غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَظَلَّلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡغَمَامَ وَأَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَنَّ وَٱلسَّلۡوَىٰۖ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡۚ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (57)

54

قوله تعالى { وظللنا } أي جعلنا الغمام يظلكم وذلك في التيه كما سيجيء في المائدة ، سخر الله لهم السحاب فيسير بسيرهم يظلهم من الشمس والظل ضوء ثان ، وينزل بالليل عمود من نار يسيرون في ضوئه ، وثيابهم لا تتسخ ولا تبلى ، وإذا ولد لهم مولود كان عليه ثوب كالظفر يطول بطوله كما كان لآدم قبل الزلة ، وينزل عليهم المن وهو الترنجبين مثل الثلج من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، لكل إنسان صاع لا أزيد ، ويبعث الله الجنوب فتحشر عليهم السلوى وهي السماني ، فيذبح الرجل منها ما يكفيه لا أزيد . مجاهد : المن صمغ حلو . وهب : هو الخبز السميذ . الزجاج : هو ما منّ الله تعالى به عليهم ، وهذا كما يروى مرفوعاً " الكمأة من المن وفيها شفاء للعين " وقيل : السلوى العسل . وقيل : طائر أحمر { كلوا } على إرادة القول أي وقلنا لهم كلوا { من طيبات } من حلالات { ما رزقناكم } وهذا للإباحة . { وما ظلمونا } يعني فظلموا بأن كفروا هذه النعم فجعلوا موضع الشكر كفراً ، وما ظلمونا فاختصر الكلام بحذفه لدلالة وما ظلمونا عليه { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } لأن وبال الظلم عائد عليهم لا إلى غيرهم ولا إلى الله تعالى . وإنما قال ههنا وفي الأعراف والتوبة والروم بزيادة لفظة { كانوا } لأنها إخبار عن قوم ماتوا وانقرضوا بخلاف قوله في آل عمران { ولكن أنفسهم يظلمون } [ آل عمران : 117 ] لأنه مثل ، والله أعلم .