قوله : { وشروه } أي : باعوه ، { بثمن بخس } ، قال الضحاك ، ومقاتل ، والسدي : حرام لأن ثمن الحر حرام ، وسمي الحرام بخسا لأنه مبخوس البركة . وعن ابن عباس وابن مسعود : بخس أي زيوف . وقال عكرمة والشعبي : بثمن قليل . { دراهم } ، بدل من الثمن ، { معدودة } ، لأنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان أقل من أربعين درهما إنما كانوا يعدونها عدا ، فإذا بلغت أوقية وزنوها . واختلفوا في عدد تلك الدراهم : فقال ابن عباس وابن مسعود وقتادة : عشرون درهما ، فاقتسموها درهمين درهمين . وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما . وقال عكرمة : أربعون درهما .
قوله تعالى : { وكانوا } ، يعني : إخوة يوسف ، { فيه } ، أي : في يوسف { من الزاهدين } لأنهم لم يعلموا منزلته عند الله . وقيل : كانوا في الثمن من الزاهدين ، لأنهم لم يكن قصدهم تحصيل الثمن ، إنما كان قصدهم تبعيد يوسف عن أبيه . ثم انطلق مالك بن ذعر وأصحابه بيوسف ، فتبعهم إخوته يقولون : استوثقوا منه لا يأبق ، قال : فذهبوا به حتى قدموا مصر ، وعرضه مالك على البيع فاشتراه قطفير قاله ابن عباس . وقيل : إظفير صاحب أمر الملك ، وكان على خزائن مصر يسمى العزيز ، وكان الملك يومئذ بمصر ونواحيها الريان بن الوليد بن شروان من العمالقة . وقيل : إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتبع يوسف على دينه ، ثم مات ويوسف حي . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما دخلوا تلقى قطفير مالك بن ذعر فابتاع منه يوسف بعشرين دينارا وزوج نعل وثوبين أبيضين . وقال وهب بن منيه : قدمت السيارة بيوسف مصر فدخلوا به السوق يعرضونه للبيع ، فترافع الناس في ثمنه حتى بلغ ثمنه وزنه ذهبا ووزنه فضة ووزنه مسكا وحريرا ، وكان وزنه أربعمائة رطل ، وهو ابن ثلاث عشرة سنة فابتاعه قطفير من مالك بن ذعر بهذا الثمن .
{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أي : قليل جدا ، فسره بقوله : { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }
لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه ، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه ، والمعنى في هذا : أن السيارة لما وجدوه ، عزموا أن يُسِرُّوا أمره ، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم ، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم ، فاشتروه منهم بذلك الثمن ، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب ، والله أعلم .
وقوله : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } يقول تعالى : وباعه إخوته بثمن قليل ، قاله مجاهد وعِكْرِمة .
والبخس : هو النقص ، كما{[15096]} قال تعالى : { فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا } [ الجن : 13 ] أي : اعتاض عنه إخوته بثمن دُونٍ قليل ، وكانوا مع ذلك فيه من الزاهدين ، أي : ليس لهم رغبة فيه ، بل لو سألوه{[15097]} بلا شيء لأجابوا .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : إن الضمير في قوله : { وَشَرَوْهُ } عائد على إخوة يوسف .
وقال قتادة : بل هو عائد على السيارة .
والأول أقوى ؛ لأن قوله : { وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } إنما أراد إخوته ، لا أولئك السيارة ؛ لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة ، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه ، فيرجح من هذا أن الضمير في { وَشَرَوْهُ } إنما هو لإخوته .
وقيل : المراد بقوله : { بَخْسٍ } الحرام . وقيل : الظلم . وهذا وإن كان كذلك ، لكن ليس هو المراد هنا ؛ لأن هذا معلوم يعرفه كل أحد أن ثمنه حرام على كل حال ، وعلى كل أحد ، لأنه نبي ابن نبي ، ابن نبي ، ابن خليل الرحمن ، فهو الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، وإنما المراد هنا بالبخس الناقص أو الزيوف أو كلاهما ، أي : إنهم إخوته ، وقد باعوه ومع هذا بأنقص الأثمان ؛ ولهذا قال : { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } فعن ابن مسعود باعوه بعشرين درهما ، وكذا قال ابن عباس ، ونَوْف البَكَالي ، والسُّدِّي ، وقتادة ، وعطية العَوْفي وزاد : اقتسموها درهمين درهمين .
وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما .
وقال محمد بن إسحاق وعِكْرِمة : أربعون درهمًا .
وقال الضحاك في قوله : { وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } وذلك أنهم لم يعلموا نبوته
وقال مجاهد : لما باعوه جعلوا يتبعونهم ويقولون لهم : استوثقوا منه لا يأبق حتى وقفوه بمصر ، فقال : من يبتاعني وليبشر ؟ فاشتراه الملك ، وكان مسلمًا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.