لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

لم يعرفوا خسرانهم في الحال ولكنهم وقفوا عليه في المآل .

ويقال قد يُبَاعُ مثل يوسف عليه السلام بثمن بخس ، ولكن إذا وقعت الحاجةُ إليه فعند ذلك يعلم ما يلحق من الغَبْن .

ويقال : لم يحتشموا من يوسف - عليه السلام - يوم باعوه ثمنٍ بَخْسٍ ، ولكن لمَّا قال لهم : أنا يوسف وقع عليهم الخجل ، ولهذا قيل : كفى للمقصر الحياء يوم اللقاء .

ويقال لمَّا خَرُّوا له سُجَّداً علموا أنَّ ذلك جزاءُ مَنْ باع أخاه بثمنٍ بخسٍ .

ويقال لمَّا وصل الناسُ إلى رفق يوسف عاشوا في نعمته ، واحتاجوا إلى أن يقفوا بين يديه في مقام الذُّلِّ قائلين { مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ } [ يوسف :88 ] ، وفي معناه أنشدوا :

ستسمع بي وتذكرني *** وتطلبني فلا تجدِ

ويقال ليس العَجَبُ ممن يبيع مثلَ يوسف - عليه السلام - بثمنٍ نجس إنما العَجَبُ ممن ( . . . . )5 مثل يوسف - عليه السلام - بثمن بخس ، لاسيَّما { وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } الخرق لا غاية له ، وكذا العجب لا نباته له .

ويقال ليس العجب ممن يبيع يوسف- عليه السلام - بثمنٍ بخسٍ ، إنما العجب ممن يبيع وقته الذي أعزُّ من الكبريت الأحمر بعَرَضٍ حقيرٍ من أعراض الدنيا .

ويقال إنَّ السيارة لم يعرفوا قيمته فزهدوا في شرائه بدراهم ، والذين وقفوا على جماله وشيءٍ من أحواله غالوا - بمصر- في ثمنه حتى اشتروه بزنته دراهم ودنانير مراتٍ كما في القصة ، وفي معناه أنشدوا :

إنْ كنتُ عندكَ يا مولاي مُطَّرَحاً *** فعند غيرِك محمولٌ على الحَدَقِ6