المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَظَلَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡغَمَامَ وَأَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (57)

57- ومن فضلنا عليكم أننا جعلنا السحاب لكم كالظلّة ليصونكم من الحر الشديد ، وأنزلنا عليكم المنَّ ، وهو مادة حلوة لزجة كالعسل تسقط على الشجر من طلوع الشمس ، كما أنزلنا عليكم السلوى وهو الطائر المعروف بالسمان ، فهو يأتيكم بأسرابه بكرة وعشيا لتأكلوا وتتمتعوا ، وقلنا لكم : كلوا من طيبات رزقنا . فكفرتم بالنعمة ، ولم يكن ذلك بضائرنا ، ولكنكم تظلمون أنفسكم لأن ضرر العصيان واقع عليكم{[2]} .


[2]:في قوله تعالى: {وأنزلنا عليكم المن والسلوى} ذكر لحقيقة علمية كشفها العلم أخيرا وهي أن المواد البروتينية التي تكون من أصل حيواني كلحوم الحيوانات والطيور، ومنها السمان (السلوى) أفضل في تغذية الإنسان من بروتينات البقول النباتية من حيث التمثيل الحيوي واستفادة الجسم، كما أن المن أساسه مواد سكرية تعد من أهم أسباب قوي النشاط والحركة لجسم الإنسان.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَظَلَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡغَمَامَ وَأَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (57)

قوله تعالى : { وظللنا عليكم الغمام } . في التيه يقيكم حر الشمس ، والغمام من الغم وأصله التغطية والستر سمي السحاب غماماً لأنه يغطي وجه الشمس وذلك أنه لم يكن لهم في التيه كن يسترهم فشكوا إلى موسى فأرسل الله تعالى غماماً أبيض رقيقاً أطيب من غمام المطر ، وجعل لهم عموداً من نور يضيء لهم الليل إذا لم يكن لهم قمر .

قوله تعالى : { وأنزلنا عليكم المن والسلوى } . أي في التيه ، الأكثرون على أن المن هو الترنجبين ، وقال مجاهد : هو شيء كالصمغ كان يقع على الأشجار طعمه كالشهد ، وقال وهب : هو الخبز الرقاق ، قال الزجاج : جملة المن ما يمن الله به من غير تعب .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا أبو نعيم ، أنا أبو سفيان ، عن عبد الملك هو ابن عمير ، عن عمرو بن حريث ، عن سعيد بن زيد قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين " .

قالوا فكان المن كل ليلة يقع على أشجارهم مثل الثلج ، لكل إنسان منهم صاع ، فقالوا : يا موسى قتلنا هذا المن بحلاوته فادع لنا ربك أن يطعمنا اللحم . فأنزل الله تعالى عليهم السلوى وهو طائر يشبه السماني ، وقيل : هو السماني بعينه ، بعث الله سحابة فمطرت السماني في عرض ميل وطول رمح في السماء ، بعضه على بعض .

وقال المؤرخ : السلوى : العسل ، فكان الله ينزل عليهم المن والسلوى كل صباح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فيأخذ كل واحد منهم ما يكفيه يوماً وليلة وإذا كان يوم الجمعة أخذ كل واحد منهم ما يكفيه ليومين لأنه لم يكن ينزل يوم السبت .

قوله تعالى : { كلوا } . أي : وقلنا لهم : كلوا .

قوله تعالى : { من طيبات } . حلالات .

قوله تعالى : { ما رزقناكم } . ولا تدخروا لغد ، ففعلوا ، فقطع الله ذلك عنهم ، ودود وفسد ما ادخروا ، فقال الله تعالى : { وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } . أي وما بخسوا بحقنا ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون باستيجابهم عذابي ، وقطع مادة الرزق الذي كان ينزل عليهم بلا مؤنة في الدنيا ولا حساب في العقبى . أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أنا أحمد بن يوسف السلمي ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن همام بن منبه ، أنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لولا بنو إسرائيل لم يخبث الطعام ، ولم يختز اللحم ، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَظَلَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡغَمَامَ وَأَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (57)

ثم ذكر نعمته عليكم في التيه والبرية الخالية من الظلال وسعة الأرزاق ، فقال : { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ } وهو اسم جامع لكل رزق حسن يحصل بلا تعب ، ومنه الزنجبيل والكمأة والخبز وغير ذلك .

{ وَالسَّلْوَى } طائر صغير يقال له السماني ، طيب اللحم ، فكان ينزل عليهم من المن والسلوى ما يكفيهم ويقيتهم { كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : رزقا لا يحصل نظيره لأهل المدن المترفهين ، فلم يشكروا هذه النعمة ، واستمروا على قساوة القلوب وكثرة الذنوب .

{ وَمَا ظَلَمُونَا } يعني بتلك الأفعال المخالفة لأوامرنا لأن الله لا تضره معصية العاصين ، كما لا تنفعه طاعات الطائعين ، { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } فيعود ضرره عليهم .