{ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ( 12 ) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ( 13 ) }
{ ولقد آتينا لقمان الحكمة } كلام مستأنف لبيان بطلان الشرك ، واختلف في لقمان ، هل هو عربي أم أعجمي ؟ مشتق من اللقم ، فمن قال : إنه أعجمي منعه للتعريف والعجمة . ومن قال : إنه عربي منعه للتعريف ولزيادة الألف والنون . قال الحفناوي : والأول أظهر ، واختلفوا أيضا هل هو نبي ؟ أم رجل صالح ؟ فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه ليس بنبي . وحكى الواحدي عن عكرمة والسدي ، والشعبي ، أنه كان نبيا ، والأول أرجح لما سيأتي وقيل : لم يقل بنبوته إلا عكرمة فقط ، مع أن الراوي لذلك عنه{[1371]} جابر الجعفي ، وهو ضعيف جدا وقيل : خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة ، وهو لقمان ، بن باعورا ، ابن ناحور ، بن تارخ وهو آزر أبو إبراهيم .
وقيل : هو لقمان بن عنقا ، بن مرون ، وكان نبويا من أهل أيلة ذكره السهيلي .
قال وهب : هو ابن أخت أيوب وقال مقاتل : هو ابن خالته ، عاش ألف سنة وأخذ عنه العلم ، وكان يفتي قبل مبعث داود ، فلما بعث داود قطع الفتوى فقيل له : فقال : ألا أكتفي إذ كفيت . وقيل : كان خياطا ، وقيل نجارا وقيل : راعيا ، وقال الواقدي : كان قاضيا في بني إسرائيل .
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدرون ما كان لقمان " ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : كان حبشيا " أخرجه ابن مردويه .
وعن ابن عباس قال " : كان عبدا حبشيا نجارا .
وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اتخذوا السودان ، فإن ثلاثة منهم سادات أهل الجنة لقمان الحكيم ، والنجاشي ، وبلال المؤذن " أخرجه الطبراني ، وابن حيان في الضعفاء ، قال الطبراني أراد الحبشة ، والحكمة التي آتاه الله هي الفقه ، والعقل ، والإصابة في القول وفسر الحكمة من قال بنبوته بالنبوة ، قال ابن عباس : يعني العقل الفهم ، والفطنة في غير نبوة .
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن لقمان الحكيم كان يقول : إن الله إذا استودع شيئا حفظه " وقد ذكر جماعة من أهل الحديث روايات عن جماعة من الصحابة والتابعين تتضمن كلمات من مواعظ لقمان وحكمه .
ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك شيء ، ولا يثبت إسناد صحيح إلى لقمان بشيء منها حتى نقبله ، وقد حكى الله سبحانه من مواعظه لأبنه ما حكاه في هذا الموضع ، وفيه كفاية وما عدا ذلك مما لم يصح فليس في ذكره إلا شغلة للحيز ؛ وقطيعة للوقت ، ولم يكن نبيا ، حتى يكون ما نقل عنه من شرع من قبلنا ، ولا صح إسناد ما روي عنه من الكلمات ، حتى يكون ذكر ذلك من تدوين كلام الحكمة هي ضالة المؤمن .
{ أن اشكر الله } أن هي المفسرة ، لأن في الإيتاء معنى القول ، لأنه تعليم أو وحي ، وقيل : التقدير : قلنا له هذا القول ، وقال الزجاج : التقدير لأن أشكر ، وقيل : بأن أشكر فشكر ، فكان حكيما بشكره والشكر لله الثناء عليه في مقابلة النعمة ، وطاعته فيما أمر به وقيل : الشكر أن لا تعصي الله بنعمه وقيل : أن لا ترى معه شريكا له في نعمه . وقيل : هو الإقرار بالعجز . ورؤية العجز في الكل دليل قبول الكل ، ثم بين سبحانه أن الشكر لا ينتفع به إلا الشاكر فقال :
{ ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه } لأن نفع ذلك وثوابه راجع إليه وفائدته حاصلة له إذ به تستبقي النعمة ، وبسببه يستجلب المزيد من الله سبحانه ، والجملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها ، موجبة لامتثال الأمر { ومن كفر } أي : من جعل كفر النعمة مكان شكرها { فإن الله غني } عن شكره غير محتاج إليه { حميد } مستحق للحمد من خلقه ، لإنعامه عليهم بنعمة التي لا يحاط بقدرها ، ولا يحصر عددها ، وإن لم يحمده أحد ، فإن كل موجود ناطق بحمده بلسان الحال ، قال يحيى بن سلام : غني عن خلقه ، حميد في فعله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.