بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

قوله تعالى { وَشَرَوْهُ بثمن } ، يعني : باعوه { بِثَمَنٍ بَخْسٍ } يعني : ظلماً وحراماً لم يحل بيعه . ويقال : بدراهم رديئة ويقال : البخس : الخسيس { دراهم مَعْدُودَةٍ } أي : يسير عددها . وقال مجاهد : البخس القليل ، والمعدودة : عشرين درهماً ، وقال : كان في ذلك الزمان ، ما كان فوق الأوقية ، وزنوه وزناً وما كان دون الأوقية عدّوه عداً .

وقال بعضهم : باعوه بعشرة دراهم لأن اسم الدرهم يقع على ما بين الثلاثة إلى العشرة ، فأصاب كل واحد منهم درهماً .

وروي عن الضحاك ، أنه قال : باعوه باثني عشر درهماً ، وقال ابن مسعود بيع بعشرين درهماً ، وقال عكرمة : البخس : أربعون درهماً ، وقال بعضهم : لم يبعه إخوته ولكن الذين وردوا الماء ، وجدوه في البئر ، وأخرجوه من البئر ، فباعوه بثمن بخس ، { دراهم معدودة } ، وهو قول المعتزلة ، لأن مذهبهم أن الأنبياء معصومون عن الكبيرة قبل النبوة ، لأن الكبيرة عندهم تخرج المؤمن عن الإيمان ، وعند أهل السنة ، الكبيرة لا تخرج المؤمن عن الإيمان . وجاز جريان المعصية قبل النبوة وقال عامة المفسرين : إن إخوته باعوه وروي عن ابن عباس : أن إخوته باعوه بعشرين درهماً ، وكتب يهوذا شراءه على رجل منهم .

ثم قال : { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين } يعني : الذين اشتروه لم يعلموا بحاله وقصته . ويقال : يعني : إخوة يوسف ، في ثمنه لم يكونوا محتاجين إليه . ثم إن مالك بن ذعر ، لما أدخله مصر باعه . قال مقاتل : باعه بعشرين ديناراً ، ونعلين ، وحلة . وقال الكلبي : بعشرين درهماً ، ونعلين ، وحلة . وقال بعضهم : باعه بوزنه فضة . وقال بعضهم : باعه بوزنه ذهباً . وقال وهب بن منبه : باعه مالك بن ذعر ، بعدما عرضه في بيع «من يزيد » ، ثلاثة أيام ، فزاد الناس بعضهم على بعض ، حتى بلغ ثمنه بحيث لا يقدر أحد عليه ، فاشتراه عزيز مصر ، وكان خازن الملك وصاحب جنوده لامرأته زليخا ، بوزنه مرة مسكاً ، ومرة لؤلؤاً ، ومرة ذهباً ، ومرة فضة ، ومرة حللاً ، وسلم إليه كلها .