلى وصام أحب إليّ ، وأجمع أهل العلم على أن الناقص النقصان الكثير كقطع اليدين أو الرجلين أو الأعمى لا يجزىء فيما حفظت ، فإن كان النقصان يسيراً تتفق له معه المعيشة والتحرف ، كالعرج ونحوه ففيه قولان ، و { مسلمة } معناه مؤادة مدفوعة ، وهي على العاقلة فيما جاز ثلث الدية ، و { إلا أن يصدقوا } يريد أولياء القتيل ، وقرأ أبي بن كعب «يتصدقوا » وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن وعبد الوارث عن أبي عمرو «تصدقوا » بالتاء على المخاطبة للحاضر ، وقرأ نبيح العنزي{[4195]} «تصدقوا » بالتاء وتخفيف الصاد ، و«الدية » مائة من الإبل على أهل الإبل عند قوم ، وعند آخرين على الناس كلهم ، إلا أن لا يجد الإبل أهل الذهب والفضة ، فحينئذ ينتقلون إلى الذهب والفضة ، يعطون منها قيمة الإبل في وقت النازلة بالغة ما بلغت ، واختلف في المائة من الإبل ، فقال علي بن أبي طالب : هي مربعة ، ثلاثون حقة ، وثلاثون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون{[4196]} ، وقال عبد الله بن مسعود : مخمسة ، عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون ابن لبون ذكراً ، ولبعض الفقهاء غير هذا الترتيب ، وعمر بن الخطاب وغيره يرى الدية من البقر مائتي بقرة . ومن الغنم ألفي شاة ، ومن الحلل مائة حلة ، وورد بذلك حديث عن النبي عليه السلام في مصنف أبي داود{[4197]} ، والحلة ثوبان من نوع واحد في كلام العرب ، وكانت في ذلك الزمن صفة تقاوم المائة من الإبل ، فمضى القول على ذلك ، وأما الذهب فهي ألف دينار ، قررها عمر ومشى الناس عليها ، وأما الفضة فقررها عمر اثني عشر ألفاً ، وبه قال مالك ، وجماعة تقول : عشرة آلاف درهم . وقوله تعالى : { فإن كان من قوم عدو لكم } الآية . المعنى عند ابن عباس وقتادة والسدي وإبراهيم وعكرمة وغيرهم ، فإن كان هذا المقتول خطأ رجلاً مؤمناً ، قد آمن وبقي في قومه وهم كفرة عدو لكم ، فلا دية فيه ، وإنما كفارته تحرير الرقبة ، والسبب عندهم في نزولها أن جيوش رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تمر بقبائل الكفار فربما قتل من قد آمن ولم يهاجر ، أو من قد هاجر ثم رجع إلى قومه ، فيقتل في حملات الحرب على أنه من الكفار ، فنزلت الآية ، وتسقط الدية عند قائلي هذه المقالة لوجهين ، أولهما أن أولياء القتيل كفار فلا يصح أن تدفع الدية إليهم يتقوون بها ، والآخر أن حرمة هذا الذي آمن ولم يهاجر قليلة ، فلا دية فيه ، واحتجوا بقوله تعالى : { والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا }{[4198]} وقالت فرقة : بل الوجه في سقوط الدية أن الأولياء كفار فقط ، فسواء كان القتيل خطأ بين أظهر المسلمين أو بين قومه ، لم يهاجر أو هاجر ثم رجع إلى قومه ، كفارته التحرير ولا دية فيه ، لأنه لا يصح دفعها إلى الكفار .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وقائل المقالة الأولى يقول : إن قتل المؤمن في بلد المسلمين وقومه حرب ففيه الدية لبيت المال والكفارة ، وقوله تعالى : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } المعنى عند الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم وغيرهم وإن كان هذا المقتول خطأ مؤمناً من قوم معاهدين لكم ، فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم ، فكفارته التحرير وأداء الدية ، وقرأ الحسن «وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن » وقال ابن عباس والشعبي وإبراهيم أيضاً .
المقتول من أهل العهد خطأ لا يبالى كان مؤمناً أو كافراً على عهد قومه فيه الدية كدية المسلم والتحرير ، واختلف على هذا في دية المعاهد ، فقال أبو حنيفة وغيره : ديته كدية المسلم ، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وقال مالك وأصحابه : ديته على نصف دية المسلم ، وقال الشافعي وأبو ثور : ديته على ثلث دية المسلم ، وقوله تعالى : { فمن لم يجد } الآية يريد عند الجمهور فمن لم يجد العتق ولا اتسع ماله له فيجزيه «صيام شهرين » متتابعين في الأيام لا يتخللها فطر{[4199]} ، وقال مكي عن الشعبي : «صيام الشهرين » يجزىء عن الدية والعتق لمن لم يجدها ، وهذا القول وهم{[4200]} ، لأن الدية إنما هي على العاقلة وليست على القاتل ، والطبري حكى القول عن مسروق ، و { توبة } نصب على المصدر معناه رجوعاً بكم إلى التيسير والتسهيل .