ثم قال عز وجل : { وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأيمانكم } ، أي علة . وأصل العرضة في اللغة : هو الاعتراض ، فكأنه يعترض باليمين في كل وقت ، فيكون كناية عن العلة . وقيل : العرضة أن يحلف الرجل في كل شيء ، فمُنِعوا من ذلك . { أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ } ، يعني لكي تبروا وتتقوا ، لأنهم إذا أكثروا اليمين لم يبروا . وبهذا أمر أهل الإيمان . وقال الفراء : { وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً } . الحلف بالله متعرضاً ، أي مانعاً لكم دون البر . والمعترض بين الشيئين : المانع . وقال القتبي : لا تجعلوا الله بالحلف مانعاً لكم { أن تبروا وتتقوا } ، ولكن إذا حلفتم على أن لا تصلوا رحماً ، ولا تتصدقوا ، ولا تصلحوا ، أو على شبه ذلك من أبواب البر ، فكفِّروا اليمين . وقال الكلبي : هذه الآية نزلت في عبد الله بن رواحة الأنصاري . حين حلف أن لا يدخل على ختنه بشير بن النعمان ولا يكلمه ، فجعل يقول : قد حلفت بالله أن لا أفعل ، ولا يحل لي أن لا أبر في يميني . فنزل قوله تعالى : { وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأيمانكم } .
يقول : علة لأيمانكم { أَن تَبَرُّواْ } ، يعني تصلوا قرابتكم ، وتتقوا اليمين في المعصية ، وترجعوا إلى ما هو خير لكم منها ؛ { وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ الناس } ، أي بين إخوانكم . وروي عن عكرمة ، عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول : لا تحلفوا أن لا تبرُّوا وتتقوا وتصلحوا بين الناس . { والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ } فمن حلف على شيء منه ، فعلى الذي حلف عليه أن يفعل ويكفِّر عن يمينه . وقال الزجاج : معنى الآية بأنهم كانوا يقبلون في البر بأنهم قد حلفوا ، فأعلم الله تعالى أن الإثم إنما هو في الإقامة في ترك البر ، واليمين إذا كفَّرت ، فالذنب فيها مغفور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.