المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

20- وباعوه في مصر بثمن دون قيمته ، كان الثمن دراهم قليلة ، وكانوا في يوسف من الزاهدين الراغبين عنه ، لخوفهم أن يدركهم أهله ويعرفوه بينهم وينتزعوه منهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

قوله : { وشروه } أي : باعوه ، { بثمن بخس } ، قال الضحاك ، ومقاتل ، والسدي : حرام لأن ثمن الحر حرام ، وسمي الحرام بخسا لأنه مبخوس البركة . وعن ابن عباس وابن مسعود : بخس أي زيوف . وقال عكرمة والشعبي : بثمن قليل . { دراهم } ، بدل من الثمن ، { معدودة } ، لأنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان أقل من أربعين درهما إنما كانوا يعدونها عدا ، فإذا بلغت أوقية وزنوها . واختلفوا في عدد تلك الدراهم : فقال ابن عباس وابن مسعود وقتادة : عشرون درهما ، فاقتسموها درهمين درهمين . وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما . وقال عكرمة : أربعون درهما .

قوله تعالى : { وكانوا } ، يعني : إخوة يوسف ، { فيه } ، أي : في يوسف { من الزاهدين } لأنهم لم يعلموا منزلته عند الله . وقيل : كانوا في الثمن من الزاهدين ، لأنهم لم يكن قصدهم تحصيل الثمن ، إنما كان قصدهم تبعيد يوسف عن أبيه . ثم انطلق مالك بن ذعر وأصحابه بيوسف ، فتبعهم إخوته يقولون : استوثقوا منه لا يأبق ، قال : فذهبوا به حتى قدموا مصر ، وعرضه مالك على البيع فاشتراه قطفير قاله ابن عباس . وقيل : إظفير صاحب أمر الملك ، وكان على خزائن مصر يسمى العزيز ، وكان الملك يومئذ بمصر ونواحيها الريان بن الوليد بن شروان من العمالقة . وقيل : إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتبع يوسف على دينه ، ثم مات ويوسف حي . قال ابن عباس رضي الله عنهما : لما دخلوا تلقى قطفير مالك بن ذعر فابتاع منه يوسف بعشرين دينارا وزوج نعل وثوبين أبيضين . وقال وهب بن منيه : قدمت السيارة بيوسف مصر فدخلوا به السوق يعرضونه للبيع ، فترافع الناس في ثمنه حتى بلغ ثمنه وزنه ذهبا ووزنه فضة ووزنه مسكا وحريرا ، وكان وزنه أربعمائة رطل ، وهو ابن ثلاث عشرة سنة فابتاعه قطفير من مالك بن ذعر بهذا الثمن .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

{ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } أي : قليل جدا ، فسره بقوله : { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }

لأنه لم يكن لهم قصد إلا تغييبه وإبعاده عن أبيه ، ولم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه ، والمعنى في هذا : أن السيارة لما وجدوه ، عزموا أن يُسِرُّوا أمره ، ويجعلوه من جملة بضائعهم التي معهم ، حتى جاءهم إخوته فزعموا أنه عبد أبق منهم ، فاشتروه منهم بذلك الثمن ، واستوثقوا منهم فيه لئلا يهرب ، والله أعلم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

وقوله : - سبحانه - { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين } بيان لما فعله السايرة بيوسف بعد أن أسروه بضاعة .

وقوله { شروه } هنا بمعنى باعوه .

والبخس : النقص ، يقال بخس فلا فلانا حقه ، إذا نقصه وعابه . وهو هنا بمعنى المبخوس .

و { دراهم } جمع درهم ، وهى بدل من { ثمن } .

و { معدود } صفة لدراهم ، وهى كناية عن كونها قليلة ، لأن الشئ القليل يسهل عده ، بخلاف الشئ الكثير ، فإنه في الغالب يوزن وزنا .

والمعنى : أن هؤلاء المسافرين بعد أن أخذوا يوسف ليجعلوه عرضا من عروض تجارتهم ، باعوه في الأسواق بثمن قليل تافه ، وهو عبارة عن دراهم معدودة ، ذكر بعضهم أنها لا تزيد على عشرين درهما .

وقوله : { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهدين } بيان لعدم حرصهم على بقائه معهم ، إذ أصل الزهد قلة الرغبة في الشئ ، تقول زهدت في هذا الشئ ، إذا كنت كارها له غير مقبل عليه .

أى : وكان هؤلاء الذين باعوه من الزاهدين في بقائه معهم ، الراغبين في التخلص منه بأقل ثمن قبل أن يظهر من يطالبهم به .

قال الآلوسى ما ملخصه : " وزهدهم فيه سببه أنهم التقطوه من الجب ، والملتقط للشئ متهاون به لا يبالى أن يبيعه بأى ثمن خوفا من أن يعرض له مستحق ينزعه منه . . "

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

ثم باعوه بثمن قليل :

( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) . . وكانوا يتعاملون في القليل من الدراهم بالعد ، وفي الكثير منها بالوزن .

( وكانوا فيه من الزاهدين ) . .

لأنهم يريدون التخلص من تهمة استرقاقه وبيعه . .

وكانت هذه نهاية المحنة الأولى في حياة النبي الكريم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

وقوله : { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } يقول تعالى : وباعه إخوته بثمن قليل ، قاله مجاهد وعِكْرِمة .

والبخس : هو النقص ، كما{[15096]} قال تعالى : { فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا } [ الجن : 13 ] أي : اعتاض عنه إخوته بثمن دُونٍ قليل ، وكانوا مع ذلك فيه من الزاهدين ، أي : ليس لهم رغبة فيه ، بل لو سألوه{[15097]} بلا شيء لأجابوا .

قال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : إن الضمير في قوله : { وَشَرَوْهُ } عائد على إخوة يوسف .

وقال قتادة : بل هو عائد على السيارة .

والأول أقوى ؛ لأن قوله : { وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } إنما أراد إخوته ، لا أولئك السيارة ؛ لأن السيارة استبشروا به وأسروه بضاعة ، ولو كانوا فيه زاهدين لما اشتروه ، فيرجح من هذا أن الضمير في { وَشَرَوْهُ } إنما هو لإخوته .

وقيل : المراد بقوله : { بَخْسٍ } الحرام . وقيل : الظلم . وهذا وإن كان كذلك ، لكن ليس هو المراد هنا ؛ لأن هذا معلوم يعرفه كل أحد أن ثمنه حرام على كل حال ، وعلى كل أحد ، لأنه نبي ابن نبي ، ابن نبي ، ابن خليل الرحمن ، فهو الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، ابن الكريم ، وإنما المراد هنا بالبخس الناقص أو الزيوف أو كلاهما ، أي : إنهم إخوته ، وقد باعوه ومع هذا بأنقص الأثمان ؛ ولهذا قال : { دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ } فعن ابن مسعود باعوه بعشرين درهما ، وكذا قال ابن عباس ، ونَوْف البَكَالي ، والسُّدِّي ، وقتادة ، وعطية العَوْفي وزاد : اقتسموها درهمين درهمين .

وقال مجاهد : اثنان وعشرون درهما .

وقال محمد بن إسحاق وعِكْرِمة : أربعون درهمًا .

وقال الضحاك في قوله : { وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ } وذلك أنهم لم يعلموا نبوته

ومنزلته عند الله عز وجل .

وقال مجاهد : لما باعوه جعلوا يتبعونهم ويقولون لهم : استوثقوا منه لا يأبق حتى وقفوه بمصر ، فقال : من يبتاعني وليبشر ؟ فاشتراه الملك ، وكان مسلمًا .


[15096]:- في ت : "وكما".
[15097]:- في أ : "لو سئلوا".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

{ وشروه } وباعوه ، وفي مرجع الضمير الوجهان أو اشتروه من إخوته . { بثمن بخس } مبخوس لزيفه أو نقصانه . { دارهم } بدل من الثمن . { معدودة } قليلة فإنهم يزنون ما بلغ الأوقية ويعدمون ما دونها . قيل كان عشرين درهما وقيل كان اثنين وعشرين درهما . { وكانوا فيه } في يوسف . { من الزّاهدين } الراغبين عنه والضمير في { وكانوا } إن كان للإخوة فظاهر وإن كان للرفقة بائعين فزهدهم فيه ، لأنهم التقطوه والملتقط للشيء متهاون به خائف من انتزاعه مستعجل في بيعه ، وإن كانوا مبتاعين فلأنهم اعتقدوا أنه آبق وفيه متعلق بالزاهدين إن جعل اللام للتعريف ، وإن جعل بمعنى الذي فهو متعلق بمحذوف بينه الزاهدين لأن متعلق الصلة لا يتقدم على الموصول .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

و { شروه } - هنا - بمعنى باعوه ، وقد يقال : شرى ، بمعنى اشترى ، ومن الأول قول يزيد بن مفرغ الحميري : [ مجزوء الكامل ]

وشريتُ برداً ليتني*** من بعد بردٍ كنتُ هامَهْ{[6614]}

برد : اسم غلام له ندم على بيعه ، والضمير يحتمل الوجهين المتقدمين ؛ و { البخس } مصدر وصف به «الثمن » وهو بمعنى النقص - وهذا أشهر معانيه - فكأنه القليل الناقص ، وهو قول الشعبي - وقال قتادة : «البخس » هنا بمعنى الظلم ، ورجحه الزجاج من حيث الحر لا يحل بيعه ، وقال الضحاك : وهو بمعنى الحرام ، وهذا أيضاً بمعنى لا يحل بيعه .

وقوله : { دراهم معدودة } عبارة عن قلة الثمن لأنها دراهم لم تبلغ أن توزن لقلتها ، وذلك أنهم كانوا لا يزنون ما دون الأوقية ، وهي أربعون درهماً ، واختلف في مبلغ ثمن يوسف عليه السلام : فقيل باعوه بعشرة دراهم ، وقال ابن مسعود : بعشرين ، وقال مجاهد : باثنين وعشرين أخذ منها إخوته درهمين درهمين {[6615]} وقال عكرمة : بأربعين درهماً دفعت ناقصة خفافاً ، فهذا كان بخسها .

وقوله : { وكانوا فيه من الزاهدين } وصف يترتب في «ورّاد » الماء ، أي كانوا لا يعرفون قدره ، فهم لذلك قليل اغتباطهم به ، لكنه أرتب في إخوة يوسف إذ حقيقة الزهد في الشيء إخراج حبه من القلب ورفضه من اليد ، وهذه كانت حال إخوة يوسف في يوسف ، وأما الورّاد فتمسكهم به وتجرهم يمانع زهدهم إلا على تجوز .

وقوله { فيه } ليست بصلة ل { الزاهدين } - قاله الزجاج وفيه نظر لأنه يقتضي وصفهم بالزهد على الإطلاق وليس قصد الآية هذا ، بل قصدها الزهد الخاص في يوسف ، والظروف يجوز فيها من التقديم ما لا يجوز في سائر الصلات ، وقد تقدم القول في عود ضمير الجماعة الذي في قوله : { وشروه } .


[6614]:البيت من شواهد أبي عبيدة في "مجاز القرآن" على أن شرى بمعنى باع، وقد رواه في تفسير الطبري: "من قبل برد" وجاء في "اللسان": وشاهد شريت بمعنى بعت قول يزيد بن مفرغ وقد باع غلامه بردا فندم بعد بيعه: شريت بردا ولولا ما تكنفني من الحوادث ما فارقته أبدا. ومثل هذا البيت قول الشماخ في رجل باع قوسه لرجل آخر: فلما شراها فاضت العين عبرة وفي الصدر حزاز من اللوم حامز يريد: فلما باع قوسه. ومعنى حامز: ممض محرق.
[6615]:أي لكل واحد منهم درهمان، فيكون المجموع اثنين وعشرين درهما.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ دَرَٰهِمَ مَعۡدُودَةٖ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّـٰهِدِينَ} (20)

معنى { شروه } باعوه . يقال : شرى كما يقال : باع ، ويقال : اشترى كما يقال : ابتاع . ومثلهما رَهن وارتهن ، وعاوض واعتاض ، وكَرى واكترى .

والأصل في ذلك وأمثاله أن الفعل للحدث والافتعال لمطاوعة الحدث .

ومن فسر { شروه } باشتروه أخطأ خطأ أوقعه فيه سوء تأويل قوله : { وكانوا فيه من الزاهدين } . وما ادّعاه بعض أهل اللغة أن شرى واشترى مترادفان في معنييهما يغلب على ظني أنه وَهَم إذ لا دليل يدل عليه .

والبخس : أصله مصدر بَخَسه إذا نقصه عن قيمة شيئه . وهو هنا بمعنى المبخوس كالخلق بمعنى المخلوق . وتقدم فعل البخس عند قوله تعالى : { ولا يَبخس منه شيئاً } في سورة البقرة ( 282 ) .

و { دراهم } بدل من { ثمن } وهي جمع درهم ، وهو المسكوك . وهو معرّب عن الفارسية كما في « صحاح الجوهري » .

وقد أغفله الذين جمعوا ما هو معرب في القرآن كالسيوطي في « الإتقان » .

و { معدودة } كناية عن كونها قليلة لأن الشيء القليل يسهل عدّه فإذا كثر صار تقديره بالوزن أو الكيل . ويقال في الكناية عن الكثرة : لا يعدّ .

وضمائر الجمع كلها للسيّارة على أصح التفاسير .

والزهادة : قلة الرغبة في حصول الشيء الذي من شأنه أن يرغب فيه ، أو قلة الرغبة في عوضه كما هنا ، أي كان السيارة غير راغبين في إغلاء ثمن يوسف عليه السّلام . ولعل سبب ذلك قلة معرفتهم بالأسعار .

وصوغ الإخبار عن زهادتهم فيه بصيغة { من الزاهدين } أشد مبالغة مما لو أخبر بكانوا فيه زاهدين ، لأن جعلهم من فريق زاهدين ينبىء بأنهم جَروا في زهدهم في أمثاله على سنَن أمثالهم البسطاء الذين لا يقدرون قدر نفائس الأمور .

و { فيه } متعلق ب { الزاهدين } و ( أل ) حرف لتعريف الجنس ، وليست اسم موصول خلافاً لأكثر النحاة الذين يجعلون ( أل ) الداخلة على الأسماء المشتقة اسم موصول ما لم يتحقق عهد وتمسكوا بعلل واهية وخالفهم الأخفش والمازني .

وتقديم المجرور على عامله للتنويه بشأن المزهود فيه ، وللتنبيه على ضعف توسمهم وبصارتهم مع الرعاية على الفاصلة .