لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

قوله جل ذكره : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } .

{ الْحِكْمَةَ } الإصابة في العقل والعقد والنطق . ويقال { الْحِكْمَةَ } متابعة الطريق من حيث توفيق الحق لا من حيث هِمةَ النفس . ويقال { الْحِكْمَةَ } ألا تكون تحت سلطان الهوى . ويقال { الْحِكْمَةَ } الكوْن بحكم من له الحكم . ويقال { الْحِكْمَةَ } معرفة قدْر نَفسك حتى لا تمدّ رِجليك خارجاً عن كسائك . ويقال { الْحِكْمَةَ } ألا تستعصي عَلَى مَنْ تعلم أَنك لا تقاومه .

{ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ } : حقيقة الشكر انفراج عين القلب بشهود ملاطفات الرَّبِّ . فهو مقلوب قولهم : كَشَرَتْ عن أنيابها الدايةُ ؛ فيقال شكر وكشر مثل جذَب وَجبذَ .

ويقال الشكرُ تحققكَ بعجزك عن شكره . ويقال الشكر ما به يحصل كمالُ استلذاذ النعمة . ويقال الشكر فضلةٌ تظهر عَلَى اللسان من امتلاء القلب بالسرور ؛ فينطلق بمدح المشكور . ويقال الشكر نعتُ كلّ غنيِّ كما أن الكفرانَ وَصفُ كلِّ لَئيم . ويقال الشكر قرُع باب الزيادة . ويقال الشكر قيد الإنعام . ويقال الشكر قصة يمليها صميم الفؤاد بنشر صحيفة الأفضال . { وَمَن شَكَرَ فإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ }[ النمل : 40 ] . لأنه في صلاحها ونصيبها يسعى .