{ وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ } أي عن تبليغها بعد إنزالها ، والأمر بالصدع بها لضيق صدرك من مكرهم . فإن الله معك ، ومعل كلمتك ومؤيد دينك . ولذا قال : { وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ } أي إلى عبادته وحده لا شريك له { وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ } .
قال القاضي : هذا وما قبله للتهييج وقطع أطماع المشركين عن مساعدته لهم . أي لأنه لا يتصور منه ذلك حتى ينهى عنه . فكأنه لما نهاه عن مظاهرتهم ومداراتهم ، قال إن ذلك مبغوض لي كالشرك . فلا تكن ممن يفعله . أو المراد نهي أمته ، وإن كان الخطاب له صلى الله عليه وسلم . كذا في ( العناية ) .
{ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } أي إياه و ( الوجه ) يعبر به عن الذات كما قال {[6024]} : كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } وفي قوله تعالى : { هالك } وجوه : حمله على المستقبل ، أو هو عرضة للهلاك والعدم ، أو هالك في حد ذاته ، لأن وجوده ليس ذاتيا بل لاستناده إلى واجب الوجود ، فهو بالقوة وبالذات معدوم حالا . والمراد بالمعدوم ما ليس له وجود ذاتي . لأن وجود غيره كلا وجود . إذ هو في كل آن قابل للعدم . وعن مجاهد والثوري { إلا وجهه } أي ما أريد به وجهه . حكاه {[6025]} البخاري في ( صحيحه ) .
قال ابن جرير {[6026]} : ويستشهد من قال ذلك بقول الشاعر :
أستغفر الله ذنبا ، لست محصيه *** رب العباد ، إليه الوجه والعمل .
قال ابن كثير : وهذا القول لا ينافي القول الأول . فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد به وجه الله تعالى من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة . انتهى .
وفيه بعد وتكلف يذهب رونق النظم ، وماء الفصاحة . لاسيما وآي التنزيل يفسر بعضها بعضا . والآية الثانية التي ذكرناها بمعنى هذه . وتلك لا تحتمل ذلك المعنى ، فكذا هذه { لَهُ الْحُكْمُ } أي القضاء النافذ في الخلق { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي يوم معادكم فيجزيكم بأعمالكم ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.