إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

{ وَشَرَوْهُ } أي باعوه والضمير للوارد وأصحابه { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } زيْفٍ ناقصِ العيار { دراهم } بدل من ثمن أي لا دنانير { معْدُودَةٍ } أي غيرِ موزونة فهو بيانٌ لقلته ونقصانِه مقداراً بعد بيان نقصانِه في نفسه إذ المعتادُ فيما لا يبلغ أربعين العدُّ دون الوزن ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنها كانت عشرين درهماً وعن السدي رضي الله عنه أنها كانت اثنين وعشرين درهماً { وَكَانُواْ } أي البائعون { فِيهِ } في يوسف { مِنَ الزاهدين } من الذين لا يرغبون فيما بأيديهم فلذلك باعوه بما ذكر من الثمن البخْسِ ، وسببُ ذلك أنهم التقطوه ، والملتقطُ للشيء متهاونٌ به ، أو غيرُ واثق بأمره يخاف أن يظهر له مستحِقٌّ فينتزعه منه فيبيعه من أول مُساومٍ بأوكسِ ثمن ، ويجوز أن يكون معنى شرَوه اشتروه من إخوته على ما حُكي وهم غير راغبين في شِراه خشية ذهابِ مالِهم لِما ظنّ في آذانهم من الإباق ، والعدولُ على صيغة الافتعال المنبئةِ عن الاتخاذ لما مر من أن أخذَهم إنما كان بطريق البضاعةِ دون الاجتباء والاقتناءِ ، وفيه متعلِّق بالزاهدين إن جُعل اللامُ للتعريف وبيانٌ لما زهدوا فيه إن جُعلت موصولة ، كأنه قيل : في أي شيء زهِدوا ؟ فقيل : زهدوا فيه ، لأن ما يتعلق بالصلة لا يتقدم على الموصول .