تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـٔٗاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَـٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (92)

الآية 92

وقوله تعالى : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } اختلف فيه : عن ابن عباس رضي الله عنه ( أنه ){[6186]} قال : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } أي لا ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمنا بغير حق عمدا إلا خطأ في ما يملكه ) . وقيل : إلا بوضع الواو ؛ كأنه قال : وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا متعمدا وإلا خطأ ، وذلك جائز في اللغة . وقيل : وما كان ينبغي لمؤمن أن يترك قتله إذ قتل آخر عمدا إلا خطأ ، فإنه يترك قتله ، ولا يقتل به ، وهو قول أبي بكر الكساني . وقيل : وما كان ينبعي لمؤمن أن ينزل حكم قتله إلا خطأ . قال أبو بكر الكساني : ( حكم القتل ما ذكرنا من القصاص والقود أو كلام نحو هذا ) .

ويحتمل قوله تعالى : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } قط بعد ما سبق من الله بيانه في{[6187]} غير آية من القرآن نحو قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص } ( البقرة : 178 ) ، وهو قوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } ( المائدة : 45 ) وقوله تعالى : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } ( الإسراء : 33 ) وغيرهما{[6188]} من الآيات{ إلا خطئا } . فإنه لم يسبق منه الحكم فيه إلا في هذه الآية .

وقيل : ليس لمؤمن أن يقتل مؤمنا على كل حال إلا أن يقتله مخطئا . فعليه ما في القرآن ، وهو قريبا مما ذكرنا عند الخطإ عندنا على وجهين : خطإ قصد وخطإ دين . فخطأ القصد هو أن يقصد أحدا{[6189]} ، فيصيب غيره ، وخطأ الذين هو أن يعرفه مشركا{[6190]} كافرا من قبل{[6191]} حلال الدم ، فيقتله على ما عرفه من قبل ، وهو للحال مسلم .

فإن قيل : كيف لزمه في قتل الخطأ ما لزمه من الكفارة ، وقد أخبر الله عز وجل أن لا مؤاخذة له ، وأن لا حرج عليه في ذلك بقوله : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلبوكم } ( البقرة : 225 ) وقال في آية أخرى : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } ( الأحزاب : 5 ) وغيرها من الآيات ؟ قيل : إن الفعل ( في الأول ){[6192]} فعل مأثم ، وإن كان يوجد منه القصد فيه ، فما أوجب إنما أوجب لما الفعل فعل مأثم ، وفي{[6193]} الثاني يجوز أن يكون الله يكلفنا بترك القتل ، والفعل في حال السهو والغفلة .

ألا ترى أنه قال : { لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ( البقرة : 286 ) والخطأ ينقض {[6194]} الصواب ، فلا يجوز أن يؤمر بطلب الصواب ، ولا ينهي عن إتيان ضده كقوله تعالى : { ولا تنس نصيبك من الدنيا } ؟ ( القصص : 77 ) .

ثم اختلف في المعنى الذي أوجب عليه رقبة مؤمنة ( بوجهين :

أحدها : ){[6195]} قيل : لأنه أتلف نفسا خلقها الله لعبادته ، فأوجب مكانها نفسا مؤمنة لتعبد الله على ما عبدت تلك . لكن التأويل لو كان هذا لكان يجب في العمد ما وجب في الخطأ لأنه وجد ذلك المعنى . لكن أوجب لا لذلك المعنى ، ولكن تغليظا وتشديدا عليه لما أتلف نفسا محظورا ( قتلها ){[6196]} لم يؤذن له في ذلك لئلا يقدم على مثله . ولله أن يوجب على من شاء بما شاء لما شاء من غير أن يقال : لم ؟ و : كيف ؟ و : أين ؟ .

والثاني : أوجب عليه رقبة مؤمنة لأنه أبقى له نفسا مؤمنة . فعلى ما أبقى له نفسا أوجب عليه مثلها رقبة مؤمنة .

وفي قوله تعالى أيضا : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } اختلف في تأويله : { وما كان لمؤمن } فمنهم من يقول بإضمار { وما كان } بمتروك{ لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } يخرج معنى : بمتروك على وجهين :

أحدهما : ما قاله أبو بكر ( الملقب بالأصم ) {[6197]} : أي بمتروك في القصاص إلا أن يقتله خطأ . لكن هذا يوجب منع العفو لما به الترك . ومعلوم أنه أمر رغب فيه حتى دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي القتيل إلى العفو ، ثم إلى أخذ الدية . ثم لما أبت نفسه عند ذلك أذن له في الاقتصاص . ويدل على ذلك قوله تعالى : { فمن عفى عنه } الآية ( البقرة : 178 ) وقوله تعالى : { وكتبنا عليهم فيها } إلى قوله تعالى : { فمن تصدق به فهو كفارة له } الآية ( المائدة : 45 ) إلا أن يرجع في قوله : بمتروك إلى الوجوب ؛ أي لا يرفع عنه إيجاب القصاص إلا إن {[6198]} قتل مؤمنا خطأ . فإنه ليس عليه القصاص .

والثاني : أنه ما كان بمتروك به من التأديب والتوبيخ والتعيير بسوء صنيعه بأخيه وتعديه حد الله ومعونة ولي القتيل إذ قال : { من قتل نفسا بعير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا } ( المائدة : 32 ) فحق ذلك على الناس أن يظهروا له بالتكبر عليه ، ويقوموا بالنصر لوليه ، والله أعلم ، إلا أن يكون خطأ فلا يتلقونه بشيء مما ذكرت ، بل يقومون بالشفاعة له والمعونة في احتمال ما لزمه . ولذلك جعل ، والله أعلم ، أمر الفعل على ما به من إبقاء الإلفة ودفع الضغينة واجتماع التألم في المصيبة .

ومنهم من يقول في تأويله الآية : { وما كان لمؤمن } أي حرام عليه ذلك الفعل بما حرم الله وبما بينهما من الأخوة في الدين وبما هو شفيعه وجنسه يتألم بما يتألم به الآخر ، ويتأذى الآخر ، والنفس عن مثله تنتهي ، والطبع ينفر ، فما كان به بعد هذا أن يقتل .

وقوله تعالى : { إلا خطئا } قيل فيه بوجوه :

أحدها{[6199]} : أن يقع ذلك منه على الخطإ ، فيكون على ما لا تلحقه اللائمة التي ذكرنا ولا وصف التعدي الذي وصفنا .

والثاني : أن يكون الأمر في موضع الابتداء لما بين له من الحكم بمعنى : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا } البتة . لكن من { قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة } كقوله تعالى : { لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما } ( مريم : 62 ) بمعنى لا يسمعون فيها لغو البتة ، لكن الذي يسمعون يسمعون سلاما .

والثالث{[6200]} : { وما كان المؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } إلا أن ( لا ){[6201]} يعلمه أنه مؤمن ، وكان عرفه كافرا ، له قتله{[6202]} بما روي من الإذن في البيان وقتل عيون الكفرة بما سبق من ظهور كفرهم ، وإن احتمل إيمانهم في ما بين الوقتين ، فيكون بمعنى : حرام عليهم إلا من هذا وصفه .

والرابع{[6203]} : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } أي ليس لمؤمن ذلك قط إلا أن يقتل خطأ ؛ فإنه ليس في من يقال : /107-ب/ كان له أولا لما يقع به إلا أن يفعله هو في التحقيق ؛ إذ حقيقة الفعل أن يقع بإرادة ، ويخرج عليها ، وهذا لا يقع بها ، ولا يخرج عليها .

وقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة } فلم يذكر في القاتل أنه مؤمن عند ذكر قتله . لكنه رجع إليه بوجهين :

أحدهما : أن الآية في بيان قتل يكون من المؤمن . وعليها جرى تفسير الحكم عند الوقوع .

والثاني : قوله تعالى : { توبة من الله } والتوبة بالتحرير تكون للمؤمن لا غيره ، والله أعلم . على أنه حق الشرع من العبادات ، فلا يحتمل قصد الكافر به . وأيد بذلك المذكور من الصيام ، وهو لا يقول إلا بالإيمان .

ثم جعل الإيمان شرطا من حيث الذكر ، وتأكده بأوجه ثلاثة :

أحدها : يالتأكيد : يذكر كل قتيل على اختلاف أصل {[6204]} القتل . وفي ذلك دليل أن ذلك ذبك جعل عليه( فكان أمرا ){[6205]} يدخل على دينه مما عليه ما الحق أن يحفظ حرمته . وبحرمته بنفي ما ذكر ؛ إذ حرم دينه عليه ( القتل ){[6206]} ، فيصير في قتله مصيبا ، وألزم ما ذكرت في كل أنواع القتل {[6207]} لرجوع أمر ذلك كله إلى تضييع من حق دينه . ولذلك قال{[6208]} : { توبة من الله } وذلك يخرج من وجهين :

أحدهما : أن تحقق معنى التوبة في فعل الله . وذلك يخرج على وجهين :

أحدهما : على ما تجاوز منه إذ لم يأخذه بالخطإ ، فيكون بحق جعل ذلك شكرا من العبد بما لم يؤاخذه بالخطأ ، فيكون معنى التوبة منه أنه لم يؤاخذه بالخطأ ، لا أن ( في الإعتاق ذلك ){[6209]} والإعتاق للشكر له في ما لم يكن آخذه . ويجوز أن يؤاخذه لما بالجهد في التحفظ يؤمن ذلك . فلما لم يكلفه ، وتجاوز عنه ، كان على الخطأ يأمر بالشكر لذلك .

والثاني{[6210]} : قبولا منه ذلك في حق التوبة عن غير القتل من الزلات ، فيكون في قيام بما أمره يوجه في حكمة العفو عن مثله ، يجعل ذلك من العبد مقبولا بحق التوبة من الزلات ، ونسبت إلى التوبة منه إذا كانت على التوفيق لفعله إلى ذلك تسمية الله ثوابا على التوفيق أو التجاوز ، والله أعلم .

والثاني{[6211]} : يرجع إلى فعل العبد ، فتكون{ توبة من الله } على عبده ؛ والقاتل بأن يتوب بإعتاق رقبة مؤمنة . وذلك يخرج على وجهين :

أحدهما : أن يكون الفعل فعل مأثم ، والله تعالى مؤاخذه{[6212]} عليه ؛ لأنه بالجهد إيفاء ذلك . ولذلك تعبد بقوله : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ( البقرة : 286 ) . وإذا كان كذلك فيكون ذلك منه توبة إلى الله ليحفظ عن مثله في الدين .

والثاني{[6213]} : أن يكون عليه حفظ دينه عما يقع فيه من التضييع الذي يبلى ( به ){[6214]} بإنساء الشيطان ، أو ( أن ){[6215]} يفرط غفلة ، أو نحو ذلك ، فيلزم حين {[6216]} ذلك بما ذكر ، وإن لم يعلم ؛ إذ قد يجوز وقوع النقصان في ذي الحرمات من وجه ، لا إثم يلحق ، نحو المذكور في المنادى .

وفي أمر السهو في ذلك ، فيؤمر به ليجيز{[6217]} ذلك ، وذلك نحو ما قد يفسد بأمور من وجه لا يعلم به . فكذلك أمر النقصان ، فيؤمر بالتوبة إلى الله عز وجل عن ذلك بما يمتحن الله به من الأمور ، والله أعلم ، مع ما قد يتصل بالقتل ما له في حكم الخطأ ؛ يأثم المرء عليه ، ويخرج . فجائز أن يرجع حرف التوبة من الله إلى ذلك ، وهو سمي خطأ العمد .

والثاني{[6218]} : مما يدل على جعل الإيمان شرطا أنه جعل لما وقع في حق الدين من التضييع إذا تعلقت الحرمة بالدين من الوجه الذي بينا ، ولا فرق بين عبادة يشار إليها ، يقع فيها تضييع في حد منها ، يبرم تلك بكفارة ، وبين جملة من العبادات يعتقدها الإنسان ، وضم{[6219]} الوفاء بما يقع في حد منها تضييع أو مقدار أحدها من الفرض لا يعلمه إلا من يعلم حد التضييع من الأصل ، ولا يعلم حده غير{[6220]} الذي جعل الحدود ، فيكون في ذلك بيان المبرم ، وبدونه لعله لا ينجز ، فألزم بالاحتياط ، ذلك أمر الحدود للإحرام .

والثالث {[6221]} : متفق القول على موقع الشرط أنه بحق اللزوم ؛ وعلى ذلك شرط في التتابع في الصيام له هذا المعنى والأول جميعا . وعلى هذا الاتفاق جعل قوم أمر هذا أصلا لغيره من الكفارات . ونحن لا نجعلها لوجهين :

أحدهما : لما{[6222]} لم يجعل ذكر التتابع ( في هذا أصلا لكل ما لم يذكر فيه التتابع ){[6223]} .

والثاني : لما بينا من محل كل من أصل ذلك أنه إنما يعمل من علم ما حدوا من الأصل .

ومعلوم الاختلاف في الكل . لذلك لم يجب هذا . لكن يطلق المطلق ويقيد المقيد بالذكر ، وأيد أن الله تعالى قد ذكر في كل وقت ، ولو كان بالذي يحتمل درك الحد بالتدبير لكان ترك الذكر في ذلك لإفهام الحكم في نوع المذكور اقرب منه في غير نوعه ، فبين ، والله أعلم ، لوجهين :

أحدهما : للتنبيه على لزوم في هذا إلى الذكر .

والثاني : للتنبيه أنه لم يجعل لمكان القتيل ، لكن لما وقع في الدين من التضييع .

وجائز أن يكون شرط الإيمان بما سبق في تضييع حد من الحدود الذي اقتضى إيجابه عليه الإيمان ، فأمر بإعتاق من يسلم له الرقبة لحفظ ما ألزمه حق الإيمان من الشغل عنه بحق الرق فيه لغيره .

ويجوز أن يكون إنما أبقيت به نفسه ، وهي مؤمنة ، فأمر أن يشكر الله تعالى بإبقاء نفس مؤمنة ، إذ بالعتق إحياء . وعلى ما ذكر من اختلاف الحدود ، وما له حدود ، وفي حق الشرع لم يقس الطعام على الصايم عند العجز عنه على ما قضى به في حق الظهار والفطر مع ما في الظهار حق لما لم يكن التأخير إلى القدرة عليه أو ملك الرقبة ، وليس ههنا .

وأمر الفطر هو في بعض صيام قد جعل لأصله من الطعام عوضا ، عرف حده بقوله تعالى : { وعلى الذين يطيقونه } الآية ( البقرة : 184 ) . فعلى ذلك أمر عوض التعدي فيه . وليس في أمر القتل ذلك ، ودلت الآية بذكر الإيمان على أن له حدا يعرف موقعه . ثم الذي تبين فيها أنه التصديق خاصة ما جمع بين المؤمن الذي يحتمل أن يكون منه سائر الشرائع والذي لا يحتمل سوى نفس الإيمان ، وهو المؤمن الذي من قوم عدو لنا ؛ إذ قد يؤمن من في دار الحرب بما في العقل دليله ، ولا يعلم به غيره من العبادات التي لها حق الشرائع .

وقد يجوز أن يكون في الإبلاغ في وصف ما يكفر به إبلاغ في التحذير عن الغفلة التي لديها خوف وقوع ما ذكرت من تضييع حق ألزمه دينه : ( ألزم التعوذ ){[6224]} كل واحد منهم الكفارة على التمام لما انفرد كل بما لزمه من الحق بدينه في التضييع . وعلى هذا قولهم في المحرمين يقتلون الصيد : إن كل واحد منهم جنى على إحرامه الذي لم يتصل إحرامه بإجرام غيره .

على أن النفس إذ هي لا تحتمل ( التجزئة لم تجز ) {[6225]} المجعول لها . وعلى هذا أمر القصاص . والدية لم تجب في الحقيقة للنفس ؛ إذ هي تجب لما دونها في ما تحتمل التجزئة{[6226]} أكثر مما يجب للنفس . وإذا بلغت النفس ، فسقط بعض ما له منها حكم الوجوب . ولما هي ترجع إلى غير المجاني . ومحال أخذ الكل ممن يرجع إليه بالكل بما يكون في طلب التخفيف الإجحاف وإهلاك الخلق ، ولما كان حق النفس من حيث القتل في المال يختلف ، ومن حيث القصاص والكفارة ، لا يثبت أن المرجع في هذين إلى أحوال في نفس القائلين في{[6227]} دين يضيع حق أو امتناع عن احتمال التجزئة {[6228]} أو إحياء أريد بالموضوع ، ولو لم تجعل في الجماعات لذهبت {[6229]} فائدة الإحياء }إذ الوجود ( بالإحياء غيره ){[6230]} ، فيبطل الإحياء في أبلغ أحوال الحاجة إليه .

ثم إذا رجع أمر الكفارة إلى من تولى قتله ، وقد سبق عليه أمر الدية كقوله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة } بمعنى : عليه تحرير ما ذكر ، أو قد أوجب عليه .

وعلى ذلك جميع ما في القرآن من الأمر على إثر الأسباب .

ثم نسق ذلك /108-أ/ بقوله : { ودية مسلمة إلى أهله } فحقها أن تكون عليه . والخبر الوارد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الفعل الذي توارثته الأمة إلى يومنا هذا بل الأمم حتى كان قد ظهر عن ( أمم الرسل ){[6231]} السالفة بحق التواتر في المؤمنين ثم المنكرين{[6232]} لهم . فكان ذلك بحق التعاون . ولذلك قال أصحابنا ، رحمهم الله تعالى ، في الذين لا عاقلة لهم : تجب الدية في أموالهم . وعلى ذلك في ما يظهر بأقاويلهم دون البينات ، وهو الحق : إذ في ما يجب فيه القصاص ، أنفسهم تتلف . فعلى ذلك دية .

والأصل في ذلك أن معنى القصاص معقول أيد الذي ذكر الله تعالى في القرآن من قوله : { ولكم في القصاص حياة } ( البقرة : 179 ) فلا معنى لصرف ذلك إلى غير المتولي لما يذهب الحياة . وجائز شرع ذلك بحق الفعل لينجز الناس به ، ولتسلم لهم الحياة التي هي ألذ الأشياء ؛ إذ بها تعرف اللذات كلها ، وذلاك المعنى ليس نفس القتيل أحق من غيره من أن يجعل القصاص لحقه ، بل الأولى أن يجعل لا محالة للورع مع ما كان معلوما أن نفس القتيل لا تنتفع ، بل إنما نفعها في أن يتقى لخوف القصاص .

فمن يروم قتله أشفق{[6233]} على نفسه ، وليس ذلك في أمر الدية بشيء ، وإنما توجب بعد الوفاة ، ولم تجب من وجه تتولد منه الغضاضة والعداوة التي لديها سفك الدماء على حق تخصيص الدماء لما هي تجب بالخطأ من وجه يعلم عذر من منه ذلك . لكن الله تعالى بفضله بما جعل بالمتصلين معونة في حياته وشرفا في كقرة الأقوام ونباهة في الدنيا مع ما يقع بها التناصر والتدافع الذي بمثله الدوام والقوام ، فتعظم في مثله مصيبة الفعل{[6234]} والخاصة من وجه لعله يسبق إليهم الأفعال في التلبيس على أهله بالخطأ .

وأن ذلك ليس بحق ، فيخاف وقوع الشر بينهم والعداوة التي تولد الفساد . فجعل الله تعالى بمنه وفضله لهم ما تطيب بمثله أنفسهم ، وتسكن : المعنى الذي يخاف من حدوث الشر بينهم مع ما له{[6235]} جميع ما للخلق له ابتداء المحنة بما ذكر بلا سبب يسبق ؛ فهو السبب أحق . وإذا جعل بهذا من الوجه الذي له حق الابتداء ، فله وضع ذلك في أحوالهم من ( يأنف نفس القتل ){[6236]} لهم ما ذكرت من المنافع على ما جعل في ذلك ، وإن لم يرجع منفعة الواجب في ذلك إلى القتيل بما لا يعلم أنه يقتل ليجعل ذلك لوجه يتزوده{[6237]} لمعاده ، وإن حرم ذلك في دنياه ، فيصير المجعول في ذلك في من لهم وعليهم بالذي ذكرت من دفع الفساد والقيام بحق الإحسان .

ثم الأصل في إتلاف الأموال أن منافعها عند القيام ومضارها {[6238]} عند الإتلاف ترجع إلى أربابها خاصة . والأنفس يرجع مالها في ذلك إلى العشائر والمتصلين . فعلى ذلك المجعول فيها مع ما كانت الأموال تملك ، فيصير من ضمنه كأنه اشتراه ؛ وكل مشتري بالتسليم إليه الخروج منه ، فلا يحتمل أن يضمن من لم تكن منه الجناية لما يسقط لم ضمن بعقد التسليم ، ولا على أمر جنايات الأنفس . فجاز في حق الشرع الموضوع على غير من يتولى ؛ إذ على غير التسليم إلى أحد يستوجب بدله .

ثم وقوع الخطأ يكون من( وجوه :

أحدها ){[6239]} : من جهة دينه نحو( ظنه الرجل ) {[6240]} كافرا بما كان عرفه كذلك أو بما عليه سيماء الكفرة .

( والثاني : من ){[6241]} جهة نفسه في أن يرمي غيره ، فيصيبه ، والحكم( من وجهي الخطأ واحد ){[6242]} .

( والثالث : هو ) {[6243]} الذي لم يقتضه حق هذه الآية ، وهو عند الضرب قد يقع ذلك في ما أخطأ ( في ){[6244]} الدين أو في ما تعمد أو( في ){[6245]} النفس جميعا .

وقوله تعالى : { فدية مسلمة إلى أهله } لم يبين من أهله ؟ وقال تعالى في موضع آخر : { ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } ( الإسراء : 33 ) ولم يبين من وليه ؟ فكان الأهل والولي هم ورثته على ما جاء في الخبر أنه ورث امرأة أشيم من دية زوجها ، وإن كانت الدية لأهل العصبة منهم من قبل ، ولأن هذه الدية إنما وجبت لمكان ما لمن من المنافع من القتيل في حال حياته . فإذا قتل ، فذهبت منافعه عنهم ، أوجب ذلك لهم لأنهم هم المنتفعون في حياته دون غيرهم .

وقيل : إن القتل يوجب الضغائن في ما بين أولياء القتيل وأولياء القاتل ، فيحمل ذلك على الفساد والإهلاك . فإذن وجبت هذه الدية لتطييب أنفسهم بذلك ، ولا يحمل {[6246]} ذلك على الضغائن والحقد .

وقيل : أوجبت هذه الدية لئلا يدعي ( القاتل ){[6247]} الخطأ ، فيسقط القصاص عن نفسه بدعوى الخطأ ؛ فأوجبت الدية لما {[6248]} إذا ادعى الخطأ أخذ بالدية . وقد ذكرنا أن الخطأ على ( وجوه :

أحدها ){[6249]} أن يقصد شيئا {[6250]} ، فيصيب إنسانا ؛ هو خطأ لأنه أصاب غير الذي قصده بالضربة .

والثاني : خطأ الدين ، وهو ( ظنه الرجل ){[6251]} كافرا ، فقتله على ذلك قصدا له ، فهو خطأ .

والثالث {[6252]} : وهو أن يضرب الرجل قاصدا لذلك بغير حديدة .

فإن كان الذي ضربه ( به ){[6253]} حجرا صغيرا فحكمه حكم الخطأ ، وإذا كان حجرا كبيرا ، مثله يقتل أو عصا عظيمة ، فإن أصحابنا ، رحمهم الله تعالى ، اختلفوا في ذلك :

قال أبو رضي الله عنه : ( لا قود في ذلك ، وعلى ما قتله الدية مغلطة ) . وقال محمد ، رحمه الله : ( يقتل به إذا كان ما {[6254]} مثله لا ينجي ) . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يبين أن العمد ما كان بحديد ، فهو حجة لأبي حنيفة رضي الله عنه في الحجر العظيم ، ودليل على أن القصد بالضرب قد يكون خطأ . وروي عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه ){[6255]} قال : " كل شيء خطأ إلا الحديد والسيف " ( البيهقي في السنن الكبرى 8/42 ) . وسنذكر هذه المسألة في باب شبه العمد{[6256]} ، إن شاء الله تعالى .

ثم أجمع أهل العلم على أن الرقبة على القاتل لا على العاقلة . وأما الدية فلم يذكر على من تجب ؟ فقال أكثر السلف : الدية أيضا على العاقلة ، وعلى ذلك تواترت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض الناس : الدية أيضا على القاتل كالرقبة . فيقال له : إن الصيام بدل على الدية أو عن العتق ؛ قيل له ؛ فذلك يدل على أن الذي يجب على القاتل هو العتق الذي إن لم يجده صام مكانه ، ويدل على أن الدية ليست عليه . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل الدية على العاقل .

عن مقسم عن ابن عباس . رضي الله عنه ( أنه ){[6257]} قال : كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار : أن يعقلوا معاقلهم ، ويفدوا عانيتهم بالمعروف والإصلاح بين المسلمين " " وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه ){[6258]} قضى في الجنين عبدا أو أمه ، والتي ضربت ضرتها بعمود قسطاط ، فقتلتها ، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بديتها على عصبة العاقلة وفي ما في بطنها غرة ، فقال أعرابي : يا نبي الله " ءأغرم من لا طمع ، ولا شرب ، ولا صاح ، فمثل ذلك يطل ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أسجع كسجع الأعراب ؟ تغرم ، فإن الدية على العاقلة ، والميراث لأهل الفرائض ، وعمود الفسطاط مما يقتل مثله " ( مسلم 1681و1682 ) . ولم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم القصاص ، فذلك حجة لأبي حنيفة رضي الله عنه في قوله : ( إن الخشبة العظيمة والصغيرة سواء ، ولا قصاص فيه ) والأخبار فيه كثيرة .

وقوله تعالى أيضا : { فدية مسلمة إلى أهله } على الحث والترغيب في التسليم والنهي عن التعاسر الذي عنه توهم حدوث الشر والفساد الذي يدفع مثله جعل الفرض في قتل الخطأ . وعلى ذلك قوله تعالى : { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان }( البقرة : 178 ) وقد بين من يسلم لهم ؛ بين التسليم / 108- ب/ إلى أهل{[6259]} القتيل ، ولم يبين من أهله ؟ وقد أجمع السلف على أن أهله ورثته .

والأصل في ذلك أن الدية جعلت بدلا لنفس القتيل ، فتصير متروكة عنه . وعلى ذلك لو كانت منه الوصايا ، أو عليه دين ينقد منها ، فصارت في ما قال الله تعالى : { للرجال نصيب مما ترك } الآيات : ( البقرة : 7-12 ) التي فيها بيان من يرث من بعد الوصية والدين . فذلك لهم ، فيصير أهله بعد وفاته من ينتفع بتركته ؛ إذ كذلك وصف الأهل في الحياة أنه يرجع إلى المتصلين به وبمنافعه مع ما كان اسم الأهل في الزوجة غير ممتنع استعماله على كل حال ، فيجب دخولها في ذلك ، وغريها من الورثة أحق . وقد روي في مثل ذلك( الحديث الشريف ){[6260]} مرفوعا في توريث امرأة أشيم الضبائي ، وعمل به عمر بحضرة الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، والدين ، لهم سائر الولايات سوى ولاية الميراث ، أحق ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إلا أن يصدقوا } فالثنيا من الدية لأنه لا حق لأحد في العتق حتى يحتمل التصدق . وهو كقوله تعالى في القصاص : { فمن تصدق به فهو كفارة له } ( المائدة : 45 ) وذكر التصدق على ما عليه الترغيب في الديون من قوله : { وأن تصدقوا خير لكم } ( البقرة : 280 ) .

ثم الأصل أن التصدق من المعروف إلى ذوي الحاجات ، والفعل إنما وضع أصله على الأغنياء . لكن يخرج على وجهين :

أحدهما : أن الآية جاءت بذكر القاتل ووجود الدية المسلمة كلها ، ولكل{[6261]} قاتل عشير . فكان الترغيب على ذلك .

والثاني : أنه معروف في الديون ، وكذلك حكم الصدقات ؛ إذ لا يقع له الثواب في الدينا لربا يقع لغر المعروفين ، فيكون فعلهم في الحقيقة لله ، لا لابتغاء الجزاء ، فسمي صدقة ؛ إذ هو اسم ما يقع من المعروف لله مع ما يتمكن في ذلك أن الفعل ليس شرطه الغنى الذي ( له ){[6262]} تجب الزكاة .

وغير ذلك النوع من الغنى لا يخرج أصله{[6263]} عن احتمال الصدقة ، بل جعل أهل الديوان ، وهم الذين أموالهم هي التي تخرج بحق العطايا ، تؤخذ لوقت الخروج لا بعد الوقوع بالملك ، وتمام شرط الغنى له . وفي هذا صرف الثنيا إلى الذي تلي من الكلام دون الذي تقدم ، وحمله على بعض الكلام دون الكلام ليعلم أن موقع الفهم عن الحكم على ما يقتضيه حق الحكمة دون الذي ينتهي إليه حق اللسان ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } وعن ابن عباس رضي الله عنه ( أنه ){[6264]} قال : ( يكون الرجل مؤمنا ، وقومه كفار في دار الحرب ، فيقتله مسلم ، فلا دية عليه ، ولكن عليه عتق رقبة مؤمنة ) . وعنه أيضا ( أنه ){[6265]} قال : ( كان الرجل يسلم ، ثم يأتي قومه ، فيقيم فيهم ، فيمر بهم الجيش من المسلمين{[6266]} ، فيصاب في من يصاب ، فأنزل الله تعالى : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } ) .

وقال بعضهم : كيف يكون للمؤمن المقيم في دار الحرب دية ، وأولياؤه حرب لنا ؟ فهل يجوز أن تعطى لهم الدية ، ونحن نغتنم أموالهم ؟ فإن قيل : تكون الدية لبيت المال ، قيل له : إنما يجوز أن تكون لبيت المال ( لأنه ){[6267]} من لو كان حيا كان له في بيت المال حق .

فأما المسلم المقيم في دار الحرب فلا حق له في بيت المال لأن حكمنا لا يجري في داره ، فكيف يستحق بيت المال دينه{[6268]} ؟ وبعد فإن المسلم في دارهم لم يصر بالإسلام محرزا نفسه وماله ، لأن دار الحرب ليست بدار تحرز بها الدماء والأموال . فإذا كان كذلك فلم يكن للأنفس والأموال هنالك بدل . لذلك لم تجب الدية .

ألا ترى من أتلف مال ذلك المسلم لم يغرم بدل نفسه لأن حرمتها سواء في دار الإسلام ؟ ثم اختلف في تأويل قوله تعالى أيضا : { فإن كان من قومه عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } الآية على الاتفاق لا دية فيه ، لكن الاختلاف في أنه يخرج على أربعة {[6269]} أقوال :

أحدها : أن ذلك في ما يقبل {[6270]} على الإغارة ؛ نحو أن يغار على أهل الحرب ، وفيهم مسلم ، فإنه لا دية فيه لما أبيحت الإغارة . فيجب على هذا أمران :

أحدهما : أن يكون دفع الكفارة {[6271]} في ذلك أحق من دفع الدية التي هي حق العباد ولم يرد ممن هي له الإباحة . فلما أوجبت هي فالدية أحق أن تجب . فإذا لم تجب بان أنه ليس على ما قدروا .

والثاني : أن يكون لو كان كذلك ، فيجيء أن يكون ذلك في من{ كان من قوم عدو لكم } أو لا سواء من حيث الإغارة ( بل ){[6272]} إذا صارت مباحة ، وإن كان فيهم مسلم ، ذهب حق النفس من الأمرين جميعا من الدية والكفارة . وكذلك الجواب في قوم يتربصون{[6273]} بالمؤمنين أنه إذا أبيح الرمي ، فيستوي الأمران جميعا من الدية والكفارة . وعلى ذلك اختلف في من له القصاص في ما دون النفس ، فمات عن القصاص ، أن لا كفارة في ذلك ، وقد اختلف في الدية . وعلى ذلك من يقتله ممن لا يحتمل العلم . وما أوجب من الفعل في الوجود بلا دية يوجب أن تكون الدية أحق ف الإيجاب من الكفارة . فإذا لم تجب بان أن ليس دفع الدية لما ظنوا .

والقول الثاني{[6274]} : ذهبوا إلى القتيل الذي قومه أهل الحرب لا تجب فيه الدية بقوله تعالى : { من قوم عدو لكم وهو مؤمن } . يؤيد ذلك قوله : { فدية مسلمة إلى أهله } وأهله عدو ، ولا يحتمل التسليم إليهم بما لنا أخذ أموالهم ، فيصير بذلك لنا .

وأما الكفارة فهي بين العبد وبين الله تعالى ، فتلزم إذ هي في حق التوبة ، والكفارة لما في ذلك من معنى الإثم ، فيدخل على ذلك أمران :

أحدهما : إبطال الدية عن كل نفس لا وارث لما إذا قتل من أهل دار الإسلام في دار الإسلام ، إذ لا أهل له ، وعدم الأهل أكثر من كون الأهل ، وهم أعداء له ، بل يغرم الذي قتله ، وقوامه{[6275]} لبيت المال . فعلى ذلك الأول لو كان يجب ، ولكن لم يجب لا لهذا إذ قد رأينا الوجوب مع ما هو أعظم في العدة من هؤلاء . وأيد ذلك الإيجاب في المؤمن الذي قومه من أهل الميثاق أو الكافر الذي هو من أهل الميثاق ، والعداوة لم تكن انقطعت بالميثاق .

والأمر{[6276]} الثاني : أنه لا توارث يجري بين المسلم وأهل الكفر ليبطل حق الدية بوجوبها لهم ، بل يتحول الميراث بالإسلام إلى أهل الإسلام ، وإن لم يكن له خصوص أهل . وعلى ذلك جميع تركته ، فبان أنه لا لهذا لم يوجب .

والقول الثالث{[6277]} : أن الآية في من أسلم في دار الحرب ، ولم يخرج إلينا حتى يقتله مؤمن خطأ : أن عليه تحرير رقبة ولا دية فيه . فيكون المعنى : { من قوم عدو لكم } هو من قوم في الظاهر عند القاتل ، لم يخرجوا بعد عن إظهار المعاداة . ثم يكون قتله الخطأ من وجهين :

أحدهما : بما كان عرف كفره ، ولم يظهر انتقاله عما كان عليه في الظاهر ، لا بخروجه إلى دار الإسلام ، ولا سيما يظهر ، وذلك ظاهر الوجود . وفي مثله نزل قوله تعالى : { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا } الآية ( النساء : 94 ) وقد أخبر أنهم كانوا لذلك يكتمون دينهم حتى ( من ){[6278]} الله عليهم بالإظهار ، فيكون هذا بين أظهرهم على الأمر الأول .

وعلى ذلك شأن المسلمين الذين دخلوا تلك الدار بالإيمان ، ولا يحتمل أن يلحقه هذا النوع من قتل الخطأ ، فيلزم في نفسه البدل ، والأصل على حال .

والثاني : أن يرمي غيره ، فيصيبه على ما يكون خطأ أهل هذه الدار ، ولم تجب له الدية لما يقع فيه الخطأ من الوجه الذي على الأمر يفعل ما بينت . فلا يحتمل أن يجعل لنفسه بدل .

والأصل في ذلك أن دار الحرب ، وفي الحرب سفك الدماء وإتلاف الأموال ، فلا يقع فيها إحراز الدماء والأموال . فذلك لم يجب فيها البدل ، وليست{[6279]} كدار الإسلام لأنها دار سلم وأمن حتى جعلت تحرو بها الدماء والأموال على ما كانت{[6280]} أنفس الأعداء إذا دخلت بالميثاق إلينا استوجب /109-أ / حق الأعراض ولزوم البدل . وإن كانوا من قوم عدو لنا ؛ إذ هي الدار( دار ){[6281]} سلم وإحراز ، ولا يشبه الذي أسلم ، ولم يخرج ، الذي خرج من هذه الدار مسلما لما كان يخرج بأمان .

وفي الآيات لزوم حفظ الأمر الأول ، وليس في الأول : ذلك علم أن أحد الأمرين في ابتداء الإيجاب ، والآخر في البقاء على ما وجب . ومعلوم تفاضل هذين في الأصول واختلاف الأمر بينهما ، وقد كان في إبقاء بعض ما استوجب بالدين لترك الهجرة كقوله تعالى : { والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا } ( الأنفال : 72 ) .

وقد نسخت تلك الهجرة إلى دار الإسلام ، وإن نسخت إلى المدينة فلم يكن لنا{ من ولايتهم من شيء } وإنما حق بذل الأنفس لمن يبقى عنه من الأولياء ، وقد بقي ذلك . فلذلك لم يجب . وعلى ذلك يخرج قولنا فيه : لو قتل عمدا أن يجب القصاص لا الدية ؛ لأن الله تعالى قال : { فقد جعلنا لوليه سلطانا } ( الإسراء : 33 ) وقد بقي في ما نحن فيه الولاية . كذلك بطل{[6282]} السلطان ، وفي بطلانه بطلان البدل ، ويجوز معه بقاء الحق الذي بينه وبين الله لثبات تلك الحرمة .

( والقول الرابع ){[6283]} في تأويل قوله : { من قوم عدو لكم } أي في قوم مظهر العداوة ؛ دليل ذلك أنه ، وإن خرج إلى هذه الدار ، فيهم قومه ، لكنه ليس فيهم يرجع إلى مؤمن آمن ، وهو عد فيهم ، أنه{[6284]} لا شيء . فإذا خرج ، فإن عاد أولا فله حكم نازله ؛ لم يقتضه حق الآية ؛ فيجب فيه الذي يجب على حسب الدليل الموجب ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } اختلف فيه : قال بعضهم : ذلك القتيل معاهد من قوم بيننا وبينهم ميثاق ، فاحتج بعض أصحابنا ، رحمهم الله ، بهذه الآية الكريمة في إيجاب الدية : في قتل المعاهد دية مسلمة ، وهي مثل دية المسلم لأن الله تعالى قال فيهما جميعا : { فدية مسلمة } فهما سواء . وقد روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه .

والآية تحتمل غير هذا لأن الله تعالى قال في أول الآية : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا } إلى قوله : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } فاكتفى بذكر الإيمان في القتلين الأولين عن إعادة ذكر الإيمان في القتيل الثالث . ولم يكتف بذكر الإيمان في القتيل الأول عن إعادته في الثاني لأنه لو قال تعالى : { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة } ولم يزد على هذا كناية{[6285]} توجب الدية في قتل كل مؤمن لذكر الإيمان في الثاني للتفريق بينهما .

وأما ذكر الإيمان في الثاني ( فقط أغنى ) {[6286]} عن ذكره في الثالث لا تفرقة بينهما . كذلك كان ما ذكر عن الحسن{ وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } ( أنه ){[6287]} قال : مؤمن ، واستدل من ذهب إلى أن المقتول مسلم بأن الله تعالى قال{ فتحرير رقبة مؤمنة } ولا تجب الكفارة على قاتل المعاهد إذا لم يكن ذميا{[6288]} .

ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم ، ودى قتيلي عمرو بن أمية ، وكان لهما عهد ، ولم يبلغنا أنه أمر بالكفارة ؟ فيقال : إن الكفارة واجبة على قاتل المعاهد المستأمن بظاهر الآية بقوله : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } . ( وقوله أيضا : { فدية مسلمة إلى أهله }مما ){[6289]} يدل أن المقتول معاهدا أنه لو كان مسلما لم تجب لأهله من المعاهدين الدية ؛ لأنهم يرثون إذا كان معاهدا . وهذا يؤيد قول أصحابنا ، رحمهم الله تعالى ، في وجوب كمال دية المسلم على قاتل المعاهد .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ودى ذميا دية مسلم ، وحديث عمرو بن أمية : أنه( بينما ){[6290]} كان ببعض الطريق أقبل رجلان من بني عامر حتى نزلا في ظل ، هو فيه ، وكان معها عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلم به عمرو ، وقد علم أنهما من بني عامر . فلما ناما عدا عليهما ، فقتلهما ، وهو يرى أنه أصاب منهما ثأره من بني عامر . فلما قدم عمرو ، فلما قدم عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لقد قتلت قتيلين لا دية لهما " فوداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم " ( رواه الترمذي عن ابن عباس 1404 ) ومعلوم أن الدية كانت تامة ، وإن لم تسم ، لأن العرب كانت لا ترضى أن تنقص دياتها عن ديات المسلمين .

وعن ابن عباس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، جعل دية العامريين دية الحرين المسلمين . وعن ابن مسعود رضي الله عنه ( أنه ){[6291]} قال : ( دية أهل الكتاب مثل دية المسلم ) . فإن قيل : روي عن عمر رضي الله عنه ، ( أنه ){[6292]} قال : ( دية اليهودي أو النصاراني أربعة آلاف درهم ودية المجوسي ثمانمئة درهم ) ، وعن عثمان ري الله عنه مثله ، قيل : يحتمل هذا ما روي عن عمر أنه قوم الإبل ، فبلغت قيمتها أربعة آلاف درهم ، ثم قومها ثانيا ، فبلغت ستة آلاف إلى أن بلغت عشرة آلاف . أو ما ذكر ، فيحتمل أنه لما قومها ، فبلغت أربعة آلاف ، كان ذلك في دية يهودي أو نصراني ، فظن الراوي أنه إنما أوجب أربعة آلاف ( لا أنها في ){[6293]} دية النصراني أو اليهودي ، فروي على ذلك مع ما روي عن عمر وعثمان ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، بعشرة آلاف .

وروي أن أبا بكر وعمر وعثمان ، رضوان الله تعالى عليهم ، قالوا : ( دية المعاهد الحر المسلم ) . فهذا يوهن قولهما الأول . ويحتمل أن يكون على الاصطلاح .

فإن قيل : روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه ){[6294]} قال : " دية الكافر نصف دية المسلم " ( الترمذي 1413 ) قيل : إن كلا الفرقين تركوا العمل بهذا الخبر لأن من يقول بأربعة آلاف : ثلث دية المسلم على قوله . لأن دية المسلم الحر اثنا عشر ألفا عنده . ومن يقول بعشرة آلاف لم يؤخذ به . فقد أجمعوا على ترك العمل به . وذلك لما لم يثبت عندهم ، والله أعلم ، مع ما وصفنا في باب قتل المسلم بالكافر ما يدل على أن ذلك واجب . فإذن وجب قتل المسلم بالذي وجب أن تكون ديتهما سواء .

ألا ترى أن الكفارة على قاتلهما سواء ؟

وقوله تعالى أيضا : { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } اختلف في تأويل هذا الحرف من وجهين :

أحدهما : أن الآية في المؤمنين خاصة ، لكنهم على أقسام ثلاثة :

أحدها : على النشوء على الإيمان .

والثاني{[6295]} : على إحداث الإيمان في دار الحرب من أهل الحرب .

والثالث : على إحداث الإيمان من أهل الميثاق في دار العهد .

والثاني{[6296]} : من وجهين : ( أحدهما : في ){[6297]} : الآية بيان جميع مما يجب في نفسه حق إذا قتل خطأ ، من مؤمن قد أحرز دمه بالإيمان أو بالإيمان ( في دار الحرب من أهل الحرب أو بالإيمان بالعهد ){[6298]} . وفي ذلك إنما قطع الحق عن كثير ممن ينتهي عن قتلهم إذا لم تتضمنهم هذه الآية من نحو نساء الحرب والذراري ، فلم تجب الدية بما لم تحرز دماؤهم بدار الحرب ، ولم تجب الكفارة بارتفاع الميثاق ، وإن كنا لا نقتلهم .

فإن كان تأويل الآية هذا فكان في الآية أيضا بيان{[6299]} تخصيص القتيل المؤمن من أهل الحرب ، أن لا دية فيه ، وفيها كان فهم الإجماع أن الله لو أراد الجمع بين القتيلين لكان يخرج الأمر على الإبلاغ على ما في الكفارة وما فيهما من صفة الإيمان أو على الإيجاز والتدريج فها بالمعنى . فالذكر في قتيل واحد كان . فلما ذكر في قتيلين ، ولم يذكر في الواحد دل أنه على التفريق ، وأيد ذلك أمر الصيام ، أنه ذكر مرة ، والحكم يأتي على الكل . وعلى / 109-ب / ذلك حق الدية مع ما بين الذي هو وصفه .

وإن كان تأول الآية ( الأول فقد وجب ) {[6300]}في المعاهد بالمروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قضى في عامريين ، دخلا بأمان ، فقتلا ، بدية حرين مسلمين{[6301]} . وفي ذلك بيان الدية ، لم تكن وجبت بالنهي عن القتل ؛ إذ هو في الذراري والنساء قائم ، ولم يجب ، لكن بالعهد . فإذا كان على الاتفاق في الدين ، فالنهي فرق بينهما بالعهد . فعلى ذلك أمر المسلمين على الاتفاق في الدين ، والنهي يفرق بينهما بمكان العهد والإحراز .

وأيد التأويل الثاني شرط الإيمان في قوله تعالى : { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } فلولا أن الذكر يقتضي القتيل من العدو لم يكن ليحتاج إلى ذكر المؤمن ، وقد سبق بيان المقصود في ابتداء الآية . في النهي والثنيا جميعا . فإذا لم يذكر في أهل الميثاق ، صار متروكا على ( ما ){[6302]} يقتضيه ، وأيد ذلك الذي هو وصفه أن ذكر النوعين يدل على التفريق ، إذ ليس على حق الاقتضاء بالمعنى لا على حق الإبلاغ في البيان . وجميع الكل يخرج على ذينك اللفظين في حق الحكمة ، لذلك صار إلى حق التفريق .

ثم الظاهر قد يضمن الخطاب بأمرين :

أحدهما : في هتك الحرمة .

والثاني{[6303]} : في حق العوض من غير تفريق في وزن الملفوظ . وجاء البيان للواحد ، وهي دية المؤمن ، فيصير كأن البيان في الآية . ومعلوم أنه لو كان يأخذ الكل لكان{[6304]} يجيء التفريق على ما ذكر من أمر الصيام وحق التوبة . وإن ذكر الآحاد في حق بيان التضمين ، كذلك في الكل الدية على حد واحد مع ما استوى أمر الكفار في ماله حق البيان التام أو بيان الكفاية . فعلى ذلك الأول .

وأيد ذلك وجهان :

أحدهما : أن الدية بمبلغها كانت في الجاهلية . فأقرت على ذلك في الإسلام .

وكذلك حق القسامة ، وكان كذلك في أهل الكفر عند الأمان . فعلى ذلك اليوم ، أو يلزم الذي عرف ، حتى يظهر ، ولذلك ، والله أعلم ، لم يجز في الأمر البيان لأنه كان معروفا{[6305]} . وأيد ذلك جميع الأمور المنقسمة من نحو الحدود بين العبيد والأحرار في التفريق والديات بين الذكور والإناث : أنه يجب ذلك الانقسام في أهل الكفر . فعلى ذلك حد الجملة والنصف .

والثاني : خبر ابن عباس ، رضي الله عنه في العامريين ، وعلى ذلك جاء عن عمر وعلي رضي الله عنهما فهو في الوقت الذي بلغت من الأبدال لأنفسهم لأنه ( لا بهم جعلت الدية ){[6306]} لكن بالشرع ؛ فيه يعرف التفريق والجمع . فما لم يثبت التفريق ، والمعنى في كل نفس من المنافع ، وإليها ما في غيرها ، لزم الجمع حتى يجيء علم التفريق .

والأصل أن البدل أمر يرجع إلى منافع تقع للمجيء عليه مكان ما ذهب منه أو لغيره في ما يدخل عليهم من النقصان يفوت نفسه . ثم كل أمر مجعول للمنافع ؛ فالنظر فيها إلى قدر المنافع عند أهلها وأهل الذمة أحق بالزيادة لتعجيل المنفعة لهم{[6307]} في الدنيا ؛ إذ لا حظ لهم في الآخرة .

وقد زعم الشافعي أن العبد لو بيع على أنه كافر ، فوجده مسلما ؛ أنه عيب يرد ، فيصير الإسلام عيبا في قيمته ، فلا يجيء الحر منهم أقل قيمة من الحر منا ، ومحل الدين ما ذكرت . فهذا ، وإن كان منه القول شنيعا ، لا يجوز أن يحتج به ، فهو في موضع التنبيه ، وقوله يلزمه كقوله سبحانه وتعالى : { فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( النحل : 43 ) فحاجهم بالذي عند أئمتهم . فعلى ذلك يحاج بالذي عنده ، ولا قوة إلا بالله . وقد حاج بنفي الإلهية بما لا ينفع ، ولا يضر ، ولا يسمع ، ولا يبصر ، وإن كان وجود ما انتفى لا يوجب القول به .

ثم القتل على أقسام ثلاثة ؛ ( أحدها : قتل ){[6308]} عمد ، وهو ينقسم إلى قسمين :

أحدهما : أن يتعمد نفس القتيل .

والثاني : أن يتعمد دينه ( فيقتله لأجل دينه .

والثاني : قتل ){[6309]} خطأ ، وهو أيضا على قسمين .

أحدهما : أن يقع بحد الجناية عن غير قصده .

والثاني : أن يقع به{[6310]} على قصده لكن ( على ){[6311]} ظن لزومه الدين الذي استوجب القتل به .

وبين الخطأ والعمد القتل آخر سمي خطأ العمد أو شبه العمد{[6312]} مما لم يبين حكمه في منصوص القرآن ، ولا هو ( مما ){[6313]} يحتمل معرفة حقيقته بالعيان ؛ لأن ليس في العين جناية تقع من حيث الوقوع إلا عن عمد أو خطأ ، فصار ذلك معروفا ، وحكمه بالشرع ، ولله أن يشرع في حقيقة الخطأ والعمد شرعا واحدا{[6314]} على ما عليه أمر شرعه في جميع الأمور .

قد جاء الخبر فيه واتفاق الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، على إيجاب الدية في ذلك ، وليس في ذلك ذكر الكفارة . فلما ثبت إلحاقه بالذي هو خطأ في الحكم قيس عليه أمر الكفارة مع ما كان لذلك لأوجه تقدير :

أحدها : أن في العمد ما هو لنفسه كفارة ، وهو القصاص ، وقد وقع ذلك في شبه العمد ، والدية تلزم العاقلة ، فلا بد من وضع كفارة في ذلك كالذي ذكر في الخطأ فيه .

والثاني : أنه ذكر في الكفارة : { توبة من الله } . والتوبة من الله تخرج على أوجه ثلاثة : على التوفيق لفعله ، أو على ما كان من الزلة ، أو على جعل ذلك الفعل منه توبة على زلته . وأي هذه الوجوه الثلاثة كان ففي ذلك معنى وصف التوبة ، فيكون مما قد يتوجه إلى عمد يلحق وصف الزلة ، أو أمر تجوز الكلفة به ، فيقع العدوان عنه إذ قال تعالى : { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم } ( الأحزاب : 5 ) . فإن جعل في ذا توبة فهو في وجه فيه جناح ، ويكون له حكم الخطأ ، يبينه الخبر .

والثالث : اتفاق أهل الفتوى على القول به وأيضا أن الذي يقع الخطأ فيه لدينه قصد تعمد قتله ، وأوجبت عليه الكفارة ، فقد وجدت كفارة مع تعمد في ما لا بد لنفسه ما فيه من الحق على نحو ما بين في الخطأ . وإنما يجب طلب العمل بالحكم في لم يبين نصوصا من النوازل أن يعلم أن لله تعالى فيها حكما إن لم ينص عليه فقد جعله مبينا بالتضمين لا بالتصريح ، فهو متروك للتضمين .

والرابع{[6315]} : أن الكفارة في حق الزجر عنه والتكفير لفعله ، وفي السف ذلك والزيادة فيه . فلذلك لم يضم إليه غيره . ثم معلوم أن الكفارة إنما جعلت بما معه الإبقاء حتى يصوم شهرين ، وفي ما فيه القصاص لا مهلة له ، تستوجب به بقاء النفس لتقوم بالكفارة . لذلك لم يجب .

والخامس : الاتفاق أن الذي يقتص لا تلزمه الكفارة . فمن وجب له حكم العمد لم تجب عليه الكفارة . ولو أوجبنا{[6316]} الكفارة على القاتل جعلناها حقا لله من حيث النفس لا من حيث المعنى في الجناية ، له تجب . وذلك المعنى في نفس القاتل والقتيل {[6317]} سواء ، فيكون ولي القتيل أخذ الذي له وقع القصاص . لكن( ليس ){[6318]} له الكفارة ، فتلزمه . فإذا لم تجب بان أنها تجب بحال في النفس والجناية ، فلم تجب بحال في النفس والجناية ، فلم تجب في ما عدمت تلك الحالة ؟

والأصل أنها لم تجعل للحظر ولا للنفس الحرمة ؛ إذ قد يوجد قتل نفس محظورة لم تجعل فيها الكفارة نحو الذراري والنساء من أهل الشرك ، بل لو كان لذلك كان الخطأ من أبعد ما تجعل له الكفارة . فثبت أنها لم تجعل لذلك . ومن يقس يقس بذبك ، فيطل ( دمه وحقه ){[6319]} ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وتحرير رقبة مؤمنة } اختلف فيه ؛ قال بعضهم : لا يجزي إلا من صام ، وصلى . وعن ابن عباس ( أنه ){[6320]} قال : ( الرقبة المؤمنة كل مولود ولد في الإسلام : صغيرا كان أو كبيرا ) . والأشبه أن يجزي الصغير من المؤمنين على ما يجزى عنه الكبير منهم ؛ إن كان حكم الصغير من المؤمنين حكم الكبير منهما . ومما يدل على ذلك أيضا أن الحكم للصغير من المؤمنين : ميراثه{[6321]} وتزويجه{[6322]} وطلاق الرجل الزوجة الصغيرة حكم الكبيرة ، فهم مؤمنون في الحكم ، إن كانوا/ 110-أ / صغارا ولكن لسنا نذكر من أصحابنا رواية منصوصة في جوازه . والقياس ما ذكرنا ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فلمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } وصف الله سبحانه وتعالى ، الشهرين بالتتابع ، ووصف الرقبة بالإيمان فهو ، والله أعلم ، يحتمل على التغليظ والتشديد لما يجوز أن يجاوز ( جرم الخطأ ) {[6323]} جرم غيره من الأشياء ، نحو أن يقتله بعصا أو بسوط ونحوه قاصدا . ولا شك أن جرمه أعظم من جرم غيره من الأفعال التي توجب من الإيمان والظهار وغيره . فغلط فيه ما لم يغلط في غيره في الرقبة والتتابع في الصيام . وهذا كما يقولون : إن ضرب التعزير أشد من ضرب حد الزنى وحد شرب الخمر وغيره ؛ لأن جرم فعل التعزير ربما بلغ جرم الزنى ، أو تجاوزه{[6324]} ؛ وهو أن يحقر{[6325]} آخر مرة أو مرتين ؛ لا شك أن حرمته أعظم من حرمة من قذف آخر ، وشرب قطرة من خمر ، فغلظ فيه ، وشدد لما ذكرنا{[6326]} .

فعلى ذلك شرط الإيمان في العتاق في كفارة القتل والتتابع في الصوم تغليظا وتشديدا للمعنى الذي ذكرنا ؛ وهو أن يقتله قتل شبه العمد : أي عمد القصد خطأ الحكم .

ألا ترى أنه غلظ في الدية في شبه العمد ، ولم يغلظ في غيره ؟ وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " قتيل السوط أو العصا فيه الدية مغلظة " ؟ ( النسائي : 8/42 ) .

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه ، ( أنه ){[6327]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل شيء خطأ إلا السيف والحديد ، ولكل خطأ أرش " ( البيهقي في الكبرى8/42 ) .

ذكر الله تعالى قتل الخطأ والعمد ، فبين حكمها ، ولم يذكر غيرهما في كتابه . لكنا عرفنا قتيل شبه العمد والحكم فيه بما روينا من خبر ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحديث النعمان ( بن بشير ) عنه صلى الله عليه وسلم ، حيث قال : " ألا إن قتيل خطإ العمد قتيل السوط والعصا ، ففيه الدية مغلظة . ثلاثون جذعة وثلاثون حقه وأربعون ما بين إلى نازل عامها ، كلها خلفة " ( أبو داوود 4550 ) .

واختلف الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين : روى عمر رضي الله عنه ما ذكرنا من الخبر المرفوع أثلاثا . وعن علي رضي الله عنه ، قريبا منه أثلاثا . وعن أبي موسى الأشعري والمغيرة ما روينا من الخبر المرفوع أثلاثا . وعن ابن مسعود رضي الله عنه في شبه العمد أرباعا : خمسة وعشرون جذعة وخمسة وعشرون بنات لبون وخمسة وعشرون بنات مخاض .

ثم لا يحتمل أن يكون الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، قالوا ذلك{[6328]} رأيا من أنفسهم لأن هذا باب لا يوقف إلا بالسمع ، والخبر عن الله سبحانه وتعالى ، فيحتمل{[6329]} كأنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في وقت واحد ، فدل أنه في وقتين مختلفين ، فهو على التناسخ ، فلم يظهر الأول منهما من الآخر ، فأوجب الأخف باليقين ، ولم يوجب الأغلظ بالشك . وهذا قول أبي حنيفة ، رحمه الله تعالى ، حين قال في شبه العمد بالأرباع . رحمه الله ، فإنه ذهب إلى ظاهر الخبر المرفوع بالأثلاث .

ثم اختلف أصحابنا ، رحمهم الله تعالى ، في من رمى آخر في بحر ، فمات . قال أبو حنيفة ، ( رحمه الله تعالى ){[6330]} : لا يقتل به . وقال في من أحرق آخر بالنار : قتل به . وكان يفرق بينهما بوجهين :

أحدهما : أن يقول الرامي في الماء : أحسب {[6331]} أنه يحسن أن يسبح . وذلك موجود في كثير من الناس ، فصار ذلك شبهة يزول بها القصاص عن الرامي . وأما الذي رمى صاحبه في النار ليس له أن يدعي مثل ذلك ، لم يزل عنه القصاص .

والثاني : أن النار جارحة . ألا ترى أنها تستعمل في مصنع {[6332]} السلاح ، ومحارب بها ، وهي من أشد السلاح ، ولا كذلك الماء .

ثم القول في مبلغ الدية من الإبل : روي أن الكتاب الذي كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول : " في النفس مئة من الإبل " ( أبو داوود 4547 ) وما روينا من خبر ابن عمر رضي الله عنه : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ألا إن قتيل خطإ العمد في الدية مغلظة مئة من الإبل " ( النسائي : 8/42 ) ثم القول في أسنان الإبل في الدية وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ( أنه ){[6333]} قال : " دية الخطإ أخماس " ( أحمد3/ 384 ) وكذلك روي عن عبد الله بالأخماس ، وعن عمر ؛ كذلك ، ( وعن ){[6334]} علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الخطإ أرباعا .

وكان أبو حنيفة ( رحمه الله تعالى ){[6335]} يذهب إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلى ما روي عن عمر وعبد الله رضي الله عنهما ويجعل دية الخطإ أخماسا من الإبل ، وفي شبه العمد بالأثلاث بالخبر المرفوع . والوجه فيه ما ذكرنا .

ثم المسألة في مبلغ الدية من الورق ( ما ){[6336]} روي في بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قضى بالدية اثنى عشر ألفا ، وعن ابن عباس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدية اثنى عشر ألفا . وروي عن عبيدة السلماني ( أنه ){[6337]} قال : وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه الديات : فوضع على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة آلاف{[6338]} درهم ، وعلى أهل الإبل مئة من الإبل ، وعلى أهل البقرة مئتي بقرة ، وعلى أهل الشياه ألفي شاة ، وعلى أهل الحلل مئتي حلة ، ثم روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ( قوموا الإبل ) فقوموها أوقية ، ثم غلت الإبل ، فقال : ( فقوموا ) ، فقومت أوقية ونصفا ، ثم غلت حتى قومت عشرة آلاف درهم . فلو علم عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدراهم لم يحتج إلى أن يقوموا الإبل ، ومحال أن يخفى على عمر وغيره من الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى يضطروا إلى تقويم الإبل ، فدل أن الخبر في اثني عشر غير ثابت .

ثم الاختلاف أن الدية من الدنانير ألف دينار . فوجب أن تكون الدية من الورق عشرة آلاف لأنه روي عن عمر رضي الله عنه أنه جعل قيمة كل دينار عشرة . وروي أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن تؤخذ الجزية من أهل الورق ؛ أربعون درهما ، ومن أهل الذهب أربعة دنانير . وعن علي رضي الله عنه( أنه ){[6339]} قال : ( لا تقطع اليد إلا في دينار أو عشرة دراهم ) . دل ما ذكرنا من قول الصحابة ، رضوان الله تعالى عليه أجمعين : أن قيمة كل دينار عشرة دراهم . فلما أجمعوا على {[6340]} أن الدية من الذهب ألف دينار وجب أن تكون من الورق عشرة آلاف .

ألا ترى أنه يؤخذ في الزكاة من مئتي درهم خمسة دراهم ، ومن{[6341]} عشرين دينارا نصف دينار ؟ دل على أن الدية عشرة آلاف .

ثم يحتمل الخبر ، إن ثبت أن الدية اثنا عشر ألفا وزن ستة ؛ لأن الدية كان أصلها الإبل ، فقومت الإبل دراهم ، فبلغت اثنى عشر ألفا من وزن ستة . ثم ردت الأوزان إلى وزن سبعة ، فكانت اثنى عشر ألفا وكسر وزن سبعة ، وألقوا {[6342]} الكسر لأن ألفهم لا يعرف منصوصا ، وإنما يعرف بالاجتهاد ، وقد تزداد ( قيمته ){[6343]} وتنقص ، ويكون بين القيمتين الشيء اليسير ، فتركوا ذلك الكسر لما وصفنا ، ولأنه لم يكن في الدية في أصلها كسر ، وهذا وجه محتمل ، أخذ أصحابنا ، رحمهم الله تعالى ، بآخر التقدير لأن الأوزان استقرت على وزن سبعة ، وبطل وزن ستة ، ولا شك أن وزن سبعة هي الآخرة لاستقرارها في الناس على ذلك ، وبالله التوفيق .

وقوله تعالى : { فمن لم يجد فصيام شهريين متتابعين } قد ذكرنا معنى التتابع{[6344]} /110-ب/ في ذبك . وفي قوله : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } عند جميع {[6345]} من ذكر من القائلين في هذه الآية .

ثم قوله تعالى : { توبة من الله } قال بعض أهل العلم : ندامة من( معصية ){[6346]} الله تعالى ، وقد يندم الرجل على فعله خطأ . لكن عندنا على حقيقة التوبة لأن الفعل فعل مأثم ، وإن كان خطأ ، ولأنه يجوز أن يكلف الإنسان ، وينهى في حال الخطإ لما لا يتأمل في ذلك ، ولا ينظر ، لئلا يترك التأمل في ذلك النظر . فتكون التوبة على الحقيقة ما ذكر . وفي قوله : { توبة من الله } قد بينا الوجه في ذلك .

وقال بعض أهل التأويل : التوبة في الحقيقة هي {[6347]} الندامة على الأمر وكل من يتولد من فعله قتل أحد فهو يندم على ذلك الفعل الذي حدث منه الذي ذكر ، ويحزن عليه ، فيكون على هذا التقدير معنى التوبة إلى{[6348]} الله إلقاء ذلك الحزن في قلبه أو رجوعه بالتأسف إلى الله بالإعتاق والصيام ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكان الله عليما حكيما } بمن قتله( قتل ){[6349]} خطإ ، ولم يقصده ، ومن قصده ، أو{ عليما } بما حكم ( عليكم من الدية والكفارة ، أو{ عليما } بما جعل الحكم{ حكيما } في قضائه وحكمه حيث وضع كل شيء موضعه ، والله أعلم به .

وقوله تعالى : { وكان الله عليما حكيما } يخرج ذلك عند ذكره هذه الآية ){[6350]} وهو كذلك بذاته على أوجه :

أحدها : أنه عليم بالذي عليه خرجت{[6351]} حقيقة فعل ذلك القاتل من القصد( وغير القصد ){[6352]} ، وهو حكيم بما حكم علينا الذي ذكر بظاهر أحوال القتيل ، وإن لم تعرف حقيقة الأمر في ذلك ، إذا الذي له حكم العمد والخطإ لا يظهر بغيره .

والثاني : { وكان الله } ولم{[6353]} يزل{ عليما } بالذي يكون من عباده وبالذي ( هو ){[6354]} الصالح( بينهم ، فحكم بما فيه ){[6355]} الصالح في ما علم من وقوع الجنايات .

والثالث{[6356]} : تبين أنه لا عن جهل يقع الخلاف لأمره ولما لم يرض به من خلقه ولا من خطإ في التدبير ؛ أي عليم بالذي يكون من الخلق لا عن جهل بهم خرج أمرهم ، وحكيم في التدبير ؛ أي لا يلحقه الخطأ في تدبير الخلائق على ما يكون منهم من الفساد والشر ؛ إذ بمثله من غيره يعلم الخطأ لما فيه ضرر يقع به ، والله يتعالى عن هذا{[6357]} .


[6186]:ساقطة من الأصل وم.
[6187]:في الأصل وم: من.
[6188]:في الأصل وم:وغيرها.
[6189]:في الأصل وم: أحد
[6190]:في الأصل وم: مشتركا.
[6191]:من م، في الأصل: قتل.
[6192]:ساقطة من الأصل وم.
[6193]:في الأصل وم:و
[6194]:في الأصل وم: يقبض.
[6195]:ساقطة من الأصل وم.
[6196]:ساقطة من الأصل وم.
[6197]:. في الأصل وم: المغلب بالأمم
[6198]:في الأصل وم:من.
[6199]:من م.في الأصل: أحدهما.
[6200]:.في الأصل وم: وقيل.
[6201]:من م، ساقطة من الأصل
[6202]:في الأصل وم: قبله.
[6203]:في الأصل وم: ويجوز.
[6204]:في الأصل وم: أهل.
[6205]:في الأصل وم: لكان أمر.
[6206]:ساقطة من الأصل وم.
[6207]:في الأصل وم: القبيل.
[6208]:في الأصل وم: قيل.
[6209]:في م: الإعتاق في ذلك.
[6210]:هذا الوجه الثاني من وجهي تحقق معنى التوبة في فعل الله.
[6211]:هذا الوجه الثاني من وجهي تحقق معنى التوبة في فعل العبد.
[6212]:في الأصل وم: مؤاخذته.
[6213]:هذاالوجه الثاني من وجهي فعل العبد.
[6214]:ساقطة من الأصل وم.
[6215]:ساقطة من الأصل وم.
[6216]:في الأصل وم: خبر.
[6217]:في الأصل وم: ليخبر.
[6218]:هذا الوجه الثاني من وجوه جعل الإيمان شرطا.
[6219]:في الأصل: وضموا. فيم: وجعل.
[6220]:من م: في الأصل: غيره.
[6221]:هذا الوجه الثالث من وجوه الإيمان شرطا.
[6222]:في الأصل وم: مما.
[6223]:ساقطة من الأصل وم.
[6224]:في الأصل: لزم التفرد. في م: لزم التعوذ.
[6225]:في الأصل وم: التجربة لم يتجر.
[6226]:في الأصل وم: لتجرية
[6227]:من م. في الأصل: من.
[6228]:في الأصل وم: التجربة.
[6229]:في الأصل وم: ليذهب.
[6230]:في الأصل وم: الآحاد غير.
[6231]:في الأصل وم: أمة الرسول.
[6232]:في الأصل وم: والمنكرين.
[6233]:في الأصل وم: إشفاق.
[6234]:في الأصل وم: العقل.
[6235]:في الأصل وم: لهم.
[6236]:في الأصل: يانفا نفس القائل. في م: يانف نفس القاتل.
[6237]:من م. في الأصل: يتزود.
[6238]:من م. في الأصل: مصارفها.
[6239]:في الأصل وم: وجهين أحدهما.
[6240]:في الأصل وم: إن ظنه القاتل.
[6241]:في الأصل وم: ومن.
[6242]:في الأصل: وجهي. في م: وجهي الخطأ واحد.
[6243]:في الأصل وم: والخطأ الثالث، وهو.
[6244]:ساقطة من الأصل وم.
[6245]:ساقطة من الأصل وم.
[6246]:في الأصل وم: يحتمل.
[6247]:ساقطة من الأصل وم.
[6248]:من م، في الأصل: لا.
[6249]:في الأصل وم: وجهين وهو.
[6250]:في الأصل وم: سببا.
[6251]:في الأصل وم: أن عرفه.
[6252]:في الأصل وم: وللخطأ وجه آخر.
[6253]:ساقطة من الأصل وم.
[6254]:في الأصل وم: من.
[6255]:ساقطة من الأصل وم.
[6256]:ذلك في تغليظ الدية والكفارة.
[6257]:ساقطة من الأصل وم.
[6258]:ساقطة من الأصل وم.
[6259]:في الأصل وم: أهله.
[6260]:ساقطة من الأصل وم.
[6261]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[6262]:من م، ساقطة من الأصل.
[6263]:في الأصل وم: أهله.
[6264]:ساقطة من الأصل وم.
[6265]:ساقطة من الأصل وم.
[6266]:من م، في الأصل، المسلم.
[6267]:ساقطة من الأصل وم.
[6268]:في الأصل وم: دبة.
[6269]:في الأصل وم: ثلاثة.
[6270]:في م: يقتل.
[6271]:في الأصل وم: الكفار.
[6272]:من م، ساقطة من الأصل.
[6273]:في الأصل وم: يتربصوا.
[6274]:هو القول الثاني من وجوه الاختلاف في قتل المؤمن في أهله الأعداء.
[6275]:في الأصل وم: وقومه.
[6276]:في الأصل وم: والوجه.
[6277]:هو القول الثالث من وجوه الاختلاف في قتل المؤمن في أهله الأعداء.
[6278]:ساقطة من الأصل وم.
[6279]:في الأصل وم: وليس.
[6280]:في الأصل وم: كان.
[6281]:من م، ساقطة من الأصل.
[6282]:من م، في الأصل: يطلب.
[6283]:في الأصل وم: ووجه آخر، وهو القول الرابع من وجوه الاختلاف في قتل المؤمن في أهله الأعداء.
[6284]:في الأصل وم: أن.
[6285]:في الأصل وم: كنا.
[6286]:في الأصل وم: غنى.
[6287]:ساقطة من الأصل وم.
[6288]:في الأصل وم: ذمة.
[6289]:في الأصل وم: وقال أيضا ومما.
[6290]:ساقطة من الأصل وم.
[6291]:ساقطة من الأصل وم.
[6292]:ساقطة من الأصل وم.
[6293]:في الأصل وم لأنه.
[6294]:ساقطة من الأصل وم.
[6295]:في الأصل وم: والآخر.
[6296]:في الأصل وم: والآخر: وهو الوجه الثاني من وجهي تأويل الآية
[6297]:ساقطة من الأصل وم
[6298]:في الأصل وم: والدار في دار العهد
[6299]:في الأصل وم: على
[6300]:روى ذلك الترمذي عن ابن عباس رقم الحديث (1404).
[6301]:في الأصل وم: الأولى، فأوجب.
[6302]:من م، ساقطة من الأصل.
[6303]:في الأصل وم: والآخر.
[6304]:في الأصل وم: إلا أن.
[6305]:في الأصل: معروف، في م: على معروف.
[6306]:من م، ساقطة من الأصل.
[6307]:من م، ساقطة من الأصل: فهم.
[6308]:ساقطة من الأصل وم.
[6309]:في الأصل:و، في م: فيقتل لأجل دينه و.
[6310]:في الأصل وم: بأحد.
[6311]:من م، ساقطة من الأصل
[6312]:. هو القسم الثالث من أقسام القتل
[6313]:. من م، ساقطة من الأصل
[6314]:. في م: واحد
[6315]:. في الأصل وم: والثاني.
[6316]:في الأصل وم: أجبنا.
[6317]:في أصل وم: القتل.
[6318]:ساقطة من الأصل وم.
[6319]:ساقطة من الأصل وم.
[6320]:ساقطة من الأصل وم.
[6321]:في الأصل وم: وميراثه
[6322]:. من م، في الأصل: وتجويزه
[6323]:. في الأصل وم: جرم حكم الخطإ
[6324]:. في الأصل وم: تجاوز.
[6325]:في الأصل: تحقيق، في م تحيق.
[6326]:كان ذلك في قتل شبه العمد.
[6327]:ساقطة من الأصل وم.
[6328]:من م، في الأصل: إن لك
[6329]:. في الأصل وم: فيجعل.
[6330]:في الأصل: رضي الله عنه، ساقطة من م.
[6331]:في الأصل وم: حسب.
[6332]:في الأصل وم: موضع.
[6333]:. ساقطة من الأصل وم.
[6334]:في الأصل وم: و
[6335]:. في الأصل: رضي الله عنه، ساقطة من م
[6336]:. ساقطة من الأصل وم.
[6337]:ساقطة من الأصل وم.
[6338]:في الأصل وم: ألف.
[6339]:ساقطة من الأصل وم.
[6340]:في اًلأصل وم: في.
[6341]:في الأصل وم: وفي.
[6342]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[6343]:ساقطة من الأصل وم.
[6344]:وذلك في الوجه الثالث من وجوه جعل الإيمان شرطا لتحقيق التوبة.
[6345]:في الأصل وم: الجميع.
[6346]:ساقطة من الأصل وم.
[6347]:في الأصل وم: هو.
[6348]:في الأصل: أمر، في م: من.
[6349]:ساقطة من الأصل وم.
[6350]:من م، ساقطة من الأصل.
[6351]:في الأصل وم: خرج عليه.
[6352]:ساقطة من الأصل وم.
[6353]:الواو ساقطة من الأصل وم.
[6354]:ساقطة من الأصل وم.
[6355]:من م، ساقطة من الأصل.
[6356]:في الأصل وم: والثاني.
[6357]:من م، في الأصل: هذه.