قوله تعالى : { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } . نزلت في عبد الله بن رواحة ، كان بينه وبين ختنه على أخته ، بشير بن النعمان الأنصاري ، شيء فحلف عبد الله أن لا يدخل عليه ، ولا يكلمه ، ولا يصلح بينه وبين خصمه ، وإذا قيل له فيه قال : قد حلفت بالله أن لا أفعل ، فلا يحل لي إلا أن تبر يميني ، فأنزل الله هذه الآية . وقال ابن جريج : نزلت في أبي بكر الصديق حين حلف أن لا ينفق على مسطح حين خاض في حديث الإفك .
والعرضة : أصلها الشدة والقوة ومنه قيل للدابة التي تتخذ للسفر عرضة ، لقوتها عليه ، ثم قيل لكل ما يصلح لشيء هو ، عرضة له حتى قالوا للمرأة هي عرضة النكاح ، إذا صلحت له والعرضة كل ما يعترض فيمنع عن الشيء ومعنى الآية لا تجعلوا الحلف بالله سبباً مانعاً لكم من البر والتقوى ، يدعى أحدكم إلى صلة رحم أو بر فيقول : حلفت بالله أن لا أفعله ، فيعتل بيمينه في ترك البر .
قوله تعالى : { أن تبروا } . معناه أن لا تبروا كقوله تعالى ( يبين الله لكم أن تضلوا ) أي لئلا تضلوا .
قوله تعالى : { وتتقوا وتصلحوا بين الناس و الله سميع عليم } . أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنا زاهر بن أحمد أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف بيمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه ، وليفعل الذي هو خير " .
{ وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
المقصود من اليمين ، والقسم تعظيم المقسم به ، وتأكيد المقسم عليه ، وكان الله تعالى قد أمر بحفظ الأيمان ، وكان مقتضى ذلك حفظها في كل شيء ، ولكن الله تعالى استثنى من ذلك إذا كان البر باليمين ، يتضمن ترك ما هو أحب إليه ، فنهى عباده أن يجعلوا أيمانهم عرضة ، أي : مانعة وحائلة عن أن يبروا : أن{[140]} يفعلوا خيرا ، أو يتقوا شرا ، أو يصلحوا بين الناس ، فمن حلف على ترك واجب وجب حنثه ، وحرم إقامته على يمينه ، ومن حلف على ترك مستحب ، استحب له الحنث ، ومن حلف على فعل محرم ، وجب الحنث ، أو على فعل مكروه استحب الحنث ، وأما المباح فينبغي فيه حفظ اليمين عن الحنث .
ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة ، أنه " إذا تزاحمت المصالح ، قدم أهمها " فهنا تتميم اليمين مصلحة ، وامتثال أوامر الله في هذه الأشياء ، مصلحة أكبر من ذلك ، فقدمت لذلك .
ثم ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين فقال : { وَاللَّهُ سَمِيعٌ } أي : لجميع الأصوات { عَلِيمٌ } بالمقاصد والنيات ، ومنه سماعه لأقوال الحالفين ، وعلمه بمقاصدهم هل هي خير أم شر ، وفي ضمن ذلك التحذير من مجازاته ، وأن أعمالكم ونياتكم ، قد استقر علمها عنده .
وبعد أن بينت لنا السورة الكريمة حكم المباشرة في فترة الحيض تابعت حديثها عن شئون الأسرة فذكرت حكم الإِيلاء أي الحلف بالامتناع عن المباشرة بعد أن قدمت له بالحديث عن الحلف في ذاته . استمع إلى السورة الكريمة وهي تحكي ذلك فتقول :
{ وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ . . . }
العرضة : فعله - بضم الفاء - بمعنى مفعول كالقبضة والغرقة ، وهي اسم لكل ما يعترض الشيء فيمنع من الوصول إليه ، واشتقاقها من الشيء الذي يوضع في عرض الطريق فيصير مانعاً للناس من السلوك والمرور يقال فلان عرضة دون الخير أي حاجز عنه .
وتطلق كذلك على النصبة التي تتعرض للسهام وتكون هدفاً لها ، ومنه قولهم : فلان عرضة للناس إذا كانوا يقعون فيه ويعرضون له بالمكروه . قال الشاعر :
دعوني أنح وجداً كنوح الحمائم . . . ولا تجعلوني عرضة للوائم
يريد اتركوني أنح من الشوق ولا تجعلوني معرضاً للوم الوائم .
والأيمان : جمع يمين وتطلق بمعنى الحلف والقسم ، واصل ذلك أن العرب كانوا إذا أرادوا توثيق عهودهم بالقسم يقسمونه وضع كل واحد من المتعاهدين يمينه في يمين صاحبه ، و " تبروا " من البر وهو الأمر المستحسن شرعا .
والمعنى على الوجه الأول : لا تجعلوا الحلف بالله - أيها المؤمنون - حاجزاً ومانعاً عن البر والتقوى والإِصلاح بين الناس ، وذلك أن بعض الناس كان إذا دعى إلى فعل الخير وهو لا يريد أن يفعله يقول : حلفت بالله ألا أفعله فنهاهم الله - تعالى - عن سلوك هذا الطريق .
وهذا المعنى هو الذي رجحه كثير من المفسرين لأنه هو المناسب لما يجئ بعد ذلك من قوله - تعالى - : { لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } ووجه المناسبة أن الله - تعالى - يكره للمؤمن أن يجعل الحلف به مانعاً من رجوعه إلى أهله ؛ ولأن هناك أحاديث كثيرة تحض من حلف على ترك أمر من أمور الخير أن يكفر عن يمينه وأن يأتي الأمر الذي فيه خير ، ومن هذه الأحاديث ما جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني والله إن شاء الله ، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت الذي هو خير وتحلللتها " .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير " .
وشبيه بهذه الآية في النهي عن الحلف على ترك فعل الخير قوله - تعالى - في شأن سيدنا أبي بكر عندما أقسم ألا ينفق على قريبه الذي خاض في شأن ابنته عائشة { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ الفضل مِنكُمْ والسعة أَن يؤتوا أُوْلِي القربى والمساكين والمهاجرين فِي سَبِيلِ الله وَلْيَعْفُواْ وليصفحوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ الله لَكُمْ } فالآية على هذا الوجه تنهى المؤمن عن المحافظة على اليمين إذا كانت هذه اليمين ما نعة من فعل الخير .
واللام في قوله : { لأَيْمَانِكُمْ } متعلق بعرضة ، وقوله { أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ } مفعول لأجله أي : لا تجعلوا الحلف بالله سبباً في الامتناع عن عمل البر والتقوى والإِصلاح بين الناس .
والمعنى على أن عرضة بمعنى النصبة التي تتعرض للسهام : لا تجعلوا - أيها المؤمنون - اسم الله - تعالى - هدفاً لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به في كل حق وباطل ، وذلك لأجل البر والتقوى والإِصلاح بين الناس ، فإن من شأن الذي يكثر الحلف أن تقل ثقة الناس به وبأيمانه ، وقد ذم الله - تعالى - من يكثر الحلف بقوله { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } وأمر بحفظ الأيمان فقال : { واحفظوا أَيْمَانَكُمْ } قال الإِمام الرازي : والحكمة في الأمر بتقليل الأيمان ، أن من حلف في كل قليل وكثير بالله انطلق لسانه بذلك ، ولا يبقى لليمين في قلبه وقع ، فلا يؤمن إقدامه على اليمين الكاذبة ، فيختل ما هو الغرض الأصلي في اليمين ، وأيضاً كلما كان الإِنسان أكثر تعظيما لله . كان أكمل في العبودية ، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر الله - تعالى - أجل وأعلاه عنده من أن يستشهد به في غرض دنيوي ، وأما قوله بعد ذلك { أَن تَبَرُّواْ } فهو علة لهذا النهي . أي : إرادة أن تبروا والمعنى إنما نهيتم عن هذا - أي عن الإِكثار من الحلف - لما أن توقى ذلك من البر والتقوى والإِصلاح ، فتكونون يا معشر المؤمنين بسبب عدم إكثاركم من الأيمان - بررة أتقياء مصلحين " .
وهذا الوجه أيضاً استحسنه كثير من العلماء ، ولا تنافى بينهما ؛ لأن الله - تعالى - ينهانا عن أن نجعل القسم به مانعاً من فعل الخير ، كما ينهانا في الوقت نفسه عن أن نكثر من الحلف به في عظيم الأمور وحقيرها .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : { الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } أي : سميع لأقوالكم وأيمانكم عند النطق بها عليم بأحوالكم ونياتكم فحافظوا على أمركم به ، وانتهوا عما نهاكم لتنالوا رضاه ومثوبته .
ثم ينتقل السياق من الحديث عن حكم المباشرة في فترة الحيض ، إلى الحديث عن حكم الإيلاء . . أي الحلف بالهجران والامتناع عن المباشرة . . وبهذه المناسبة يلم بالحلف ذاته فيجعل الحديث عنه مقدمة للحديث عن الإيلاء .
( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس ، والله سميع عليم ، لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ، ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ، والله غفور حليم . للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر . فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم ، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم ) . .
التفسير المروي في قوله تعالى : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم . . )عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لا تجعلن عرضة يمينك ألا تصنع الخير ، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير . وكذا قال مسروق والشعبي وإبراهيم النخعي ومجاهد وطاووس وسعيد بن جبير وعطاء وعكرمة ومكحول والزهري والحسن وقتادة ومقاتل بن حيان والربيع بن أنس والضحاك وعطاء الخراساني والسدي - رحمهم الله - كما نقل ابن كثير .
ومما يستشهد به لهذا التفسير ما رواه مسلم - بإسناده - عن أبي هريرة أن رسول الله [ ص ] قال : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه ، وليفعل الذي هو خير " . . وما رواه البخاري - بإسناده - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله [ ص ] : " والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه " . .
وعلى هذا يكون معناها : لا تجعلوا الحلف بالله مانعا لكم من عمل البر والتقوى والإصلاح بين الناس . فإذا حلفتم ألا تفعلوا ، فكفروا عن إيمانكم وأتوا الخير . فتحقيق البر والتقوى والإصلاح أولى من المحافظة على اليمين .
وذلك كالذي وقع من أبي بكر - رضي الله عنه - حين أقسم لا يبر مسطحا قريبه الذي شارك في حادثة الإفك - فأنزل الله الآية التي في سورة النور : ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله ، وليعفوا وليصفحوا . ألا تحبون أن يغفر الله لكم ؟ . . فرجع أبو بكر عن يمينه وكفر عنها .
قال مالك: بلغني أنه الحلف بالله في كل شيء.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"وَلا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لأيمَانِكُمْ"؛ فقال بعضهم: معناه: ولا تجعلوه علة لأيمانكم، وذلك إذا سئل أحدكم الشيء من الخير والإصلاح بين الناس، قال: عليّ يمين بالله ألا فعل ذلك، أو قد حلفت بالله أن لا أفعله. فيعتلّ في تركه فعل الخير والإصلاح بين الناس بالحلف بالله... عن ابن عباس في قوله: "وَلا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لأيمَانِكُمْ أنْ تَبَرّوا وَتَتّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النّاسِ "قال: هو أن يحلف الرجل أن لا يكلم قرابته ولا يتصدّق، أو يكون بينه وبين إنسان مغاضبة، فيحلف لا يصلح بينهما ويقول: قد حلفت، قال: يكفر عن يمينه، وَلا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لأيمَانِكُمْ.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تعترضوا بالحلف بالله في كلامكم فيما بينكم، فتجعلوا ذلك حجة لأنفسكم في ترك فعل الخير... عن ابن عباس قوله: "وَلا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لأيمَانِكُمْ "يقول: لا تجعلني عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير.
وأولى التأويلين بالآية تأويل من قال: معنى ذلك لا تجعلوا الحلف بالله حجة لكم في ترك فعل الخير فيما بينكم وبين الله وبين الناس. وذلك أن العرضة في كلام العرب: القوّة والشدة، يقال منه: هذا الأمر عرضة له، يعني بذلك: قوّة لك على أسبابك، ويقال: فلانة عرضة للنكاح: أي قوّة
فمعنى قوله تعالى ذكره: "وَلا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لأيمَانِكُمْ" إذا: لا تجعلوا الله قوة لأيمانكم في أن لا تبرّوا، ولا تتقوا، ولا تصلحوا بين الناس، ولكن إذا حلف أحدكم فرأى الذي هو خير مما حلف عليه من ترك البرّ والإصلاح بين الناس فليحنث في يمينه، وليبرّ، وليتق الله، وليصلح بين الناس، وليكفر عن يمينه. "أنْ تَبَرّوا"؛ اختلف في تأويل البرّ الذي عناه الله تعالى ذكره؛ فقال بعضهم: هو فعل الخير كله. وقال آخرون: هو البرّ بذي رحمه، وقد ذكرت قائلي ذلك فيما مضى.
وأولى ذلك بالصواب قول من قال: عنى به فعل الخير كله، وذلك أن أفعال الخير كلها من البرّ. ولم يخصص الله في قوله أنْ تَبَرّوا معنى دون معنى من معاني البرّ، فهو على عمومه، والبرّ بذوي القرابة أحد معاني البرّ.
"وَتَتّقُوا": أن تتقوا ربكم فتحذروه وتحذروا عقابه في فرائضه وحدوده أن تضيعوها أو تتعدوها.
وقال آخرون: عن ابن عباس في قوله: "أنْ تَبَرّوا وَتَتّقُوا" قال: كان الرجل يحلف على الشيء من البرّ والتقوى لا يفعله، فنهى الله عزّ وجلّ عن ذلك، فقال: "وَلا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضَةً لأيمَانِكُمْ أنْ تَبَرّوا وَتَتّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النّاسِ" الآية، قال: ويقال: لا يتق بعضكم بعضا بي، تحلفون بي وأنتم كاذبون ليصدقكم الناس وتصلحون بينهم، فذلك قوله: أنْ تَبَرّوا وَتَتّقُوا... الآية.
"وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النّاسِ": فهو الإصلاح بينهم بالمعروف فيما لا مأثم فيه، وفيما يحبه الله دون ما يكرهه.
وأما الذي ذكرنا عن السدي من أن هذه الآية نزلت قبل نزول كفارات الأيمان، فقول لا دلالة عليه من كتاب ولا سنة، والخبر عما كان لا تدرك صحته إلا بخبر صادق، وإلا كان دعوى لا يتعذر مثلها وخلافها على أحد. وغير محال أن تكون هذه الآية نزلت بعد بيان كفارات الأيمان في سورة المائدة، واكتفي بذكرها هناك عن إعادتها ههنا، إذ كان المخاطبون بهذه الآية قد علموا الواجب من الكفارات في الأيمان التي يحنث فيها الحالف.
"وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ": والله سميع لما يقوله الحالف منكم بالله إذا حلف، فقال: والله لا أبرّ، ولا أتقي، ولا أصلح بين الناس، ولغير ذلك من قيلكم وأيمانكم، عليم بما تقصدون وتبتغون بحلفكم ذلك، الخير تريدون أم غيره، لأني علام الغيوب وما تضمره الصدور، لا تخفى عليّ خافية، ولا ينكتم عني أمر عُلن، فظهر أو خفي فبطن، وهذا من الله تعالى ذكره تهدد ووعيد. يقول تعالى ذكره: واتقون أيها الناس أن تظهروا بألسنتكم من القول، أو بأبدانكم من الفعل، ما نهيتكم عنه، أو تضمروا في أنفسكم، وتعزموا بقلوبكم من الإرادات والنيات فعل ما زجرتكم عنه، فتستحقوا بذلك مني العقوبة التي قد عرفتكموها، فإني مطلع على جميع ما تعلنونه أو تسرّونه.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
نزهوا ذكْرَ ربكم عن ابتذاله بأي حظ من الحظوظ. ويقال لا تجعلوا ذكر الله شَركاً يُصْطَاد به حطام الدنيا...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
العرضة: اسم ما تعرضه دون الشيء من عرض العود على الإناء فيعترض دونه ويصير حاجزاً ومانعاً منه. تقول: فلان عرضة دون الخير. والعرضة أيضاً: المعرض للأمر.
{وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأيمانكم} أي حاجزاً لما حلفتم عليه. وسمي المحلوف عليه يميناً لتلبسه باليمين، وقوله: {أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ} عطف بيان لأيمانكم، أي للأمور المحلوف عليها التي هي البر والتقوى والإصلاح بين الناس.
فإن قلت: بم تعلقت اللام في لأيمانكم؟ قلت: بالفعل، أي ولا تجعلوا الله لأيمانكم برزخاً وحجازاً. ويجوز أن يتعلق ب {عُرْضَةً} لما فيها من معنى الاعتراض، بمعنى لا تجعلوه شيئاً يعترض البر، من اعترضني كذا. ويجوز أن يكون اللام للتعليل، ويتعلق أن تبروا بالفعل أو بالعرضة، أي ولا تجعلوا الله لأجل أيمانكم به عرضة لأن تبروا. ومعناها على الأخرى: ولا تجعلوا الله معرضاً لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به، ولذلك ذم من أنزل فيه {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ} [القلم: 10] بأشنع المذامّ وجعل الحلاف مقدّمتها.
وأن (تبروا) علة للنهي، أي إرادة أن تبروا وتتقوا وتصلحوا، لأن الحلاف مجترئ على الله، غير معظم له، فلا يكون براً متقياً، ولا يثق به الناس فلا يدخلونه في وساطاتهم وإصلاح ذات بينهم.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
واليمين: الحَلِف، وأصله أن العرب كانت إذا تحالفت أو تعاهدت أخذ الرجل يمين صاحبه بيمينه، ثم كثر ذلك حتى سمي الحلف والعهد نفسه يميناً.
أحكام القرآن لابن العربي 543 هـ :
فِي شَرْحِ الْعُرْضَةِ: اعْلَمُوا وَفَّقَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَن (ع ر ض) فِي كَلَامِ الْعَرَبِ يَتَصَرَّفُ عَلَى مَعَانٍ، مَرْجِعُهَا إلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اعْتَرَضَ فَقَدْ مَنَعَ، وَيُقَالُ لِمَا عَرَضَ فِي السَّمَاءِ مِن السَّحَابِ عَارِضٌ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ رُؤْيَتِهَا، وَمِنْ رُؤْيَةِ الْبَدْرَيْنِ وَالْكَوَاكِبِ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا عُرْضَةٌ لَك؛ أَيْ عُدَّةٌ تَبْتَذِلُهُ فِي كُلِّ مَا يَعِنُّ لَك. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: «فهذي لِأَيَّامِ الْحُرُوبِ، وَهَذِهِ لِلْهَوَى، وَهَذِهِ عُرْضَةٌ لِارْتِحَالِنَا».
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما أذن في إتيان النساء في محل الحرث كيف ما اتفق ومنع مما سوى ذلك ومنع من محل الحرث في حال الحيض، بين حكم ما إذا منع الإنسان نفسه من ذلك بالإيلاء أو بمطلق اليمين ولو على غير سبيل الإيلاء لأنه نقل عن كثير منهم شدة الميل إلى النكاح فكان يخشى المواقعة في حال المنع فتحمله شدة الورع على أن يمنع نفسه بمانع مظاهرة كما بين في سورة المجادلة أو غيرها من الأيمان فمنعهم من ذلك بقوله تعالى عادلاً عن خطاب نبيه صلى الله عليه وسلم تعظيماً لمقامه: {ولا تجعلوا الله} أي الذي لا شيء يداني جلاله وعظمته وكماله {عرضة} أي معرضاً {لأيمانكم} فيكون في موضع ما يمتهن ويبتذل فإن ذلك إذا طال حمل على الاجتراء على الكذب فجر إلى أقبح الأشياء.
قال الحرالي: والعرضة ذكر الشيء وأخذه على غير قصد له ولا صمد نحوه بل له صمد غيره {أن} أي لأجل أن {تبروا} في أموال اليتامى وغيرها مما تقدم الأمر به أو النهي عنه {وتتقوا} أي تحملكم أيمانكم على البر وهو الاتساع في كل خلق جميل والتقوى وهي التوغل في خوف الله سبحانه وتعالى {وتصلحوا بين الناس} فتجعلوا الأيمان لكم ديدناً فتحلفون تارة أن تفعلوا وتارة أن لا تفعلوا لإلزام أنفسكم بتلك الأشياء فإن من لا ينقاد إلى الخير إلا بقائد من يمين أو غيرها ليس بصادق العزيمة، وفي الأمثال: فرس لا تجري إلا بمهماز بئس الفرس.
ولما أرشد السياق والعطف على غير مذكور إلى أن التقدير: فالله جليل عظيم عطف عليه قوله: {والله} أي بما له من العز والعظمة {سميع} لجميع ما يكون من ذلك وغيره {عليم} بما أسر منه وما أعلن، فاحذروه في جميع ما يأمركم به و ينهاكم عنه، ويجوز أن يكون الجملة حالاً من واو {تجعلوا} فلا يكون هناك مقدر ويكون الإظهار موضع الإضمار لتعظيم المقام...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
دلت الآية على معنى عظيم وهو أن تعظيم الله لا ينبغي أن يجعل وسيلة لتعطيل ما يحبه الله من الخير، فإن المحافظة على البر في اليمين ترجع إلى تعظيم اسم الله تعالى، وتصديق الشهادة به على الفعل المحلوف عليه، وهذا وإن كان مقصداً جليلاً يُشكر عليه الحالف الطالب للبر؛ لكن التوسل به لقطع الخيرات مما لا يرضَى به الله تعالى، فقد تعارض أمران مرضيان لله تعالى إذا حصل أحدهما لم يحصل الآخر. والله يأمرنا أن نقدم أحد الأمرين المرضيين له، وهو ما فيه تعظيمه بطلب إرضائه، مع نفع خلقه بالبر والتقوى والإصلاح، دون الأمر الذي فيه إرضاؤه بتعظيم اسمه فقط، إذ قد علم الله تعالى أن تعظيم اسمه قد حصل عند تحرج الحالف من الحنث، فبِر اليمينِ أدبٌ مع اسم الله تعالى، والإتيانُ بالأعمال الصالحة مرضاة لله؛ فأمَرَ الله بتقديم مرضاته على الأدب مع اسمه، كما قيل: الامتثالُ مقدَّم على الأدب. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم « إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفّرت عن يميني وفعلتُ الذي هو خير» ولأجل ذلك لما أقسم أيوب أن يضرب امرأته مائة جلدة، أمره الله أن يأخذ ضغثاً من مائة عصا فيضربها به، وقد علم الله أن هذا غيرُ مقصد أيوب؛ ولكن لما لم يرض الله من أيوب أن يضرب امرأته نهاه عن ذلك، وأمره بالتحلل محافظة على حرص أيوب على البر في يمينه، وكراهته أن يتخلف منه معتاده في تعظيم اسم ربه، فهذا وجه من التحلة، أفتى الله به نبيه. ولعل الكفّارة لم تكن مشروعة فهي من يسر الإسلام وسماحته، فقد كفانا الله ذلك إذ شرع لنا تحلّة اليمين بالكفّارة؛ ولذلك صار لا يجزئ في الإسلام أن يفعل الحالف مثل ما فعل أيوب.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
كلام الله سبحانه وتعالى من قوله: {و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} (البقرة 221) في الأسرة وبيان أسس التلاؤم بين ركنيها ودعامتها، وهي الدين والأخلاق، لا المال ولا الجاه ولا الجمال، فإن تلك أمور قد تكون عند التفاضل بعد تحقق الأصل وهو التدين والخلق، فلا ينظر إلى هذه الأمور إلا بعد تأكد هذين الأصلين. و قد بين سبحانه بعد ذلك شيئا من العشرة الزوجية يتصل بالعلاقة الفطرية بين الزوجين، وفي هذه الآيات ذكر الأمر الذي يتصل بظلم الرجل لزوجه فيما يتصل بتلك العلاقة، وذلك بأن يمتنع عما يتقاضاه الطبع مضارة لها، وقد يكون له زوج أخرى يشبع عندها حاجته الفطرية، ويترك هذه كالمعلقة، لا هي زوج تأنس الحياة الزوجية، ولا هي مطلقة تأنس بأهلها ولا تذوق مضاضة الظلم والحرمان مما أحله الله، وقد يوثق ذلك بيمين يحلفها، ويتوهم أن من الخير البر بهذه اليمين، وأن يترك زوجه تأكلها الغيرة، وتكتوي بلوعة الظلم والأذى والمكايدة، وتستوحش بتلك النفرة المستحكمة. و لقد بين سبحانه وتعالى الأمر، ووثق البيان، فنهى عن الأيمان إن حلف وكان الاستمرار بالحلف على البر باليمين ظلما، وذكر العقوبة الرادعة لمن يعمد إلى مكايدة أهله، والإساءة إليها والإضرار بها إن استمر في غيه ولم يسلك الطريق الذي بينه رب العالمين للخروج من تبعة اليمين، وهو تحلتها، وهي الكفارة.
و في بيان الأمر الأول قال سبحانه وتعالى: {و لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس} {و الله سميع عليم} ذيل الله سبحانه وتعالت كلماته الآية الكريمة بهذه الجملة السامية للإشارة إلى أنه سميع لأيمانهم عند النطق بها وتوثيقهم القول بها،عليم بالدوافع إليها، والبواعث التي بعثت عليها، والنتائج التي تتأدى إليها، وإنه تقدست ذاته، وتعالت صفاته، يغفر لهم أيمانهم بالحنث ثم الكفارة في نظير الخير العميم والنفع العظيم، ومنع الضرر والضرار بالأهل، والبر بذوي الأرحام،
ثم ذلك التذييل الكريم لا يخلو من إنذار بغضب الرحمان الرحيم إن أصروا على ما هم عليه ولم يثوبوا إلى رشدهم ويتخذوا تحلة أيمانهم طريقا للعودة إلى البر.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّه عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ}. أي: لا تندفعوا أيها المؤمنون في هذا الأسلوب اللاإنساني المغلّف بغلاف إيماني، كما لو كان إيمانكم باللّه الذي لا بُدَّ من أن يطلّ بكم على الخير والبر والإصلاح بين النّاس، حركة في الكلمة التي تؤدي إلى حركةٍ سلبيةٍ في الواقع، فتلجؤون إلى الحلف باللّه، تقدّمونها أمامكم لتتخذوها حاجزاً بينكم وبين الانطلاق مع البرّ في الحياة، والتقوى في الموقف، والإصلاح بين النّاس؛ في حاجة الحياة إليكم في عملية الانفتاح على النّاس والالتزام بالخطّ، وحل المشاكل … لتجعلوا حلفكم باللّه حجّة لكم على هذه السلبية، ليقول بعضكم لبعض: إنني لا أملك الدخول في عملية السلام الاجتماعي، أو في تقديم الخير لهذا أو ذاك، أو الالتزام بهذا الخطّ أو ذاك؛ لأني حلفت باللّه على الامتناع عن ذلك، ولليمين قدسيتها، لأنها تمثّل قدسية الإيمان باللّه، الذي يعني الحلف باسمه أن يكون الشاهد علينا في التزاماتنا بما نفعل أو نترك أو نتخذ من مواقف وعلاقات. إنَّ مثل هذا الفهم الخاطئ لليمين في خطّ الإيمان، يمثّل خطورة كبرى على حركة الإنسان في مقدساته، لأنه يهدم القيم الإنسانية والروحية التي يحبّها اللّه باسم اللّه. وهذا هو الإخلال بالتوازن في حركة الإنسان والإيمان. إنَّ اللّه لا يريدكم أن تحوّلوا اسمه إلى كلمة مبتذلة تكررونها في تغطية العقد النفسية، والأحقاد الذاتية، والمشاعر السلبية، والانحرافات العاطفية... ليكون حجّة لكم ومانعاً عن {أَن تَبَرُّواْ} بما يمثّله البرّ في معنى الخير في داخل الذات وفي خدمة الإنسان والحياة، {وَتَتَّقُواْ} اللّه بالسير على منهاجه في تأكيد القيم الروحية والأخلاقية التي تمنح الأرض، في إنسانها، انضباطاً وتوازناً وقوّة في حساب المسؤولية، {وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النّاس} عندما يختلفون أو يتنازعون أو يتحاربون؛ فإنَّ الإصلاح يمثّل عمق الصلابة في ثبات الواقع الإنساني، وابتعاده عن الضياع والاهتزاز.
لا تجعلوا اسم اللّه يعترض هذه القيم الأخلاقية، لتمنعوها من الانطلاق، ليكون حاجزاً بينكم وبين تأكيدها في حياتكم. ولا تبتذلوا اسمه بالحلف الكثير، فإذا دعيتم لمثل هذه الأمور، بادرتم بفعل العادة أو السرعة الانفعالية إلى الحلف، الذي يوحي بالابتعاد عن حركة هذه القيم في حياة النّاس. فإنَّ اللّه هو إله البِر، وربّ التقوى، الذي يوحي لرسله ولعباده بالإصلاح بين النّاس، فكيف تجعلون اسمه ضدّ ذلك كلّه؟ وكيف تغفلون عنه وتتحدّثون في ما بينكم بمختلف الأمور والأساليب من دون الالتفات إليه؟!
{وَاللَّهُ سَمِيعٌ} يسمع كلّ ما تتكلّمون به، وما تهمسون به حتى وساوس النفس في هينمات الشعور، {عَلِيمٌ} يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. فكيف لا يعلم حواراتكم وكلماتكم أيها المؤمنون؟! وهذا يفرض عليكم أن تستحضروا رقابة اللّه في كلّ ما تفيضون فيه من كلمات وأفكار، مما لا يتناسب مع الخطّ الإلهي في ما يريد للإنسان أن يفعله أو يتركه، حتى ينضبط الإنسان في وسائل التعبير ومنطلقات الفكر، فلا يبتعد عن مواقع رضى اللّه في حياته العامة والخاصة.
وقد نستطيع أن نفهم من هذه الآية دور اليمين في الإسلام؛ فإنَّ اليمين تعني التزام الإنسان بفعل شيء وتركه من خلال إدخال اللّه كعنصر شاهد ومؤكد على صدق هذا الالتزام وعلى توثيقه... وبذلك يستمد الحالف من قداسة اسم اللّه المبرر والحجة على تأكيد موقفه في الالتزام العملي بالحلف، في ما إذا طلب منه التراجع عنه. وهذا ما درج عليه النّاس في حالات الانفعال الشديد، حيث نراهم يحلفون باللّه على ترك كثير من الأشياء التي لا يحسن بهم تركها، أو يحلفون به على فعل بعض الأشياء التي لا ينبغي لهم فعلها؛ فيبتعدون بذلك عن خطّ البرّ والتقوى والإصلاح بين النّاس في ما إذا تعلّق الحلف ببعض الأمور التي تبتعد عن هذه الخطوط...
وقد شدّدت الآية على رفض ذلك، فلا يجوز للإنسان أن يتلاعب باسم اللّه ويبتذله ويتخذه حجّة في ما لا يرضي اللّه. فلا قداسة لأي يمين لا يجد الإنسان صلاحاً فيه باسم قداسة اسم اللّه، لأنَّ تقديس اللّه الحقيقي لا يتحقّق إلاَّ بامتثال أوامره ونواهيه في ما يصلح به أمر الحياة والإنسان. فلا يمكن أن يلزم اللّه الإنسان بالسير على يمين تضاد أمر اللّه ونهيه في ما يحبّه أو يبغضه...
ومن خلال ذلك، يتحدّد دور اليمين، ليتمثّل في الحالات التي يريد الإنسان أن يلزم نفسه بفعل طاعةٍ أو ترك معصية أو عادة سيئة، أو الدخول في شأن من شؤون الدنيا التي لا تنفعه في إيمانه ولا في حياته... ففي مثل هذه الحالات، يتحوّل اليمين إلى عنصر يدعم الإرادة ويقويها وينميها، من خلال ما يمثّله من الالتزام بالشيء على أساس اسم اللّه، في ما يمثّله هذا الاسم من قداسة وعظمة واحترام... فيجتمع للإنسان، من خلال يمينه، شيئان؛
أحدهما: قداسة المضمون، باعتباره شيئاً يريد اللّه فعله أو يريد تركه في ذاته.
ثانيهما: قداسة الالتزام، باعتبار ارتباطه باسم اللّه؛ وبذلك يتحوّل اليمين إلى عنصر تربوي ضاغط يستفيد منه الإنسان في دنياه وفي آخرته.