الحكم التاسع : { ولا تجعلوا الله عُرضة لأيمانكم } وهو نهي عن الجراءة على الله بكثرة الحلف ، فإن من أكثر ذكر شيء في معنى من المعاني فقد جعله عرضة أي معرضاً له قال : فلا تجعلوني عرضة للوائم . وقد ذم الله تعالى من أكثر الحلف بقوله
{ ولا تطع كل حلاف مهين } [ القلم : 10 ] والحكمة فيه أن من حلف في كل قليل وكثير بالله انطلق لسانه بذلك فلا يؤمن إقدامه على الأيمان الكاذبة . وأيضاً كلما كان الإنسان أكثر تعظيماً لله كان أكمل في العبودية ، ومن كمال التعظيم أن يكون ذكر الله تعالى أجل وأعلى عنده من أن يبتذله ويستشهد به في غرض من الأغراض الدنيوية . وقوله { أن تبرّوا } علة النهي اي إرادة أن تبروا وتتقوا وتصلّحوا بين الناس لأن الخلاف مجترئ على الله غير معظم له فلا يكون براً متقياً ، فإذا ترك الحلف لاعتقاده أن الله أعظم وأجل من أن يستشهد باسمه العظيم في مطالب الدنيا اعتقد الناس في صدق لهجته وبعده من الأغراض الفاسدة فعدوه براً متخذاً من الإخلال بواجب حق الله فيدخلونه في وساطاتهم وإصلاح ذات بينهم . ومعنى آخر وهو أن تكون العرضة " فعلة " بمعنى " مفعول " كالقبضة والغرفة فيكون اسماً للشيء الذي يوضع في عرض الطريق فيصير مانع الناس من السلوك ، ومنه " عرض العود على الإناء " وتقول " فلان عرضة دون الخير " . وذلك أن الرجل كان يحلف على بعض الخيرات من صلة لرحم أو إصلاح أو إحسان أو عبادة ثم يقول : أخاف الله أن أحنث في يميني . فيترك البر إرادة البر في يمينه فقيل : { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } أي حاجزاً لما حلفتم عليه . وسمي المحلوف عليه يميناً لتلبسه باليمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمان بن سمرة : " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك " أي على شيء مما يحلف عليه . فيكون قوله { أن تبروا } عطف بيان { لأيمانكم } أي للأمور المحلوف عليها التي هي البر والتقوى أو الإصلاح بين الناس ، وعلى هذا فاللام في { لأيمانكم } إما أن تتعلق بالفعل أي ولا تجعلوا الله لأيمانكم برزخاً وحاجزاً ، وإما أن تعلق ب { عرضة } لما فيها من معنى الاعتراض بمعنى لا تجعلوا شيئاً يعترض البر . ويجوز أن تكون اللام للتعليل ويتعلق { أن تبروا } بالعرضة أي لا تجعلوا الله لأجل أيمانكم به عرضة لأن تبروا { والله سميع } إن حلفتم به { عليم } بنياتكم إن تركتم الحلف إجلالاً لذكره ، واليمين في الأصل عبارة عن القوة فسمي الحلف بذلك لأن المقصود بها تقوية جانب البر على جانب الحنث .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.