غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا لُقۡمَٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن يَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٞ} (12)

1

ثم بين فساد اعتقاد أهل الشرك بأنه مخالف أيضا لعقيدة الحكماء الذين يعولون على المعقول الصرف منهم لقمان بن باعوراء ابن أخت أيوب أو ابن خالته أو من أولاد آزر ، عاش ألف سنة وأدرك داود عليه السلام وأخذ منه العلم ، وكان يفتي قبل مبعث داود عليه السلام ، فلما بعث قطع الفتوى فقيل له ؟ فقال : ألا أكتفي إذا كفيت وأكثر الأقاويل أنه كان حكيماً . عن ابن عباس : لقمان لم يكن نبياً ولا ملكاً ولكن كان راعياً أسود فرزقه الله العتق ورضي الله قوله " ووصيته " وحكاها في القرآن . وقيل : خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة . وقال عكرمة والشعبي : كان نبياً . روي أنه دخل على داود عليه السلام وهو يسرد وقد لين الله له الحديد ، فأراد أن يسأله فأدركته الحكمة فسكت ، فلما أتمها لبسها وقال : نعم لبوس الحرب أنت . فقال : الصمت حكمة وقليل فاعله . فقال له داود عليه السلام : بحق ما سميت حكيماً . روي أن مولاه أمره بذبح شاة وبأن يخرج منها أطيب مضغتين فأخرج اللسان والقلب ، ثم أمره بمثل ذلك بعد أيام وأن يخرج أخبث مضغتين فأخرج اللسان والقلب أيضاً فسأله عن ذلك فقال : هما أطيب ما فيها إذا طابا ، وأخبث ما فيها إذا خبثا .

ثم فسر الحكمة بقوله { أن اشكر لله } لأن إيتاء الحكمة في معنى القول . قال العلماء : هذا أمر تكوين أي جعلناه شاكراً فإن أمر التكليف يستوي فيه الجاهل والحكيم ، وفيه تنبيه على أن شكر المعبود الحق رأس كل العبادة وسنام الحكمة وفائدته ترجع إلى العبد لا إلى المعبود فإنه غني عن شكر الشاكرين مستحق للحمد وإن لم يكن على وجه الأرض حامد .

/خ19