الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَا تَجۡعَلُواْ ٱللَّهَ عُرۡضَةٗ لِّأَيۡمَٰنِكُمۡ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصۡلِحُواْ بَيۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (224)

قوله : ( وَلاَ تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمُ ) الآية [ 222 ] .

معناه : أن يقول الرجل إذا سئل في خير أو صلاح : عَليَّ يمين أن لا أفعل . فيجعل اليمين علة لترك فعل الخير . فأمرهم الله بأن( {[7240]} ) يبروا أيمانهم ويتقوه في فعل الخير ويصلحوا بين الناس ، قاله طاوس وغيره( {[7241]} ) .

وقال ابن عباس : " هو الرجل يحلف ألا يكلم قرابته ، ولا يتصدق عليهم ، أو يكون بينه وبين رجل مغاضبة فيحلف ألا يصلح بينه وبين خصمه ، فأمر أن يُكفِّر ويفعل ما حلف عليه " ( {[7242]} ) .

وقال الضحاك : " هو الرجل يُحَرِّمُ ما أحل الله له على نفسه ويحلف ، فأمره الله أن يكفِّر ويأتي الحلال " ( {[7243]} ) .

وقال السدي : " ( عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمُ ) : هو أن يعرض بينك وبين الرجل أمر فتحلف ألا تكلمه/ولا تصله " ( {[7244]} ) .

وقال مالك : " بلغني أنه يحلف بالله في كل شيء( {[7245]} ) .

قال ابن عباس : " معناه لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن لا تصنعوا الخير ، ولكن كفِّروا أيمانكم واصنعوا الخير " ( {[7246]} ) .

وقوله : ( أَن تَبَرُّوا ) [ 222 ] هو الرجل يحلف ألا يبر رحمه .

ثم قال : ( وَتُصْلِحُوا ) هو الرجل يحلف ألا يصلح بين اثنين( {[7247]} )/إذا عصياه( {[7248]} ) ، غضباً عليهما في مخالفته ، فأمر أن يكفر ويأتي ما حلف عليه .

وجامع القول في هذا ما روي عن ابن عباس أنه قال : " هو الرجل يحلف على شيء من الخير والبر ألا يفعله ، فأمر أن يفعل ويكفّر " ( {[7249]} ) .

وقالت عائشة رضي الله عنها : " لا تحلفوا بالله( {[7250]} ) وإن بررتم " ( {[7251]} ) .

وقال ابن جريج : " نزلت الآية في أمر أبي بكر حيث حلف ألا يتصدق على مسطح( {[7252]} ) ولا يعطيه شيئاً " ( {[7253]} ) .

والعرضة في كلام العرب القوة والشدة ؛ يقال : " هذا الأمر عرضة لك " أي قوة لك على أسبابك( {[7254]} ) . فمعناه على هذا : لا تجعلوا يمينكم قوة لكم في ترك فعل الخير( {[7255]} ) .

وقال السدي : " نزلت هذه الآية قبل نزول الكفارات " ( {[7256]} ) .

وقال غيره : " نزلت بعد نزولها " .


[7240]:- في ق، ع3: أن.
[7241]:- انظر: تفسير الغريب 85، وجامع البيان 4/418. وقوله: "قاله طاوس وغيره" ساقط من ع2، ع3.
[7242]:- انظر: جامع البيان 4/420، والدر المنثور 1/642.
[7243]:- انظر: جامع البيان 4/421.
[7244]:- انظر: المصدر السابق.
[7245]:- انظر: تفسير القرطبي 3/97.
[7246]:- انظر: جامع البيان 4/422، وهو أيضاً قول الفراء في معانيه 1/144.
[7247]:- في ق: أتين، وهو تحريف.
[7248]:- في ق: غضباه، وهو تصحيف.
[7249]:- انظر: جامع البيان 4/422.
[7250]:- سقط لفظ الجلالة "الله" من ع2، ق، ع3.
[7251]:- انظر: جامع البيان 4/323.
[7252]:- في ق: مصطلح، وهو تحريف. وهو عوف بن أثاثة بن عبادين المطلب اشتهر بلقبه "مسطح"، شهد المشاهد كلها، نزل الكوفة. (ت34هـ) بالمدينة. انظر: طبقات ابن خياط 9.
[7253]:- انظر: المحرر الوجيز 2/185، وتفسير القرطبي 3/97. ولباب النقول 44.
[7254]:- انظر: مفردات الراغب 341-342، واللسان 2/742.
[7255]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 4/424-425، وتفسير القرطبي 3/98.
[7256]:- انظر: جامع البيان 4/421.