قوله تعالى : { الذين قال لهم الناس } . ومحل " الذين " خفض أيضاً مردود على الذين الأول وأراد بالناس نعيم بن مسعود ، في قول مجاهد وعكرمة فهو من العام الذي أريد به الخاص كقوله تعالى ( أم يحسدون الناس ) . يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وحده ، وقال محمد بن إسحاق وجماعة أراد بالناس الر كب من عبد القيس .
قوله تعالى : { إن الناس قد جمعوا لكم } . يعني أبا سفيان وأصحابه .
قوله تعالى : { فاخشوهم } . فخافوهم واحذروهم ، فإنه لا طاقة لكم بهم .
قوله تعالى : { فزادهم إيماناً } . تصديقاً ويقيناً وقوة .
قوله تعالى : { وقالوا حسبنا الله } . أي : كافينا الله .
قوله تعالى : { ونعم الوكيل } . أي الموكول إليه الأمور ، فعيل بمعنى مفعول .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا أحمد بن يونس ، أخبرنا أبو بكر عن أبي حصين ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) كلمة قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين ( قال إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) .
{ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }
لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من " أحد " إلى المدينة ، وسمع أن أبا سفيان ومن معه من المشركين قد هموا بالرجوع إلى المدينة ، ندب أصحابه إلى الخروج ، فخرجوا -على ما بهم من الجراح- استجابة لله ولرسوله ، وطاعة لله ولرسوله ، فوصلوا إلى " حمراء الأسد " وجاءهم من جاءهم وقال لهم : { إن الناس قد جمعوا لكم } وهموا باستئصالكم ، تخويفا لهم وترهيبا ، فلم يزدهم ذلك إلا إيمانا بالله واتكالا عليه .
{ وقالوا حسبنا الله } أي : كافينا كل ما أهمنا { ونعم الوكيل } المفوض إليه تدبير عباده ، والقائم بمصالحهم .
ثم مدحهم- سبحانه - على ثباتهم وشجاعتهم وحسن اعتمادهم على خالقهم-عز وجل- ، بعد أن مدحهم قبل ذلك على حسن استجابتهم لله ولرسوله فقال - تعالى - : { الذين قَالَ لَهُمُ الناس إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فاخشوهم فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل } .
قال الفخر الرازى ما ملخصه : نزلت هذه الآية فى غزوة بدر الصغرى ، وذلك أن أبا سفيان لما عزم على الانصراف إلى مكة فى أعقاب غزوة أحد نادى : يا محمد موعدنا موسم بدر الصغرة فنقتتل بها إن شئت . فقال النبى صلى الله عليه وسلم لعمر : قل له بيننا وبينك ذلك إن شاء الله .
فلما حضر الأجل خرج أبو سفيان مع قومه حتى نزل بمر الظهران ، فألقى الله الرعب فى قلبه ، فبدا له أن يرجع . فلقى نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فقال له : يا نعيم : إنى وعدت محمداً أن نلتقى بموسم بدر . وإن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر ، ونشرب فيه اللبن . وقد بدا لى أن أرجع . ولكن إن خرج محمد ولم أخرج زاد بذلك جراءة علينا ، فاذهب إلى المدينة فثبطهم ولك عندى عشرة من الإبل .
فخرج نعيم إلى المدينة فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم : ما هذا بالرأى .
أتوكم فى دياركم وقتلوا أكثركم فإن ذهبتم إليهم لم يرجع منكم أحد .
فوقع هذا الكلام فى قلوب قوم منهم . فلما رأى النبى صلى الله عليه وسلم ذلك قال " والذى نفسى بيده لأخرجن إليهم ولو وحدى " .
ثم خرج صلى الله عليه وسلم فى جمع من أصحابه ، وذهبوا إلى أن وصلوا إلى بدر الصغرى - وهى ماء لبنى كنانة وكانت موضع سوق لهم يجتمعون فيها كل عام ثمانية أيام - ولم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحدا من المشركين .
ووافقوا السوق وكانت معهم نفقات وتجارات فباعوا واشتروا أدما وزبيباً . وربحوا وأصابوا بالدرهم درهمين ، وانصرفوا إلى المدينة سالمين .
أما أبو سفيان ومن معه فقد عادوا إلى مكة بعد أن وصلوا إلى مر الظهران . . .
وقيل إن الذين قابلهم أبو سفيان عند خروجه من مكة جماعة من بنى عبد القيس ، وقد قال لهم ما قاله لنعيم بن مسعود عندما أزمع العودة إلى مكة بعد أن قذف الله الرعب فى قلبه من لقاء المسلمين .
وعلى أية حال ففى سبب نزول هذه الآية والتى قبلها أقوال أخرى للمفسرين اكتفينا بما ذكرناه خشية الإطالة .
وقوله { الذين قَالَ لَهُمُ الناس } بدل من قوله { الذين استجابوا للَّهِ والرسول } أو صفة له . أو فى محل نصب على المدح أى مدح الذين قال لهم الناس . . . الخ .
والمراد فى الموصول فى الآيتين طائفة واحدة من المؤمنين وهم الذين لم تمنعهم الجراح عن الخروج للقتال ، ولم يرهبهم قول من قال لهم بعد ذلك إن الناس قد جمعوا لكم .
والمراد من الناس الأول وهو قوله { الذين قَالَ لَهُمُ الناس } جماعة بنى عبد القيس أو نعيم بن مسعود .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت كيف قيل " الناس " إن كان نعيم هو المثبتط وحده ؟ قلت : قيل ذلك ؛ لأنه من جنس الناس كما يقال : فلان يركب الخيل ، ويلبس البرد وماله إلا فرس واحد وبرد فرد . أو لأنه حين قال ذلك لم يخل من ناس من أهل المدينة يضامونه ، ويصلون جناح كلامه ، ويثبطون مثل تثبيطه .
والمراد من الناس الثانى وهو قوله : { إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فاخشوهم } أبو سفيان ومن معه . فأل فيهما للعهد ، والناس الثانى غير الأول .
وقوله - تعالى - حكاية عن هؤلاء المثبطين : { إِنَّ الناس قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فاخشوهم } أى إن أعداءكم المشركين قد جمعوا لكم جموعا كثيرة ليستأصلوكم ، فاخشوهم ولا تخرجوا لقتالهم .
وحذف مفعول { جَمَعُواْ } فلم يقل : جمعوا جيشا كبيرا أو جمعوا أنفسهم وعددهم وأحلافهم وذلك ليذهب الخيال كل مذهب فى مقدار ما جمعوا من رجال وسلاح وأموال ، ولمن هذا القول الذى صدر من هؤلاء المثبطين ، لم يلتفت إليه المؤمنون الصادقون المخلصون فى جهادهم وفى اعتمادهم على خالقهم ، بل كانوا كما أخبر الله تعالى - عنهم { فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل } .
أى أن هذا القول الذى قاله المثبطون ، زاد المؤمنين إيمانا على إيمانهم ، ويقينا على يقينهم ، وثباتا على ثباتهم ، وجعلهم يقولون للمرجفين بثقة واطمئنان : { حَسْبُنَا الله } أى كافينا الله أمر أعدائنا { وَنِعْمَ الوكيل } أى نعم النصير خالقنا - عز وجل - فهو الموكول إليه أمرنا ومصيرنا .
وقولهم هذا يدل دلالة واحضة على قوة إيمانهم ، وشدة ثقتهم فى نصر الله - تعالى - لهم ، مهما كثر عدد أعدائهم ، ومهما تعددت مظاهر قوتهم .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : كيف زادهم نعيم أو مقوله إيماناً ؟ قلت : لما لم يسمعوا قوله وأخلصوا عنده النية والعزم على الجهاد ، وأظهروا حمية الإسلام ، كان ذلك أثبت ليقينهم ، وأقوى لاعتقادهم ، كما يزداد الإيقان بتناصر الحجج . ولأن خروجهم على أثر تثبيطه إلى جهة العدو طاعة عظيمة ، والطاعات من جملة الإيمان ، لأن الإيمان اعتقاد وإقرار وعمل . وعن ابن عمر : قلنا يا رسول الله : إن الإيمان يزيد وينقص ؟ قال : " نعم . يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار " . وعن عمر - رضى الله عنه - أنه كان يأخذ بيد الرجل فيقول : قم بنا نزداد إيمانا . وعنه : " لو وزن إيمان أبى بكر بإيمان هذه الأمة لرجح به " .
وقال ابن كثير : روى البخارى عن ابن عباس : قال : { حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل } قالها إبراهيم - عليه السلام - حين ألقى به فى النار . وقالها محمد - صلى الله عليه وسلم - حين قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم " .
وعن أبى هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا وقعتم فى الأمر العظيم فقولوا : " حسبنا الله ونعم الوكيل " " .
ولم يكن أقوى في التعبير عن ميلاد هذه الحقيقة من خروج هؤلاء الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح . ومن خروجهم بهذه الصورة الناصعة الرائعة الهائلة : صورة التوكل على الله وحده وعدم المبالاة بمقالة الناس وتخويفهم لهم من جمع قريش لهم - كما أبلغهم رسل أبي سفيان - وكما هول المنافقون في أمر قريش وهو ما لا بد أن يفعلوا - :
( الذين قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ) . .
هذه الصورة الرائعة الهائلة كانت اعلانا قويا عن ميلاد هذه الحقيقة الكبيرة . وكان هذا بعض ما تشير إليه الخطة النبوية الحكيمة . .
وتحدثنا بعض روايات السيرة عن صورة من ذلك القرح ومن تلك الاستجابة :
قال محمد بن إسحاق : حدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان أن رجلا من أصحاب رسول الله [ ص ] من بني عبد الأشهل كان قد شهد أحدا قال : شهدنا أحدا مع رسول الله [ ص ] أنا وأخي ، فرجعنا جريحين . فلما إذن مؤذن رسول الله [ ص ] بالخروج في طلب العدو ، قلت لأخي - أو قال لي - أتفوتنا غزوة مع رسول الله [ ص ] ؟ - والله ما لنا من دابة نركبها ، وما منا إلا جريح ثقيل . فخرجنا مع رسول الله [ ص ] وكنت أيسر جراحا منه ، فكان إذا غلب حملته عقبة . . حتى انتهيا إلى ما انتهى إليه المسلمون .
وقال محمد بن إسحاق : كان يوم أحد يوم السبت النصف من شوال ، فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال ، أذن مؤذن رسول الله [ ص ] في الناس بطلب العدو ، وإذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس . فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام . فقال : يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع . وقال : يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة ولا رجل فيهن . ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله [ ص ] على نفسي . فتخلف على أخوتك . فتخلفت عليهن . . فأذن له رسول الله [ ص ] فخرج معه . .
وهكذا تتضافر مثل هذه الصور الرفيعة على إعلان ميلاد تلك الحقيقة الكبيرة ، في تلك النفوس الكبيرة . النفوس التي لا تعرف إلا الله وكيلا ، وترضى به وحده وتكتفي ، وتزداد إيمانا به في ساعة الشدة ، وتقول في مواجهة تخويف الناس لهم بالناس :
{ الّذِينَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }
يعني تعالى ذكره : وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين الذين قال لهم الناس : إن الناس قد جمعوا لكم ، والذين في موضع خفض مردود على المؤمنين ، وهذه الصفة من صفة الذين استجابوا لله والرسول والناس الأول هم قوم فيما ذكر لنا ، كان أبو سفيان سألهم أن يثبطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين خرجوا في طلبه بعد منصرفه عن أُحد إلى حمراء الأسد¹ والناس الثاني : هم أبو سفيان وأصحابه من قريش الذين كانوا معه بأُحد ، يعني بقوله : { قَدْ جَمعُوا لَكُمْ } : قد جمعوا الرجال للقائكم ، والكرّة إليكم لحربكم { فاخْشَوْهُمْ } يقول : فاحذروهم ، واتقوا لقاءهم ، فإنه لا طاقة لكم بهم ، { فَزادهُمْ إيمَانا } يقول : فزادهم ذلك من تخويف من خوّفهم أمر أبي سفيان وأصحابه من المشركين يقينا إلى يقينهم ، وتصديقا لله ولوعده ووعد رسوله إلى تصديقهم ، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسير فيه ، ولكن ساروا حتى بلغوا رضوان الله منه ، وقالوا ثقة بالله ، وتوكلاً عليه ، إذ خوفهم من خوفهم أبا سفيان وأصحابه من المشركين { حَسْبُنا اللّهُ ونِعْم الوكِيل } يعني بقوله : حسبنا الله : كفانا الله ، يعني : يكفينا الله¹ ونعم الوكيل ، يقول : ونعم المولى لمن وليه وكفله¹ وإنما وصف تعالى نفسه بذلك لأن الوكيل في كلام العرب : هو المسند إليه القيام بأمر من أسند إليه القيام بأمره¹ فلما كان القوم الذين وصفهم الله بما وصفهم به في هذه الاَيات قد كانوا فوّضوا أمرهم إلى الله ، ووثقوا به ، وأسندوا ذلك إليه وصف نفسه بقيامه لهم بذلك ، وتفويضهم أمرهم إليه بالوكالة ، فقال : ونعم الوكيل الله تعالى لهم .
واختلف أهل التأويل في الوقت الذي قال من قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إنّ النّاس قَدْ جَمعُوا لَكُمْ } فقال بعضهم : قيل ذلك لهم في وجههم الذي خرجوا فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أُحد إلى حمراء الأسد في طلب أبي سفيان ومن معه من المشركين .
ذكر من قال ذلك ، وذكر السبب الذي من أجله قيل ذلك ، ومَن قائله :
حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، قال : مرّ به ، يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم معبد الخزاعي بحمراء الأسد ، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عَيْبَةَ نُصْحٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم معه ، لا يخفون عليه شيئا كان بها ، ومعبد يومئذ مشرك ، فقال : والله يا محمد ، أما والله لقد عزّ علينا ما أصابك في أصحابك ، ولوددنا أن الله كان أعفاك فيهم ! ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمراء الأسد ، حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء ، قد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقالوا : أصبنا في أُحد أصحابه وقادتهم وأشرافهم ، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم ! لنكرنّ على بقيتهم فلنفرغنّ منهم . فلما رأى أبا سفيان معبدا ، قال : ما وراءك يا معبد ؟ قال : محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرّقون عليكم تحرّقا ، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم ، وندموا على ما صنعوا ، فهم من الحنق عليكم بشيء لم أر مثله قط . قال : ويلك ما تقول ؟ قال : والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل . قال : فوالله لقد أجمعنا الكرّة عليهم لنستأصل بقيتهم . قال : فإني أنهاك عن ذلك ! فوالله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيه أبياتا من شعر ، قال : وما قلت ؟ قال : قلت :
كادَتْ تُهَدّ مِنَ الأصْوَات رَاحِلَتِي *** إذْ سالَتِ الأرْضُ بالجُرْدِ الإبابِيلِ
تَرْدِي بِأُسْدٍ كِرَامٍ لا تَناِبَلةٍ *** عِنْدَ اللّقاءِ وَلا مِيلٍ مَعازِيلِ
فَظَلْتُ عَدْوا أظُنّ الأرْضَ مائِلَةً *** لَمّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْرِ مَخْذُولِ
فَقُلْتُ وَيْلُ ابنِ حَرْبٍ منْ لِقائِكُمُ *** إذَا تَغَطْمَطَتِ البَطْحاءُ بالجِيلِ
إني نَذِيرٌ لأهْلِ البَسْلِ ضَاحِيَةً *** لكُلّ ذِي إرْبَةٍ مِنْهُمْ وَمَعْقُولِ
مِنْ جَيْشِ أحمَدَ لا وَخْشٍ تَنابِلَةٍ *** وَلَيْسَ يُوصَفُ ما أنْذَرْتُ بالقِيلِ
قال : فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه¹ ومرّ به ركب من عبد القيس ، فقال : أين تريدون ؟ قالوا : نريد المدينة . قال : ولم ؟ قالوا : نريد المِيرة . قال : فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها ، وأُحَمّلُ لكم إبلكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها ؟ قالوا : نعم . قال : فإذا جئتموه ، فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بَقِيتهم ! فمرّ الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد ، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ » .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : فقال الله : { الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنّ النّاسَ قَدْ جَمعُوا لَكُمْ فاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانا وَقالُوا حَسْبُنا اللّهَ وَنِعْمَ الوَكِيلُ } . والناس الذين قال لهم ما قالوا : النفر من عبد القيس ، الذين قال لهم أبو سفيان ما قال ، إن أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم ، يقول الله تبارك وتعالى : { فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } . . . الاَية .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : لما ندموا يعني : أبا سفيان وأصحابه على الرجوع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا : ارجعوا فاستأصلوهم ! فقذف الله في قلوبهم الرعب ، فهزموا ، فلقوا أعرابيا ، فجعلوا له جعلاً : إن لقيت محمدا وأصحابه ، فأخبرهم أنا قد جمعنا لهم . فأخبر الله جلّ ثناؤه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد ، فلقوا الأعرابي في الطريق ، فأخبرهم الخبر ، فقالوا : «حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ » ثم رجعوا من حمراء الأسد ، فأنزل الله تعالى فيهم وفي الأعرابي الذي لقيهم : { الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخُشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانا وَقالُوا حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ } .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : استقبل أبو سفيان في منصرفه من أُحد عيرا واردة المدينة ببضاعة لهم وبينهم وبين النبيّ صلى الله عليه وسلم حبال ، فقال : إن لكم عليّ رضاكم إن أنتم رددتم عني محمدا ومن معه إن أنتم وجدتموه في طلبي وأخبرتموه أني قد جمعت له جموعا كثيرة ! فاستقبلت العيرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا له : يا محمد إنا نخبرك أن أبا سفيان قد جمع لك جموعا كثيرة ، وأنه مقبل إلى المدينة ، وإن شئت أن ترجع فافعل . ولم يزده ذلك ومن معه إلا يقينا ، { وَقالُوا حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيل } ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } . . . الاَية .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصابة من أصحابه بعدما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أُحد خلفهم ، حتى كانوا بذي الحليفة ، فجعل الأعراب والناس يأتون عليهم ، فيقولون لهم : هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس ، فقالوا : { حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ } ، فأنزل الله تعالى فيهم : { الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخُشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَانا وَقالُوا حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ } .
وقال آخرون : بل قال ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قال ذلك له في غزوة بدر الصغرى وذلك في مسير النبيّ صلى الله عليه وسلم عام قابل من وقعة أُحد للقاء عدوّه أبي سفيان وأصحابه للموعد الذي كان واعده الالتقاء بها . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { الّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } قال : هذا أبو سفيان ، قال لمحمد : موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا ! فقال محمد صلى الله عليه وسلم : «عَسَى ! » فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده حتى نزل بدرا ، فوافقوا السوق فيها ، وابتاعوا¹ فذلك قوله تبارك وتعالى : { فانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ } وهي غزوة بدر الصغرى .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد بنحوه ، وزاد فيه : وهي بدر الصغرى . قال ابن جريح : لما عمد النبيّ صلى الله عليه وسلم لموعد أبي سفيان ، فجعلوا يلقون المشركين ، ويسألونهم عن قريش ، فيقولون : { قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ } يكيدونهم بذلك ، يريدون أن يرعبوهم ، فيقول المؤمنون : { حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الَوكِيلُ } حتى قدموا بدرا ، فوجدوا أسواقها عافية لم ينازعهم فيها أحد . قال : وقدم رجل من المشركين وأخبر أهل مكة بخيل محمد عليه الصلاة والسلام وقال في ذلك :
نَفَرَتْ قَلُوصِي عَنْ خُيولِ مُحَمّدِ *** وَعَجْوَةٍ مَنْثُورَةٍ كالعُنْجُدِ
( واتخذتْ ماءَ قُدَيدٍ مَوْعِدِي )
قال أبو جعفر : هكذا أنشدنا القاسم ، وهو خطأ ، وإنما هو :
قَدْ نَفَرَتْ مِنْ رُفْقَتيْ مُحَمّدِ *** وَعَجْوَةٍ مِنْ يَثرِبٍ كالعُنْجُدِ
تَهْوِى على دِينِ إبيِها الأتْلَدِ *** قدْ جَعَلَتْ ماءَ قُدَيْدٍ مَوْعِدِي
*** وَماءَ ضَجْنانَ لَهَا ضُحَى الغَدِ***
حدثني الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عكرمة ، قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية ، فخرج ناس من المسلمين يريدون ، ولقيهم ناس من المشركين فقالوا لهم : { إنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخْشَوْهُمْ } ، فأما الجبان فرجع ، وأما الشجاع فأخذ الأهبة للقتال وأهبة التجارة ، { وَقالُوا حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ } ، فأتوهم فلم يلقوا أحدا ، فأنزل الله عزّ وجلّ فيهم : { إنّ النّاس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فاخْشَوْهُمْ } . قال ابن يحيى ، قال عبد الرزاق ، قال ابن عيينة : وأخبرني زكريا عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو قال : هي كلمة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار ، فقال : { حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الَوكِيلُ } .
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : إن الذي قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، كان في حال خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخروج من خرج معه في أثر أبي سفيان ، ومن كان معه من مشركي قريش منصرفهم عن أُحد إلى حمراء الأسد¹ لأن الله تعالى ذكره إنما مدح الذين وصفهم بقيلهم : { حَسْبُنا اللّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ } لما قيل لهم : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، بعد الذي قد كان نالهم من القروح والكلوم ، بقوله : { الّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَالرّسولِ مِنْ بَعْدِ ما أصَابَهُمُ القَرْحُ } ولم تكن هذه الصفة إلا صفة من تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جرحى أصحابه بأحد إلى حمراء الأسد . وأما قول الذين خرجوا معه إلى غزوة بدر الصغرى ، فإنه لم يكن فيهم جريج ، إلا جريح قد تقادم اندمال جرحه ، وبرأ كلمه ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج إلى بدر الخرجة الثانية إليها لموعد أبي سفيان الذي كان واعده اللقاء بها بعد سنة من غزوة أُحد في شعبان سنة أربع من الهجرة ، وذلك أن وقعة أُحد كانت في النصف من شوّال من سنة ثلاث ، وخروج النبيّ صلى الله عليه وسلم لغزوة بدر الصغرى إليها في شعبان من سنة أربع ، ولم يكن للنبيّ صلى الله عليه وسلم بين ذلك وقعة مع المشركين كانت بينهم فيها حرب جرح فيها أصحابه ، ولكن قد كان قتل في وقعة الرجيع من أصحابه جماعة لم يشهد أحد منهم غزوة بدر الصغرى ، وكانت وقعة الرجيع فيما بين وقعة أُحد وغزوة النبيّ صلى الله عليه وسلم بدر الصغرى .
{ الذين قال لهم الناس } يعني الركب الذين استقبلوهم من عبد قيس أو نعيم بن مسعود الأشجعي ، وأطلق عليه الناس لأنه من جنسهم كما يقال فلان يركب الخيل وما له إلا فرس واحد لأنه انضم إليه ناس من المدينة وأذاعوا كلامه . { إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم } يعني أبا سفيان وأصحابه روي : أنه نادى عند انصرافه من أحد : يا محمد موعدنا موسم بدر القابل إن شئت فقال عليه الصلاة والسلام : إن شاء الله تعالى ، فلما كان القابل خرج في أهل مكة حتى نزل بمر الظهران فأنزل الله الرعب في قلبه وبدا له أن يرجع ، فمر به ركب من عبد قيس يريدون المدينة للميرة فشرط لهم حمل بعير من زبيب أن ثبطوا المسلمين . وقيل : لقي نعيم بن مسعود وقد قدم معتمرا فسأله ذلك والتزم له عشرا من الإبل ، فخرج نعيم فوجد المسلمين يتجهزون فقال لهم أتوكم في دياركم فلم يفلت منكم أحد إلا شريد افترون أن تخرجوا وقد جمعوا لكم ففتروا ، فقال عليه السلام : والذي نفسي بيده لأخرجن ولو لم يخرج معي أحد فخرج في سبعين راكبا وهم يقولون حسبنا الله . { فزادهم إيمانا } الضمير المستكن للمقول أو لمصدر قال أو لفاعله أن أريد به نعيم وحده ، والبارز للمقول لهم والمعنى : إنهم لم يلتفتوا إليه ولم يضعفوا بل ثبت به يقينهم بالله وازداد إيمانهم وأظهروا حمية الإسلام وأخلصوا النية عنده ، وهو دليل على أن الإيمان يزيد وينقص ويعضده قول ابن عمر رضي الله عنهما ( قلنا يا رسول الله الإيمان يزيد وينقص ، قال : نعم يزيد حتى يدخل صاحبه الجنة وينقص حتى يدخل صاحبه النار ) وهذا ظاهر إن جعل الطاعة من جملة الإيمان وكذا إن لم تجعل فإن اليقين يزداد بالإلف وكثرة التأمل وتناصر الحجج . { وقالوا حسبنا الله } محسبنا وكافينا ، من أحسبه إذا كفاه ويدل على أنه بمعنى المحسب إنه لا يستفيد بالإضافة تعريفا في قولك هذا رجل حسبك . { ونعم الوكيل } ونعم الموكول إليه هو فيه .
{ الذين } صفة للمحسنين المذكورين ، وهذا القول هو الذي قاله الركب من عبد القيس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، حين حملهم أبو سفيان ذلك ، وقد ذكرته قبل{[3719]} ، ف { الناس } الأول ركب عبد القيس و { الناس } الثاني عسكر قريش ، وقوله تعالى : { فزادهم إيماناً } ، أي ثبوتاً واستعداداً ، فزيادة الإيمان في هذا هي في الأعمال ، وأطلق العلماء عبارة : أن الإيمان يزيد وينقص ، والعقيدة في هذا أن نفس الإيمان الذي هو تصديق واحد بشيء ما ، إنما هو معنى فرد لا تدخله زيادة إذا حصل ، ولا يبقى منه شيء إذا زال ، فلم يبق إلا أن تكون الزيادة والنقص في متعلقاته دون ذاته فذهب بعض العلماء إلى أنه يقال : يزيد وينقص من حيث تزيد الأعمال الصادرة عنه وتنقص ، لا سيما أن كثيراً من العلماء يوقعون اسم الإيمان على الطاعات ، وذهب قوم : إلى أن الزيادة في الإيمان إنما هي بنزول الفروض والإخبار في مدة النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي المعرفة بها بعد الجهل غابر الدهر وهذا إنما زيادة إيمان إلى إيمان ، فالقول فيه إن الإيمان يزيد وينقص قول مجازي ولا يتصور النقص فيه على هذا الحد وإنما يتصور النقص بالإضافة إلى الأعلم ، وذهب قوم من العلماء : إلى أن زيادة الإيمان ونقصه إنما هي من طريق الأدلة ، فتزيد الأدلة عند واحد ، فيقال في ذلك : إنها زيادة في الايمان ، وهذا كما يقال في الكسوة ، إنها زيادة في الإيمان ، وذهب أبو المعالي في الإرشاد : إلى أن زيادة الإيمان ونقصانه إنما هو بثبوت المعتقد وتعاوره دائباً ، قال : وذلك أن الإيمان عرض وهو لا يثبت زمانين فهو للنبي صلى الله عليه وسلم وللصلحاء متعاقب متوال ، وللفاسق والغافل غير متوال ، يصحبه حيناً ويفارقه حيناً في الفترة ، فذلك الآخر أكثر إيماناً ، فهذه هي الزيادة والنقص .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وفي هذا القول نظر{[3720]} .
وقوله تعالى : { فزادهم إيماناً } لا يتصور أن يكون من جهة الأدلة ، ويتصور في الآية الجهات الأخر الثلاث ، وروي أنه لما أخبر الوفد من عبد القيس رسول الله صلى الله عليه وسلم بما حملهم أبو سفيان ، وأنه ينصرف إليهم بالناس ليستأصلهم ، وأخبر بذلك أيضاً أعرابي ، شق ذلك على المسلمين فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : قولوا { حسبنا الله ونعم الوكيل }{[3721]} فقالوا واستمرت عزائمهم على الصبر ودفع الله عنهم كل سوء ، وألقى الرعب في قلوب الكفار فمروا{[3722]} .