جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ أَن يَقۡتُلَ مُؤۡمِنًا إِلَّا خَطَـٔٗاۚ وَمَن قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَـٔٗا فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖ وَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُواْۚ فَإِن كَانَ مِن قَوۡمٍ عَدُوّٖ لَّكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٞ فَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ وَإِن كَانَ مِن قَوۡمِۭ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞ فَدِيَةٞ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ وَتَحۡرِيرُ رَقَبَةٖ مُّؤۡمِنَةٖۖ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةٗ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (92)

{ وما كان لمؤمن } ما صح له وليس من شأنه { أن يقتل مؤمنا } في شيء من الأحوال { إلا خطئا{[1083]} } أي : حال الخطأ أو إلا قتلا خطأ وقيل : الاستثناء منقطع ، وما كان نفي بمعنى النهي أي : لكن إن قتله خطأ فجزاؤه ما يذكر { ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة{[1084]} } أي : فعليه إعتاقها{[1085]}

{ ودية مُسلّمة إلى أهله } مؤداة إلى ورثته يقسمونها قسمة الميراث { إلا أن يصّدّقوا } يعفوا وسمي العفو عنها صدقة ترغيبا عليه أي : فعليه التحرير والدية في جميع الأحيان إلا حين أن يتصدق أهله بالدية فحينئذ تسقط الدية { فإن كان } المؤمن المقتول { من قوم عدوّ لكم } كفار محاربين { وهو مؤمن } ولم يعلم القاتل إيمانه { فتحرير رقبة مؤمنة } دون الدية لأهله لأنه لا وراثة بين مسلم وكافر { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } ككفار معاهدين أو أهل الذمة

{ فدية مُسلّمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } أي : فحكمه حكم المسلم في وجوب الكفارة والدية إن كان المقتول مؤمنا وكذا إن كان كافرا أيضا عند كثير من العلماء { فمن لم يجد } رقبة ولم يجد ثمنها { فصيام شهرين متتابعين } أي : فعليه ذلك { توبة من الله } مفعول له أي : شرع ذلك له توبة من تاب الله عليه إذا قبل توبته { وكان الله عليما } بحاله { حكيما } فيما حكم عليه .


[1083]:وقيل: الاستثناء منقطع وهذا بناء على أن المتصل دال على جواز القتل خطأ ولا يدل لأن حاصله أن من شأن المؤمن ألاّ يقتل إلا خطأ/12 وجيز.
[1084]:هذا إذا كان المقتول مؤمنا وعند كثير من العلماء: كذا إذا كان كافرا أيضا والقرآن لا يدل عليه/12 وجيز.
[1085]:اختلف العلماء في الرقبة المؤمنة قيل: هي التي صلت وعقلت الإيمان فلا تجزئ الصغيرة، وبه قال ابن عباس والحسن والشعبي والنخعي وقتادة وغيرهم. أخرج عبد بن حميد وأبو داود والبيهقي عن أبي هريرة: (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء فقال: يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فقال لها أين الله؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها فقال لها: فمن أنا فأشارت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء أي: أنت رسول الله فقال: أعتقها فإنها مؤمنة)، وقد روي من طرق وهو في صحيح مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي/12 فتح. [أخرجه مسلم في (المساجد)/باب: تحرم الكلام في الصلاة (2/170) ط الشعب].