الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (88)

" ولا تدع مع الله إلها آخر " أي لا تعبد معه غيره فإنه لا إله إلا هو نفي لكل معبود وإثبات لعبادته . " كل شيء هالك إلا وجهه " قال مجاهد : معناه إلا هو وقال الصادق : دينه . وقال أبو العالية وسفيان : أي إلا ما أريد به وجهه ؛ أي ما يقصد إليه بالقربة قال :

أستغفر الله ذنباً لستُ مُحصِيه *** ربَّ العباد إليه الوجهُ والعملُ

وقال محمد بن يزيد : حدثني الثوري قال سألت أبا عبيدة عن قوله تعالى : " كل شيء هالك إلا وجهه " فقال : إلا جاهه ، كما تقول لفلان وجه في الناس أي جاه . " له الحكم " في الأولى والآخرة " وإليه ترجعون " . قال الزجاج : " وجهه " منصوب على الاستثناء ، ولو كان في غير القرآن كان إلا وجهه بالرفع ، بمعنى كل شيء غير وجهه هالك كما قال{[12393]} :

وكلُّ أخٍ مفارقُهُ أخوهُ *** لعمرُ أبِيك إلا الفَرْقَدَانِ

والمعنى كل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه . " وإليه ترجعون " بمعنى ترجعون إليه .


[12393]:هو عمرو بن معدي كرب، ويروى لسوار بن المضرب. شواهد سيبويه).