المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (91)

91- إن الذين يقبل عذرهم في التخلف هم الضعفاء ، والمرضى ، والفقراء الذين لا يجدون ما ينفقون ، إذا أخلص هؤلاء للَّه ورسوله في دينهم فإنهم بذلك محسنون ، ولا حرج على المحسنين ، واللَّه كثير الغفران واسع الرحمة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (91)

قوله تعالى : { سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم } ثم ذكر أهل العذر ، فقال جل ذكره : { ليس على الضعفاء } ، قال ابن عباس : يعني الزمني والمشايخ والعجزة . وقيل : هم الصبيان وقيل : النسوان ، { ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون } ، يعني الفقراء { حرج } ، مأثم . وقيل : ضيق في القعود عن الغزو ، { إذا نصحوا لله ورسوله } ، في مغيبهم وأخلصوا الإيمان والعمل لله وبايعوا الرسول . { ما على المحسنين من سبيل } ، أي : من طريق العقوبة ، { والله غفور رحيم } . قال قتادة : نزلت في عائذ بن عمرو وأصحابه . قال الضحاك : نزلت في عبد الله بن أم مكتوم وكان ضرير البصر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (91)

{ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ ْ } في أبدانهم وأبصارهم ، الذين لا قوة لهم على الخروج والقتال . { وَلَا عَلَى الْمَرْضَى ْ }

وهذا شامل لجميع أنواع المرض الذي{[379]}  لا يقدر صاحبه معه على الخروج والجهاد ، من عرج ، وعمى ، وحمى ، وذات الجنب ، والفالج ، وغير ذلك .

{ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ ْ } أي : لا يجدون زادا ، ولا راحلة يتبلغون بها في سفرهم ، فهؤلاء ليس عليهم حرج ، بشرط أن ينصحوا للّه ورسوله ، بأن يكونوا صادقي الإيمان ، وأن يكون من نيتهم وعزمهم أنهم لو قدروا لجاهدوا ، وأن يفعلوا ما يقدرون عليه من الحث والترغيب والتشجيع على الجهاد .

{ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ْ } أي : من سبيل يكون عليهم فيه تبعة ، فإنهم -بإحسانهم فيما عليهم من حقوق اللّه وحقوق العباد- أسقطوا توجه اللوم عليهم ، وإذا أحسن العبد فيما يقدر عليه ، سقط عنه ما لا يقدر عليه .

ويستدل بهذه الآية على قاعدة وهي : أن من أحسن على غيره ، في [ نفسه ]{[380]}  أو في ماله ، ونحو ذلك ، ثم ترتب على إحسانه نقص أو تلف ، أنه غير ضامن لأنه محسن ، ولا سبيل على المحسنين ، كما أنه يدل على أن غير المحسن -وهو المسيء- كالمفرط ، أن عليه الضمان .

{ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ْ } ومن مغفرته ورحمته ، عفا عن العاجزين ، وأثابهم بنيتهم الجازمة ثواب القادرين الفاعلين .


[379]:- في النسختين: التي.
[380]:- زيادة من هامش ب.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (91)

وأخيرا يحدد التبعة . فليس الخروج ضربة لازب على من يطيقون ومن لا يطيقون . فالإسلام دين اليسر ولا يكلف اللّه نفسا إلا وسعها . والذين عجزوا عن النفرة لا تثريب عليهم ولا مؤاخذة لهم ، لأنهم معذورون :

( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ، ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا للّه ورسوله . ما على المحسنين من سبيل ، واللّه غفور رحيم . ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون ) .

ليس على الضعفاء العاجزين عن القتال لعلة في تكوينهم ، أو لشيخوخة تقعدهم ؛ ولا على المرضى الذين لا يستطيعون الحركة والجهد ؛ ولا على المعدمين الذين لا يجدون ما يتزودون به . . ليس على هؤلاء حرج إذا تخلفوا عن المعركة في الميدان ، وقلوبهم مخلصة للّه ورسوله ، لا يغشون ولا يخدعون ، ويقومون بعد ذلك بما يستطيعونه - دون القتال - من حراسة أو صيانة أو قيام على النساء والذرية في دار الإسلام ، أو أعمال أخرى تعود بالنفع على المسلمين . ليس عليهم جناح ، وهم يحسنون بقدر ما يستطيعون ، فلا جناح على المحسنين ، إنما الجناح على المسيئين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (91)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ لّيْسَ عَلَى الضّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىَ الْمَرْضَىَ وَلاَ عَلَى الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : ليس على أهل الزمانة وأهل العجز عن السفر والغزو ، ولا على المرضى ، ولا على من لا يجد نفقة يتبلغ بها إلى مغزاه حرج ، وهو الإثم يقول : ليس عليهم إثم إذا نصحوا الله ولرسوله في مغيبهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . ما عَلى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ يقول : ليس على من أحسن فنصح الله ورسوله في تخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جهاد معه لعذر يعذر به طريق يتطرّق عليه فيعاقب من قبله . وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ يقول : والله ساتر على ذنوب المحسنين ، يتغمدها بعوفه لهم عنها ، رحيم بهم أن يعاقبهم عليها .

وذُكر أن هذه الآية نزلت في عائذ بن عمرو المزني . وقال بعضهم : في عبد الله بن مغفل . ذكر من قال نزلت في عائذ بن عمرو :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : لَيْسَ على الضّعَفَاءِ ولاَ على المَرْضى وَلا على الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إذَا نَصَحُوا لِلّهِ ورَسُولِهِ نزلت في عائذ بن عمرو .

ذكر من قال نزلت في ابن مغفل :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لَيْسَ على الضّعَفاءِ وَلا على المَرْضَى . . . إلى قوله : حَزَنا أنْ لا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه ، فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبد الله بن مغفل المزني ، فقالوا : يا رسول الله احملنا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وَاللّهُ ما أجِدُ ما أحْمِلكُمْ عَلَيْهِ » فتولوا ولهم بكاء ، وعزّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ولا يجدون نفقة ولا مَحملاً . فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله ، أنزل عذرهم في كتابه ، فقال : لَيْسَ على الضّعَفاءِ وَلا على المَرْض ولا على الذين لا يجدون ما ينقفون حرج . إلى قوله فهم لا يعلمون .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (91)

{ ليس على الضعفاء ولا على المرضى } كالهرمى والزمنى . { ولا على الذين لا يجدون ما يُنفقون } لفقرهم كجهينة ومزينة وبني عذرة . { حرج } إثم في التأخر . { إذا نصحوا لله ورسوله } بالإيمان والطاعة في السر والعلانية كما يفعل الموالي الناصح ، أو بما قدروا عليه فعلا أو قولا يعود على الإسلام والمسلمين بالصلاح { ما على المحسنين من سبيل } أي ليس عليهم جناح ولا إلى معاتبتهم سبيل وإنما وضع المحسنين موضع الضمير للدلالة على أنهم منخرطون في سلك المحسنين غير معاتبين لذلك . { والله غفور رحيم } لهم أو للمسيء فكيف للمحسن .