{ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } بل أخلص للّه عبادتك ، فإنه { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } فلا أحد يستحق أن يؤله ويحب ويعبد ، إلا اللّه الكامل الباقي الذي { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } وإذا كان كل شيء هالكا مضمحلا ، سواه فعبادة الهالك الباطل باطلة ببطلان غايتها ، وفساد نهايتها . { لَهُ الْحُكْمُ } في الدنيا والآخرة { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره { تُرْجَعُونَ } فإذا كان ما سوى اللّه باطلا هالكا ، واللّه هو الباقي ، الذي لا إله إلا هو ، وله الحكم في الدنيا والآخرة ، وإليه مرجع الخلائق كلهم ، ليجازيهم بأعمالهم ، تعيَّن على من له عقل ، أن يعبد اللّه وحده لا شريك له ، ويعمل لما يقربه ويدنيه ، ويحذر من سخطه وعقابه ، وأن يقدم على ربه غير تائب ، ولا مقلع عن خطئه وذنوبه .
{ ولا تدع مع الله } تعالى { إلها آخر } أي : واحذر أن تعبد مع الله تعالى إلها آخر . فإن الحال والشأن والحق أنه { لا إله } مستحق للعبادة { إلا هو } وحده عز وجل .
{ كل شيء } في هذا الوجود { هالك } ومعدوم وزائل { إلا وجهه } عز وجل .
{ له } سبحانه { الحكم } النافذ الذي لا مرد له .
{ وإليه } وحده { ترجعون } أيها الناس فيحاسبكم على ما قدمتم وما أخرتم { يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله } .
وبعد : فهذه سورة القصص وهذا تفسير لها ، نسأل الله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه . ونافعا لعباده .
ولا تدع مع الله إلها آخر )يؤكد هذه القاعدة مرتين بالنهي عن الشرك والنهي عن اتخاذ إله آخر مع الله . ذلك أنها مفرق الطريق في العقيدة بين النصاعة والغموض . وعلى هذه القاعدة يقوم بناء هذه العقيدة كلها ، وآدابها وأخلاقها وتكاليفها وتشريعاتها جميعا . وهي المحور الذي يلتف عليه كل توجيه وكل تشريع . ومن ثم هي تذكر قبل كل توجيه وقبل كل تشريع .
( لا إله إلا هو ) . . ( كل شيء هالك إلا وجهه ) . . ( له الحكم ) . . ( وإليه ترجعون ) . .
( لا إله إلا هو ) . . فلا إسلام إلا لله ، ولا عبودية - إلا له ، ولا قوة إلا قوته ، ولا ملاذ إلا حماه .
( كل شيء هالك إلا وجهه ) . . فكل شيء زائل . وكل شيء ذاهب . المال والجاه . والسلطان والقوة . والحياة والمتاع . وهذه الأرض ومن عليها . وتلك السماوات وما فيها ومن فيها . وهذا الكون كله ما نعلمه منه وما نجهله . . كله . كله . هالك فلا يبقى إلا وجه الله الباقي . متفردا بالبقاء .
له الحكم . . يقضي بما يشاء ويحكم كما يشاء ، لا يشركه في حكمه أحد ، ولا يرد قضاءه أحد ، ولا يقف لأمره أمر . وما يشاؤه فهو الكائن دون سواه .
( وإليه ترجعون ) . . فلا مناص من حكمه ، ولا مفر من قضائه ، ولا ملجأ دونه ولا مهرب .
وهكذا تختم السورة التي تتجلى فيها يد القدرة سافرة ، تحرس الدعوة إلى الله وتحميها ، وتدمر القوى الطاغية والباغية وتمحوها . تختم بتقرير قاعدة الدعوة : وحدانية الله سبحانه وتفرده بالألوهية والبقاء والحكم والقضاء . ليمضي أصحاب الدعوات في طريقهم على هدى ، وعلى ثقة ، وعلى طمأنينة ، وفي يقين . .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.