فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

قوله : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دراهم مَعْدُودَةٍ } يقال : شراه بمعنى اشتراه ، وشراه بمعنى باعه . قال الشاعر :

وشريت برداه ليتني *** من بعد برد كنت هامه

أي : بعته .

وقال آخر :

فلما شراها فاضت العين عبرة ***

أي اشتراه ، والمراد هنا : وباعوه ، أي : باعه الوارد وأصحابه { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أي : ناقص ، أو زائف ، وقيل : يعود إلى إخوة يوسف على القول السابق ، وقيل : عائد إلى الرفقة ، والمعنى : اشتروه ؛ وقيل : بخس ظلم ، وقيل : حرام . قيل : باعوه بعشرين درهماً ، وقيل : بأربعين ، و{ دراهم } بدل من ثمن أي : دنانير ، و{ معدودة } وصف لدراهم ، وفيه إشارة إلى أنها قليلة تعدّ ولا توزن ؛ لأنهم كانوا لا يزنون ما دون أوقية وهي أربعون درهماً ، { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين } يقال : زهدت وزهدت بفتح الهاء وكسرها . قال سيبويه والكسائي : قال أهل اللغة : يقال : زهد فيه : أي رغب عنه ، وزهد عنه أي : رغب فيه . والمعنى : أنهم كانوا فيه من الراغبين عنه الذين لا يبالون به ، فلذلك باعوه بذلك الثمن البخس ؛ وذلك لأنهم التقطوه ، والملتقط للشيء متهاون به ، والضمير من { كانوا } يرجع إلى ما قبله على حسب اختلاف الأقوال فيه .

/خ22