المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

12- ولقد أعطينا لقمان الحكم والعلم والإصابة في القول ، وقلنا له : اشكر الله على ما أعطاك من النعم . ومن يشكر فإنما يبتغى الخير لنفسه ، ومن كفر النعم ولم يشكرها فإن الله غير محتاج إلى شكره ، وهو مستحق للحمد وإن لم يحمده أحد .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

قوله تعالى : { ولقد آتينا لقمان الحكمة } يعني : العقل والعلم والعمل به والإصابة في الأمور . قال محمد بن إسحاق : هو لقمان بن ناعور بن ناحور بن تارخ وهو آزر . وقال وهب : كان ابن أخت أيوب ، وقال مقاتل : ذكر أنه كان ابن خالة أيوب . قال الواقدي : كان قاضياً في بني إسرائيل . واتفق العلماء على أنه كان حكيماً ، ولم يكن نبياً ، إلا عكرمة فإنه قال : كان لقمان نبياً . وتفرد بهذا القول . وقال بعضهم : خير لقمان بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة . وروي أنه كان نائماً نصف النهار فنودي : يا لقمان ، هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض لتحكم بين الناس بالحق ؟ فأجاب الصوت فقال : إن خيرني ربي قبلت العافية ، ولم أقبل البلاء ، وإن عزم علي فسمعاً وطاعةً ، فإني أعلم إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني ، فقالت الملائكة بصوت لا يراهم : لم يا لقمان ؟ قال : لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها ، يغشاها الظلم من كل مكان إن يعن ، فبالحري أن ينجو ، وإن أخطأ أخطأ طريق الجنة ، ومن يكن في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً ، ومن يخير الدنيا على الآخرة تفته الدنيا ولا يصيب الآخرة . فعجبت الملائكة من حسن منطقه ، فنام نومة فأعطي الحكمة ، فانتبه وهو يتكلم بها ، ثم نودي داود بعده فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان ، فهوى في الخطيئة غير مرة ، كل ذلك يعفو الله عنه ، وكان لقمان يؤازره بحكمته . وعن خالد الربعي قال : كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً . وقال سعيد بن المسيب : كان خياطاً . وقيل : كان راعي غنم . فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال : ألست فلاناً الراعي فبم بلغت ما بلغت ؟ قال : بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني . وقال مجاهد : كان عبداً أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين . { أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد* }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ للّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنّ اللّهَ غَنِيّ حَمِيدٌ } .

يقول تعالى ذكره : ولقد آتينا لقمان الفقه في الدين ، والعقل ، والإصابة في القول . وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمان الحِكْمَةَ قال : الفقه والعقل والإصابة في القول من غير نُبوّة .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة ، قوله وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ أي الفقه في الإسلام . قال قَتادة : ولم يكن نبيا ، ولم يُوح إليه .

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا يونس ، عن مجاهد ، في قوله وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ قال : الحكمة : الصواب . وقال غير أبي بشر : الصواب في غير النبوّة .

حدثنا ابن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، أنه قال : كان لقمان رجلاً صالحا ، ولم يكن نبيا .

حدثني نصر بن عبد الرحمن الأَوْديّ وابن حميد ، قالا : حدثنا حَكّام ، عن سعيد الزبيديّ ، عن مجاهد ، قال : كان لقمان الحكيم عبدا حبشيا ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، قاضيا على بني إسرائيل .

حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرمليّ ، قال : حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش ، عن مجاهد ، قال : كان لقمان عبدا أسود ، عظيم الشفتين ، مُشقّق القدمين .

حدثني عباس بن محمد ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، قال : حدثنا سليمان بن بلال ، قال : ثني يحيى بن سعيد قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : كان لقمان الحكيم أسود من سودان مصر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن أشعث ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان لقمان عبدا حبشيا .

حدثنا العباس بن الوليد ، قال : أخبرنا أبي ، قال : حدثنا الأوزاعيّ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن حَرْملة ، قال : جاء أسود إلى سعيد بن المسيب يسأل ، فقال له سعيد : لا تحزن من أجل أنك أسود ، فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان : بِلال ، ومهجّع مولى عمر بن الخطاب ، ولُقمان الحكيم ، كان أسود نوبيا ذا مشافر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن أبي الأشهب ، عن خالد الرّبَعِيّ ، قال : كان لقمان عبدا حبشيا نجارا ، فقال له مولاه : اذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها . قال : أخرج أطيب مُضْغَتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب . ثم مكث ما شاء الله ، ثم قال : اذبح لنا هذه الشاة ، فذبحها . فقال : أخرج أخبث مضغتين فيها ، فأخرج اللسان والقلب ، فقال له مولاه : أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما ، وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما فقال له لقمان : إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا ، ولا أخبث منهما إذا خَبثا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم ، قال : حدثنا عمرو بن قيس ، قال : كان لقمان عبدا أسود ، غليظ الشفتين ، مصفح القدمين ، فأتاه رجل ، وهو في مجلس أناس يحدّثهم ، فقال له : ألست الذي كنت ترعى معي الغنم في مكان كذا وكذا ؟ قال : نعم ، قال : فما بلغ بك ما أرى ؟ قال : صدق الحديث ، والصمت عما لا يعنيني .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الحِكْمَةَ قال : القرآن .

قال : ثنا أبي ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : الحكمة : الأمانة .

وقال آخرون : كان نبيا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : ثني أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة ، قال : كان لقمان نبيا .

وقوله : أنِ اشْكُرْ لِلّهِ : يقول تعالى ذكره : ولقد آتينا لقمان الحكمة ، أن احمد الله على ما آتاك من فضله وجعل قوله أنِ اشْكُرْ ترجمة عن الحكمة ، لأن من الحكمة التي كان أوتيها ، كان شكره الله على ما آتاه . وقوله : وَمَنْ يَشْكُرْ فإنّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ يقول : ومن يشكر الله على نعمه عنده فإنما يشكر لنفسه ، لأن الله يُجزل له على شكره إياه الثواب ، وينقذه به من الهلكة . وَمَنْ كَفَرَ فإنّ اللّهَ غَنِيّ حَمِيدٌ يقول : ومن كفر نعمة الله عليه ، إلى نفسه أساء ، لأن الله معاقبُه على كفرانه إياه ، والله غنيّ عن شكره إياه على نعمه ، لا حاجة به إليه ، لأن شكره إياه لا يزيد في سلطانه ، ولا ينقص كفرانه إياه مِن ملكه . ويعني بقوله حَمِيدٌ محمود على كلّ حال ، له الحمد على نعمه ، كفر العبد نعمته أو شكره عليها وهو مصروف من مفعول إلى فَعِيل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

{ ولقد آتينا لقمان الحكمة } يعني لقمان بن باعوراء من أولاد آزر ابن أخت أيوب أو خالته ، وعاش حتى أدرك داود عليه الصلاة والسلام وأخذ منه العلم وكان يفتي قبل مبعثه ، والجمهور على أنه كان حكيما ولك يكن نبيا . والحكمة في عرف العلماء : استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية ، واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها . ومن حكمته أنه صحب داود شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال : نعم لبوس الحرب أنت فقال : الصمت حكم وقليل فاعله ، وأن داود عليه السلام قال له يوما كيف أصبحت فقال أصبحت في يدي غيري ، فتفكر داود فيه فصعق صعقة . وأنه أمره بأن يذبح شاة ويأتي بأطيب مضغتين منها فأتى باللسان والقلب ، ثم بعد أيام أمره بأن يأتي بأخبث مضغتين منها فأتى بهما أيضا فسأله عن ذلك فقال : هما أطيب شيء إذا طابا وأخبث شيء إذا خبثا . { أن اشكر لله } لأن أشكر أو أي أشكر فإن إيتاء الحكمة في معنى القول : { ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه } لأن نفعه عائد إليهما وهو دوام النعمة واستحقاق مزيدها . { ومن كفر فإن الله غني } لا يحتاج إلى الشكر . { حميد } حقيق بالحمد وإن لم يحمد ، أو محمود ينطق بحمده جميع مخلوقات بلسان الحال .